خالد المالك
لا يعنيني تنحي الرئيس حسني مبارك عن رئاسة جمهورية مصر العربية فهذا قراره، وهذا خيار الشعب المصري الشقيق، إنه تحول درامي نحو نظام جديد بعد أيام من المحنة التي صاحبها إصرار شعبي هادر على هذا التغيير.
ما يعنيني، ويعني كل محب لمصر وشعبها، وكل حريص على أمنها واستقرارها، هو ما بعد حقبة محمد حسني مبارك التي حافظ كثيراً على التوازن في علاقات مصر بأشقائها ومع دول العالم، ملتزماً بكل ما اتفق عليه سلفه الرئيس أنور السادات من سلام مزعوم مع إسرائيل.
ما يعنيني، ويعني كل حريص على استقرار دولنا ومنطقتنا، ماذا بعد هذا الذي جرى في مصر وأسفر عن تنحي الرئيس المصري عن سدة الحكم بعد أكثر من ثلاثين عاماً من حكمه لأكبر الدول العربية في صورة مفاجئة وسريعة وغير متوقعة أن تأتي نتائجها ومشاهدها سريعة ومثيرة على النحو الذي سارت عليه؟.
ما يعنيني، ويعنيكم جميعاً، ما الذي ستكون عليه الحال في جمهورية مصر العربية، بعد غياب حسني مبارك عن المشهد، وفي ظل هذا التباين الحاد في وجهات النظر بين جموع شعب مصر من مدنيين وعسكريين على ما ينبغي أن تكون عليه صورة مصر في المستقبل.
أخطر ما أخشاه على مصر بتاريخها وعظمتها، ومن المؤكد أن مثل هذا الخوف لن يغيب من ذواكركم، هو أن يستغل أعداء أمتنا هذا الظرف العصيب في اختراق صفوف المصريين المخلصين للحيلولة دون أن تعود أكبر الدول العربية إلى سابق عهدها زعيمة للعرب وقائدة لمسيرتهم في أصعب الحقب التاريخية.
وبالتأكيد فإن ما انتهى إليه الوضع في مصر أخيراً هو خيار شعب مصر لا غيره، وبالتالي فلا اعتراض عليه، لكن الهواجس بما سيؤول إليه الوضع في الشقيقة الكبرى بعد ذلك سيبقى يثير المخاوف، وبالتحديد فيما لو سمح للتدخلات الخارجية بأن ترمي بأوراقها وأفكارها وإملاءاتها للتأثير على التوجهات والسياسات القادمة في ظل نظامها الجديد.
على شباب مصر ورجالاتها، وقد استجاب الرئيس مبارك للنزول عند رغباتهم بالتنحي عن قيادته لهم، أن يفكروا كثيراً بمستقبل بلادهم، وأن يحولوا دون أي تدخل أجنبي في شؤونهم الداخلية، فهذا وقت مهم للتوافق والتفاهم والتسامح لبناء مصر على النحو الذي يستجيب لتطلعات كل المصريين والعرب.
التعليقات