فيصل الشريفي


جاء رجل إلى سلمان الفارسي فقال: أوصني، فقال له لا تتكلم. قال: لا يستطيع من عاش في الناس ألا يتكلم. قال: فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت. قال الرجل: زدني فقال له سلمان: لا تغضب. قال: إنه ليغشاني ما لا أملكه. قال: فإن غضبت فأمسك لسانك ويدك.
قال الرجل: زدني. فقال له الفارسي: لا تلابس الناس. قال: لا يستطيع من عاش في الناس ألا يلابسهم، فقال له: فإن لابستهم فاصدق الحديث وأدِ الأمانة. من هذه النصيحة للصحابي سلمان الفارسي يتبين لنا أن موضوع الحديث في شؤون العامة جائز من الناحية الشرعية والأخلاقية لكن بشرط صدق الحديث وحسن النية، وليس الفجور في الخصومة، فقد ورد في الحديث الشريف ldquo;إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصمrdquo; رواه البخاريhellip; ولتمام الصورة أذكركم بقوله تعالى ldquo;ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِrdquo; سورة النحل الآية 125. قضية تداول المشاكل السياسية والاجتماعية في دول مجلس التعاون الخليجي بين مواطني المجلس أمر طبيعي وليس فيها خطوط حمراء ولا يدخل في دائرة التدخل في شؤون الغير، كما يدعي البعض، مادام يدور في فلك التنمية وتعزيز قيمة المواطن، وحقه المشروع في رسم ملامح نوع العلاقة التي تربط أبناء الخليج من خلال المشاركة الشعبية التي لا محيص عنها لإدراك المعادلة الصحيحة المبنية على وضوح الرؤى وتقريب وجهات النظر بين مواطني المجلس.
الساحة الخليجية تتحرك شأنها شأن كل شعوب العالم، والحراك السياسي في الخليج لا يقل عن غيره، وإن اختلفت الوتيرة وتفاوتت من دولة إلى أخرى، والمهم هنا هو إدراك الحكومات وقدرتها على مواكبة الأحداث والمعطيات السياسية على الساحة، والإجابات عن التساؤلات المثارة في الأوساط الخليجية لا تؤخذ من الحاشية المقربة فقط ولا إعلام العين الواحدة، فالمواطن أولى بالاستشارة من خلال دراسة شاملة ومحايدة يحدد فيها مدى الرضا ومستوياته حيال مسار الديمقراطية ونوع الإصلاحات على الصعد كافة (الاقتصادية والتعليمية والصحية والسياسية وغيرها من نواحي التنمية) التي تقوم بها حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بالبحث عن نقاط الضعف والقوة.
ومن القضايا المهمة التي يتعين التركيز عليها مسألة الوحدة الوطنية، وذوبان المواطن في محيطه الخليجي، وعدم إخراجه من تلك الدائرة واتهامه بالولاءات الخارجية عبر أطروحات مذهبية صرفة؛ لسلخه من انتمائه الطبيعي قفزاً على التاريخي والنسيج الاجتماعي لمكونات المجتمع الخليجي، فالشواهد على أصالة وانتماء الشعب الخليجي في ذلك كثيرة ومتعددة.
لقد أنعم الله على دول مجلس التعاون الخليجي بالخير الكثير، ومع هذا هناك مجموعة من المشاكل لم يستطع المجلس حلها وفي مقدمتها عوز كثير من الأسر وارتفاع نسبة البطالة بين شريحة كبيرة من شبابها مع وجود عمالة خارجية تفوق عدد السكان في بعض دول الخليج. هذا التناقض إلى متى يستمر؟ ولمصلحة من؟
ومن المواضيع التي تحتاج إلى تفسير الدعوات المتتالية لانضمام بعض الدول العربية إلى مجلس التعاون الخليجي رغم وجود الجامعة العربية مصحوباً بغياب تام لمبررات وأسباب دخول تلك الدول في المنظومة الخليجية. ودمتم سالمين.