منصور الجمري

هناك الكثير مما كتب وقيل عن كراهية العرب والمسلمين للولايات المتحدة الأميركية، وفي الواقع فإن العرب لايكرهون أميركا في مجالات عديدة، ودليل ذلك الشغف بالكثير من ما تنتجه أميركا في مجالات الثقافة والإبداع والسعي للإنجاز المستمر، وتأييد روح المبادرة والشجاعة لدى الأفراد، واحترام الحقوق المدنية للمجتمع (داخل أميركا).

ولكن الكراهية تتركز على السياسة الخارجية الأميركية التي ينظر إليها العرب والمسلمون بأنها منحازة ضدهم استراتيجياً وسياسياً واقتصادياً، كما وقد ارتبط اسم الادارة الأميركية بمساندة الأنظمة ذات النمط الدكتاتوري والاستبدادي في منطقتنا، ويتردد كثيراً أن دفاع أميركا عن حقوق الإنسان والديمقراطية يتوقف عند حدود الدول العربية والإسلامية.

ولاحاجة إلى العودة إلى أحداث كثيرة خلال العقود الماضية، وكيف أن مواقف الإدارة الإميركية ساهمت بصورة مباشرة في إنتاج شعارات شعبية معادية لها (مثل الموت لأميركا)، أو في قيام عدد من الشباب بعمليات إرهابية في 2001 (وبعدها من السنوات) داخل أميركا ذاتها وخارجها.

واليوم لدى الإدارة الأميركية فرصة سانحة لقلب تلك الموجة في جانب مهم منها، عبر تغيير نهجها فيما يتعلق بمساندتها لأساليب الحكم الدكتاتوري والبوليسي في بلداننا، ونأمل أن تباشر في تعديل دورها المتردد بشأن مجريات الأحداث في ثورة مصر. لقد رأينا كيف سارعت الإدارة الأميركية إلى تصحيح التصريحات الأولية التي صدرت عن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي كانت قد صرحت بموقف الإدارة التقليدي فيما يخص التغيير الديمقراطي في منطقتنا. ونأمل فعلاً أن تبرهن أميركا أنها حتى وإن كانت لن تقف مع شعوب المنطقة الساعية إلى تفعيل مبادئ الديمقراطية، كما فعلت مع دول أوروبا الشرقية، فإنها على الأقل لن تميل بصورة ثقيلة ضد التطلعات العادلةلمجتمعاتنا.

الديمقراطية التي تنتجها ثورة مدنية في تونس أو مصر ليس لديها سبب لمعاداة أميركا في حال كانت الإدارة الأميركية ستقف موقفاً ملائماً لشعاراتها ولدستورها الذي يطرح مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولذا فإن عدم وقوف أميركا ضد تطلعات مجتمعاتنا هو السبيل الأفضل للتخلص من ظاهرة الكراهية لأميركا قي منطقتنا المنكوبة سياسياً بسبب الاستبداد الذي لا يُطاق.