سمير الحجاوي

وصول المراقبين العرب إلى حمص لم يشكل إضافة نوعية ولا تغييرا على مجريات الأحداث حتى الآن، فآلة قتل نظام بشار الأسد تواصل حصد الأرواح وقتلت في يوم واحد 60 بريئا على الرغم من وجود المراقبين، وهذا يثير تساؤلات عن حقيقة دور المراقبين، وفيما إذا كانوا مجرد شهود زور على ما يجري؟.
لن نستبق الأحداث ولن نصدر أحكاما على عمل بعثة جامعة الدول العربية، ولكن من حقنا أن نشعر بالقلق من قدرتهم على توثيق ما يجري بدقة وأمانة، وإعداد تقارير تعكس حقيقة ما يجري على الأرض، ونقل وجهة النظر الشعبية التي غيبها القمع الدموي للنظام الأسدي البعثي الذي لجا إلى quot;اللف والدورانquot; وقام بتغيير أسماء الأحياء والشوارع في حمص، وأخفى الدبابات في مناطق غير مرئية، وهذا يثير الشكوك فيما إذا كان المراقبون العرب يذهبون إلى الأماكن الصحيحة التي يقتل فيها المدنيين الأبرياء العزل أم يذهبون إلى أماكن أخرى؟.
بعيدا عن التشكيك ننظر إلى الجزء المليء من الكأس، ونمنح المراقبين فرصة القيام بعملهم من دون quot;تشويشquot;، منطلقين من الأمل بان يستخدموا قوتهم القانونية والأخلاقية لوقف حمام الدم في سوريا ولجم النظام عن مواصلة القتل، وهي المهمة التي ستحدد نجاحهم، وغير ذلك فان الأمر لا يعدو عن كونه مشاركة في quot;تراجيديا سوداء داميةquot; لإضاعة الوقت والوقوع في شباك quot;الفهلوةquot; المعروفة للنظام السوري.
أهل حمص كانوا على موعد مع المراقبين واحتشد أكثر من 70 ألف من سكان المدينة التي تحاصرها قوات الأسد وشبيحته، حتى يراهم المراقبون العرب حتى لو كانوا يعانون من quot;ضعف النظرquot;، وهو تجمع لسكان حمص الشجعان الذين تحدوا آلة الموت لنظام الأسد ودباباته وقناصته، وهو التحدي الذي عرفته مصراتة التي علمت العالم معنى الصمود، وعلمت القذافي درسا أن الشعوب لا تهزم مهما بلغت quot;ضريبة الدمquot;، وحمص ليست استثناء، فهي التي تتصدي لقوات الأسد وشبيحته، وهي التي تمسك بزمام ثورة أشعلتها درعا، وهي التي تقود الشعب السوري نحو الخلاص من الحكم البعثي الطائفي الذي افسد البلاد والعباد، وحول سوريا إلى إقطاعية وعزبة للعائلة والأزلام.
quot;الحماصنةquot; صرخوا في وجه المراقبين: ldquo;بدنا حماية دوليةquot; .. وين العالم.. الله يحيي الجيش الحر .. نريد إطلاق المعتقلين.. لقد ذبحونا .. نحن سكان عزل نموت.. الشعب يريد إسقاط النظام .. الشعب يريد محاكمة الرئيس.. الشعب يريد اعدام الرئسquot;، وتحدى احد سكان حمص احد المراقبين أن يقطع الشارع إذا استطاع، إلى ذلك سبيلا، لان رصاصة قناص ستكون بانتظاره لو فعل، وطالبهم بالدخول إلى الأزقة الضيقة في الأحياء ليروا بأعينهم quot;آثار الجريمة الكاملةquot;، وكيف يذبح الأبرياء.
الشعب السوري والشعوب العربية لن تعطي المراقبين العرب quot;شيكا على بياضquot;، فالأمة تريد أن تقرا تقارير شجاعة تعكس الحقيقة ولا شيء سوى الحقيقة، وان يتمتع المراقبون العرب بنفس الشجاعة التي كتب بها غولدستون تقريره عن الحرب الإسرائيلية العدوانية على غزة، واتهمها بارتكاب جرائم حرب، رغم انه يهودي، وهو تاريخ يسجل لصالحه حتى على الرغم من تراجعه بعد ذلك.
دماء الشعب السوري التي يسفكها نظام بشار الأسد وشبيحته أمانه في أعناق المراقبين العرب، فتقاريرهم قد يكون لها الكلمة الفصل في وضع حد لسفك الدماء الزكية البريئة في سوريا، وأي تقاعس من جانبهم سيحاسبون عليه من الشعب السوري والأمة العربية ولن يرحمهم التاريخ الذي يقول دائما ان الشعوب منتصرة على الجلادين والطغاة والقتلة.