هل كانت إقالة أم تنحيّا.. وإحباط مؤامرة لاستمرار مبارك.. و'خناقة' بين علاء وجمال كادت تتحول لاشتباكات بالأيدي

القاهرة - حسنين كروم



لا تزال ثورة الشعب هي المسيطرة على كل صفحات الصحف المصرية الصادرة يومي السبت والأحد والفرحة الغامرة التي اجتاحت مصر من اقصاها الى أدناها، بعد ثوان فقط من انتهاء نائب الرئيس عمر سليمان من إلقاء بيانه عن تخلي مبارك عن منصبه وتفويض المجلس الأعلى العسكري إدارة شؤون البلاد، وكنت وأنا استمع للبيان قد سمعت زغرودة صادرة من الغرفة الأخرى، واتضح انها لحرمنا المصون التي جاءت وهي تبكي وتقول: خلاص مشي.
وكانت المسكينة تتحدث في الهاتف مع صديقة لها، ففوجئت بها تزغرد، وأخبرتها ان كل البنات والنساء في الشارع يطلقن الزغاريد لتنحي مبارك وأغلقت الهاتف، فزغرت أم الأولاد وجدة الأحفاد، وانطلقت السيارات في الشوارع حاملة الأعلام، وتضرب الكلاكسات، وكأنها تقول بيب، بيب، ثورة، ونزل عشرات الملايين في الشوارع في كل مدينة،من رجال ونساء وفتيات وشباب وأطفال، ولم تقع حادثة تخريب أو سرقة واحدة، وانخفض سعر البترول وارتفعت أسهم البورصة، ومنع رئيس الوزراء السابق والعادلي ووزير الإعلام أنس الفقي من السفر، والإعلان عن ظهور استاذنا الكبير محمد حسنين هيكل وزميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى في التليفزيون الحكومي مساء الأحد مع زميلنا وصديقنا مقدم البرامج اللامع محمود سعد، وسبحان ربك مغير الأحوال، ومواصلة التليفزيون والصحف الحكومية شن اعنف الحملات ضد عهد مبارك، واستمرار حالات الفرار على طريقة أنج سعد، فقد هلك سعيد، التي يمارسها عدد كبير من زملائنا وأصدقائنا من أنصار النظام عملا بنصيحة اثنين، أحدهما قال لزميله، الجري نص الجدعنة، فرد عليه بل كله جدعنة، وعقد ائتلاف شباب ثورة 25 يناير مؤتمرا في نقابة الصحافيين، مع خمسين شخصية عامة من بينهم الدكتور البرادعي، والدكتور محمد البلتاجي من الإخوان المسلمين - المحظورة سابقا - وأيمن نور وحمدين صباحي والدكتور أسامة الغزالي حرب، وتقدموا بمطالبهم من المجلس العسكري. وإلى شيء من أشياء عندنا:


إقالة أم تنح.. وسر عبارة والله
الموفق المستعان في بيان عمر سليمان؟

ونبدأ بإعلان عمر سليمان نائب الرئيس مساء يوم الجمعة لبيان صادر عن رئاسة الجمهورية بتنحي الرئيس مبارك عن منصبه، ونصه: 'بسم الله الرحمن الرحيم، أيها المواطنون، في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد، قرر الرئيس محمد حسني مبارك، تخليه عن منصب رئيس الجمهورية، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد، والله الموفق والمستعان'.
وكانت تعبيرات وجه عمر سليمان وهو يلقي البيان القصير جدا، جدا، تشي عن حزن كبير، يصعب عدم معرفة باعثه الحقيقي، هل على الرئيس بحكم الصداقة الطويلة، وهذا عنصر إنساني، أم لخطورة الوضع الذي قد تنزله إليه البلاد بعد ساعات، أم لأن كل تقديرات السلطة عن عزم وصلابة الناس على الإطاحة بالرئيس كانت غير واقعية ولم تتنبأ بحجم الكراهية والغضب نحو الرئيس، الله أعلم. وبعد أن أذاع عمر سليمان البيان، تلاه البيان الثالث من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونصه: 'أيها المواطنون، في هذه اللحظة الفارقة في تاريخ مصر، وبصدور قرار السيد الرئيس محمد حسني مبارك بالتخلي، عن منصب رئيس الجمهورية، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، ونحن نعلم جميعا مدى جسامة هذا الأمر وخطورته أمام شعبنا العظيم في كل مكان لإحداث تغييرات جذرية، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يتدارس هذا الأمر مستعينا بالله، سبحانه وتعالى للوصول إلى تحقيق آمال شعبنا العظيم وسيصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاحقا بيانات تحدد الخطوات والإجراءات والتدابير التي ستتبع، مؤكدا في الوقت نفسه انه ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، ويتقدم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بكل التحية والتقدير للسيد الرئيس محمد حسني مبارك على ما قدم في مسيرة العمل الوطني حربا وسلما، وعلى موقفه الوطني في تفضيل المصلحة العليا للوطن، وفي هذا الصدد فإن المجلس الأعلى للقوات يتوجه بكل التحية والإعتزاز لأرواح الشهداء - تحية عسكرية، الذين ضحوا بأرواحهم فداء لحرية وأمن بلادهم ولكل أفراد شعبنا العظيم، والله الموفق والمستعان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل كان الجيش وراء الخلع؟

