عباس الطرابيلي


الكل‮ ‬يجمع علي‮ ‬أن النظام تعامل مع‮ raquo;‬ثورة التحرير‮laquo; ‬ببطء شديد‮.. ‬وغباء أشد‮.. ‬ربما لأن الشرطة‮ raquo;‬هونت‮laquo; ‬من الدعوة للاعتصام‮ ‬يوم‮ ‬25‮ ‬يناير وكان كلما سأل مسئول كبير عن هذا الاعتصام قيل له ان كل شيء تحت السيطرة‮.. ‬وفوجئ النظام كله بحجم واعداد المتظاهرين‮.. ‬حتي‮ ‬خرجت الاوضاع عن السيطرة‮..‬

ولم‮ ‬يصدق النظام نفسه مما حدث‮.. ‬وكان‮ ‬يتصور أن مجرد بيان‮ ‬يلقيه رئيس الجمهورية علي‮ ‬الشعب‮ ‬يكفي‮ ‬لتهدئة الاوضاع‮.. ‬ولم‮ ‬يحدث،‮ ‬وكان‮ ‬يتوقع ان‮ ‬يكون قرار إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة سوف‮ ‬يرضي‮ ‬هؤلاء المتظاهرين‮.. ‬وكان‮ ‬يري‮ ‬أن تعيين نائب لرئيس الجمهورية سوف‮ ‬يضع حداً‮ ‬للمتظاهرين،‮ ‬خصوصاً‮ ‬أن هذا كان في‮ ‬مقدمة مطالب القوي‮ ‬السياسية‮.. ‬وكان النظام‮ ‬يعتقد أن إقالة احمد عز مهندس تزوير الانتخابات سيلقي‮ ‬ماءً‮ ‬بارداً‮ ‬علي‮ ‬الاحداث الساخنة‮.. ‬أو أن الاعلان عن منع عدد من المسئولين من السفر وتجميد أموالهم في‮ ‬البنوك خطوة طيبة سيقابلها المتظاهرون بالحمد والشكر‮..‬

‮lt;lt; ‬حقاً‮ ‬كان كل ذلك من مطالب الشعب‮.. ‬ولكن الطريقة التي‮ ‬قدم بها النظام لكل ذلك كانت مستفزة‮.. ‬بل تستهين بمشاعر الأمة‮.. ‬فالنظام تعامل مع الشعب بسياسة العصا والجزرة ونظام الجرعة جرعة‮.. ‬أو الخطوة خطوة‮.. ‬النظام اعتقد انه بذلك‮ raquo;‬يجس نبض‮laquo; ‬الثوار‮.. ‬فإن قنعوا بذلك‮.. ‬اكتفي‮ ‬النظام بما قدم‮.. ‬ولكنه فوجئ بأن سقف مطالب الثوار بلا حدود‮..‬

وأشهد أنني‮ ‬كنت في‮ ‬مقدمة الذين طالبوا النظام بالحركة السريعة وقلتها في‮ ‬مقالاتي‮ ‬هنا وفي‮ ‬جريدة الأخبار‮.. ‬بل طالبت رئيس الجمهورية وبعد أقل من‮ ‬48‮ ‬ساعة من بدء الاحداث،‮ ‬ان‮ ‬يتحدث للشعب وان‮ ‬يقول له ما‮ ‬يفكر فيه‮.. ‬بل وان‮ ‬يستجيب لمطالب الثوار‮.. ‬وقلت ذلك في‮ ‬كل حواراتي‮ ‬مع مختلف المحطات أو القنوات التليفزيونية‮.. ‬إلي‮ ‬أن تراكمت الاحداث‮.. ‬واشتد عود المتظاهرين‮.. ‬بعد أن عرفوا مدي‮ ‬القوة التي‮ ‬حصلوا عليها لنا جميعا‮.. ‬وللشعب نفسه‮..‬

