عدنان حسين


الدكتور محمود جبريل رجل محترم جداً.. والدكتور جبريل، لمن يمكن أن يكون قد نسيه، هو رئيس الحكومة الليبية المؤقتة التي تشكلت بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد دكتاتور ليبيا معمر القذافي. وقد استقالت هذه الحكومة فور انتهاء مهمتها المؤقتة بتحرير آخر المدن الليبية من سيطرة القذافي وكتائبه ومرتزقته غداة مقتله.

والدكتور جبريل محترم جداً ليس فقط لأنه نأى بنفسه عن نظام القذافي ورفض في العام الماضي جائزة منه quot;جائزة الفاتح التقديريةquot;، وإنما أيضاً لأنه لم يتهالك على السلطة في العهد الجديد الذي كان أحد صُنّاعه، فلم يشأ أن يتشبث بالكرسي على طريقة سياسيينا (العراقيين) الذين لا يستطيع أيّ منهم المباهاة بان دوراً كان له في إسقاط نظام صدام يشبه، ولو بأدنى مستوى أو نسبة، الدور الذي اضطلع به الدكتور جبريل لإنجاز مهمة إسقاط نظام القذافي التي كانت شاقة للغاية.
الدكتور جبريل كشف لقناة quot;العربيةquot; منذ يومين عن أن زيارته إلى بغداد مطلع الشهر الماضي كانت لهدف واحد هو السعي لدى حكومة بغداد لإطلاق سراح ليبيين معتقلين في العراق. ولمن لا يعرف فان هؤلاء الليبيين البالغ عددهم نحو عشرين شخصاً لم يُعتقلوا لأن جريمتهم الوحيدة أنهم تجاوزوا الحدود العراقية (من سوريا في الغالب) خطأ كما يدعي بعض السلفيين الليبيين الذين ساهموا في تجنيد المئات من الشباب الليبي كإرهابيين في صفوف تنظيم quot;القاعدةquot; وفروعه.
ولمن لا يعرف ولمن قد نسي فان هؤلاء الليبيين لم يكونوا عند لحظات اعتقالهم يحملون باقات الزهور إلى الراقدين في مستشفياتنا من جرحى تفجيرات quot;القاعدةquot; وفلول نظام صدام والميليشيات، أو ينقلون الأغذية والألبسة للنازحين هرباً من القتل الطائفي.. أنهم دخلوا إلى العراق في مهمة محددة هي تفجير العراقيين في أسواقهم وبيوتهم ومستشفياتهم ومساجدهم وكنائسهم ومدارسهم، بالمفخخات والأحزمة الناسفة.
إنهم إذاً قَتَلة مع سبق الإصرار والترصّد، بدليل أنهم قطعوا المسافات الطويلة جداً من ليبيا أو بلدان أخرى، راكبين الطائرات إلى دمشق والسيارات إلى مناطق الحدود العراقية السورية، وعابرين الحدود على أقدامهم، فما حُكم القاتل عن سابق إصرار وترصّد في شتى الشرائع والقوانين؟ انه السجن عشرين سنة في الأقل، وهذا أقل ما يريده العراقيون للقتلة الليبيين الذي جاء الدكتور جبريل يطلب لهم منا السماح والمغفرة.
لا أظن ان نظام ما بعد القذافي الذي لعب الدكتور جبريل دوراً مهماً فيه سيعفو عن المرتزقة الذين قاتلوا في صفوف كتاب القذافي ويُعيدهم إلى دولهم من دون العقاب الذي يستحقون. فلماذا يُراد منّا أن نفعل مع المرتزقة الليبيين ما لن يفعله الثوار الليبيون مع مرتزقة القذافي؟
الليبيون العشرون المعتقلون في العراق مرتزقة سفّاكون، وإطلاقهم سيعني مكافأتهم عن إرهابهم الشنيع، ويعني أيضاً إطلاق أيديهم لمواصلة الإرهاب في بلادهم، ليبيا، أو غيرها، وربما سيعود بعضهم إلى العراق في مهمة قتل quot;جهاديةquot; جديدة.