القاهرة

استهل سيمون تيسدال مقاله في الغارديان بأن البيت الأبيض يترنح على الحبل المصري المشدود، وقال إن إدارة أوباما التي أخذت على حين غرة من القلق المتصاعد في مصر، تحاول يائسة تفادي أي ظهور علني بأنها منحازة إلى جانب دون الآخر. لكن علاقات واشنطن السياسية والعسكرية الوثيقة والطويلة الأمد بنظام الرئيس حسني مبارك، إضافة إلى الدعم المالي السنوي المقدر بنحو 1.5 مليار دولار، تقوض مزاعمها بالحيادية.
وبينما تؤيد واشنطن إصلاحا سياسيا مصريا من الناحية النظرية، تدعم من الناحية العملية نظاما مستبدا لأسباب عملية تتعلق بمصالحها القومية. وقد سلكت الطريق نفسه مع نظام صدام حسين في ثمانينات القرن الماضي، عندما كان العراق في حرب مع إيران. ولهذا السبب ينظر كثير من المصريين إلى الولايات المتحدة على أنها جزء من المشكلة.
وأشار تيسدال إلى أن الملاحظات الأولى لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون على الاحتجاجات كانت غير متوازنة وغير واقعية بل وحتى حمقاء.
وعلق بأنه وسط هذا الترنح يمكن تأكيد حقيقة واحدة هي أن الولايات المتحدة لن ترحب بسقوط مبارك وتشويش ثورة، وهو ما من شأنه أن يوجد في مصر وما وراءها منطقة غير مستقرة مزمنة. وقد تكون الإصلاحات التدريجية من النوع الذي ناقشته كلينتون في خطابها الأخير في الدوحة عن العالم العربي وانتخابات رئاسية تنافسية في هذا الخريف، هي الوصفة المفضلة لواشنطن.
وختم الكاتب بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى حكومة صديقة في القاهرة أكثر من حاجتها إلى حكومة ديموقراطية. وسواء كانت القضية إسرائيل وفلسطين أو حماس وغزة أو لبنان أو إيران أو أمن موارد النفط الخليجية أو السودان أو انتشار أفكار الأصولية الإسلامية، فإن واشنطن تريد مصر -أكبر الدول العربية سكانا وتأثيرا- في زاويتها، وهذه هي خلاصة القول السياسية والجيوإستراتيجية. وفي هذا المعنى فإن المتظاهرين لا يقاتلون النظام في مصر فقط بل يقاتلونه في واشنطن أيضا.
من جهتها رأت صحيفة الديلي تلغراف انه في الوقت الذي تصارع فيه واشنطن لقبول الأمر الواقع المتغير بسرعة في الشرق الأوسط يدرك الرئيس الأميركي باراك أوباما تماما أنه يجب أن يتعامل مع مصر بحصافة لأن الانحياز إلى جانب دون الآخر له شواهد سيئة في التاريخ.
ومن المواقف التي تضع الولايات المتحدة في مواجهة مع الأحداث في مصر حاليا تصريحات وزيرة الخارجية التي جعلتها أسيرة نزعتين طبيعيتين: تشجيع قوى الديموقراطية، والمحافظة على صديق موال لها ولحلفائها.
وأشارت ديلي تلغراف إلى أن نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن رفض الإيحاء بأن الرئيس المصري حسني مبارك كان دكتاتورا وشكك فيما إذا كانت الجماهير المصرية لها مطالب شرعية فعلا.
وقالت الصحيفة إن ما قيل كان كلاما خطيرا. فالولايات المتحدة تقدم لمصر سنويا معونة عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار، وهذه الأموال تساعد في تمويل جهاز قمعي لا تريد واشنطن الآن أكثر من أي وقت مضى أن تقرن به.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفشل الآن في تأييد الشعب المصري الذي يتحدى رصاص الشرطة وهروبها يمكن أن يمحو مصداقية واشنطن مع جيل من الشباب العربي. ويمكن أن تصير القاهرة -المدينة التي أعلن فيها الرئيس الأميركي عن laquo;بداية جديدةraquo; في العلاقات بين أميركا والعالم الإسلامي- مقبرة لذاك الطموح.
وقالت إن التردد المبالغ فيه مع تطور الأحداث سيمنح الولايات المتحدة وبريطانيا نفوذا أقل في مستقبل أكثر الدول العربية سكانا إذا، أو عندما، يترك مبارك المسرح لما يبشر بأن يكون جمعا مشوشا من الممثلين الذي سيشمل جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى.
وختمت الصحيفة بأن أوباما يتعلم بسرعة من الأحداث والمرجو أن يستوعب الدرس الذي تقدمه مصر والثورات في أماكن أخرى من الشرق الأوسط، وأن الدعم الواضح والثابت للحرية سيخدم أميركا أفضل على المدى الطويل.