‮lt;lt; ‬ماذا لو كان النظام‮ - ‬بعد أن عرف مدي‮ ‬قوة المتظاهرين ومدي‮ ‬دعم الشعب،‮ ‬كل الشعب لهم‮ - ‬ماذا لو كان قد رد علي‮ ‬الأمة من خلال الاستجابة لكل هذه المطالب الشعبية‮.. ‬مرة واحدة‮.. ‬ماذا لو اعلن الرئيس‮ - ‬في‮ ‬بيانه الاول‮ - ‬تعيين نائب له واقالة الحكومة وعزل احمد عز رمز الفساد وتشكيل حكومة‮ ‬يرضي‮ ‬عنها الشعب‮.. ‬وقبوله مبدأ تعديل الدستور‮.. ‬ثم مساءلة ومحاسبة،‮ ‬بل محاكمة المسئولين عن جريمة‮ ‬يوم الاربعاء الأسود‮ - ‬الذي‮ ‬سيظل سبة في‮ ‬جبين النظام كله إلي‮ ‬الأبد‮.. ‬وترويع النساء والاطفال في‮ ‬بيوتهم ومساكنهم‮.. ‬رغم أن السكن هو من السكينة‮.. ‬وهو ما افتقده الناس لعدة أيام طويلة مريرة‮..‬

‮lt;lt; ‬لو كان الرئيس قد فعل ذلك وبالتفصيل في‮ ‬بيانه الأول لتغير الوضع تماماً‮.. ‬وربما توقفت الاحداث عند هذا الحد‮..‬

ولكن بطء الاجراءات تسبب في‮ ‬تصاعد الاحداث‮.. ‬بل وفي‮ ‬تزايد مطالب الثوار‮.. ‬فقد تيقن الثوار من انهم كلما ضغطوا اكثر سيحصلون علي‮ ‬حقوق أو مكاسب اكبر‮ .. ‬وهذا هو ما‮ ‬يحدث الآن‮..‬

وجاء البيان الثالث للقوات المسلحة قبيل لحظات قليلة من إقامة صلاة الجمعة وكأن هناك من‮ ‬يهزأ بعقول الثوار‮.. ‬فالهدف من هذا التوقيت واضح وهو محاولة اقناع الناس بعدم التصعيد بعد هذه الصلاة‮.. ‬خصوصاً‮ ‬أن النظام كان‮ ‬يخشي‮ ‬ما‮ ‬يمكن ان‮ ‬يحدث عقب صلاة الجمعة هذه‮..‬

‮lt;lt; ‬ورغم ما في‮ ‬بيان القوات المسلحة الثالث من ايجابيات عديدة ابرزها أن القوات المسلحة المصرية تقدم نفسها كضامن لتنفيذ ما وعد به النظام أو ما اعلنه النظام،‮ ‬خصوصاً‮ ‬نقطة عدم ملاحقة النظام للمتظاهرين أو للثوار،‮ ‬بعد أن‮ ‬يعودوا إلي‮ ‬بيوتهم‮ .. ‬لأن الثقة اصبحت مفقودة تماماً‮ ‬بينهم وبين النظام‮.. ‬فكثيراً‮ ‬ما وعد النظام ثم أخلف‮.. ‬

وأيضا ما جاء في‮ ‬البيان الثالث من إلغاء قانون الطوارئ بعد أن تهدأ الأوضاع‮.. ‬وهذا القانون سيف مسلط علي‮ ‬رقاب الشعب كله منذ مصرع الرئيس أنور السادات أي‮ ‬منذ‮ ‬30‮ ‬عاماً‮.. ‬وخصوصاً‮ ‬أيضا وان ذلك كان مطلباً‮ ‬شعبياً‮ ‬ملحاً‮ ‬للشعب كله‮.. ‬وخصوصاً‮ ‬ان هذا القانون لم‮ ‬يمنع إرهاباً‮ ‬ولكن بات سيفاً‮ ‬فوق الرقاب‮.. ‬وهناك كانت أوامر وأوراق تسمح باعتقال اي‮ ‬مواطن،‮ ‬جاهزة‮.. ‬وموقعة علي‮ ‬بياض وموجودة تحت أيدي‮ ‬مأموري‮ ‬أقسام الشرطة‮..‬

‮lt;lt; ‬حقاً‮ ‬سياسة العصا والجزرة‮.. ‬وسياسة الجرعات هي‮ ‬التي‮ ‬قضت علي‮ ‬النظام،‮ ‬وهذا طبعاً‮ ‬مع الفساد الذي‮ ‬ينهش في‮ ‬جسد الوطن‮..‬

ومصر الآن كلها تدفع ثمن هذه السياسات والاجراءات البطيئة‮ .. ‬بل واعطت الثوار الشعور بأنهم أصبحوا اصحاب السلطة في‮ ‬البلاد‮..‬

وكان تزوير الانتخابات القشة التي‮ ‬قصمت ظهر النظام‮.. ‬وكان بطء اعلان اجراءات الاصلاح اللطمة الأخيرة‮.. ‬أو المسمار الأخير في‮ ‬نعش النظام‮.‬