والسؤال المطروح، هل فعلا الرئيس تخلى برغبته عن منصبه، أم أن الجيش قام بإقالته بطريقة غير مباشرة، بأن طلب من سليمان إذاعة البيان لإنهاء الموقف، بعد أن رفض الرئيس طلب الجيش بالتخلي طواعية عن منصبه، منعا لكارثة وشيكة ستقع بعد ساعات؟
هذا احتمال كبير، لأنه ليس مصادفة أن ينتهي البيانان، بيان سليمان وبيان المجلس بنفس العبارة وهي - 'والله الموفق المستعان'- بما يعني أن جهة إصدار البيانين واحدة، وهي المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على الرغم من البيان الثاني الصادر قبل ظهر نفس اليوم، كان يحمل تعهدا بتنفيذ ما أعلنه الرئيس، بعد أن فوجىء به لا يعلن في خطاب مساء الخميس عن تنحيه، ويبدو أنه كان هناك اتفاق على ان يعلن ذلك، لمنع الزحف الذي ستقوم به الملايين نحو القصر الجمهوري، ومحاصرة المزيد من مؤسسات الدولة، في جميع المحافظات، وكانت المخاوف تتركز من محاصرة قصر القبة.
واحتمال محاولة الجماهير اقتحام القصر، واشتباكهم مع قوات الحرس الجمهوري، وقد احتاط الجيش لذلك، بأن ارسل قوات أقامت ألاسلاك الشائكة، ووقفت بعض القوات أمامها، لتكون حائلا بين الجماهير واقتحام القصر والاشتباك مع الحرس، مما كان سينذر بكارثة لا يعلم الله إلا مداها، على الرغم من انه لم تكن هناك نية لعملية الاقتحام، وانما محاصرة القصر والمبيت أمامه، ولكن من يضمن عدم انفلات الأعصاب؟

ترتيبات لمقربين من مبارك لتوريط الجيش

وكان هناك إحساس، أو معلومات، بأن الرئيس، أو بعض ممن حوله يرتبون لتوريط الجيش في معارك مع الناس، ويرتبون أيضا للانفلات على كل ما تعهد به الرئيس، ومنه عدم الترشح لفترة رئاسية أخرى، والخطة بسيطة، وهي إقناع المتواجدين في الميادين والذين يخرجون يوميا في المظاهرات بالانصراف، توقعا للتنفيذ التدريجي، للإصلاحات، وفي هذه الأثناء يتم عزل أحزاب المعارضة عن مجموعات الشباب، وإثارة الفرقة بين هذه المجموعات وتفتيتها، وتنشيط الحزب الوطني بوجوه جديدة، وقبل بدء انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، يتم إخراج مظاهرات ضخمة، تطالب الرئيس، مبارك بالترشح، ثم يعلن انه لا يستطيع رفض مطالب الشعب، هذا سيناريو، تم التفكير فيه، بل والاستعداد له، لأنه لوحظ أن الرئيس لم يعلن تخليه عن رئاسة الحزب، بالإضافة الى تعمده الاجتماع مع نائبه ومع رئيس الوزراء، ومتابعة تكليفاته لهما، وهو ما يعطي إشارات واضحة لأنصاره وفي الأجهزة الحكومية - بأنه مازال قادرا - وعليهم الثبات.
الجيش لم يكن مستريحا لمحاولات مبارك المستمرة الإعلان عن انه يتابع تنفيذ الإصلاحات التي تعهد بها، وكان قادته يحسون أيضا بالإحراج من أن يطلبوا منه التوقف عن ذلك، أولا لأنه قائدهم، وهو الذي اختارهم وبسبب الصداقة، وكذلك لأن الجيش لا يريد التدخل في السياسة، ولكن تراث الجيش الوطني والتصاقه بالشعب، وتأكده أن كراهيته للنظام انفجرت فعلا هي عوامل مهمة.
كما أن الجيش كان معارضا - وأن لم يعلن طبعا - لمحاولة توريثه الحكم لابنه جمال، وأصبح الجيش حائرا، بين مؤامرات المحيطين بالرئيس التي لا تتوقف.
وعناد الرئيس الذي بات لا يحتمل خاصة في هذه الظروف، وبين شعب كامل أصبح أكثر عنادا من الرئيس وتصميما على كسر عناده مهما كان الثمن، وخلعه من منصبه مهما كان الثمن، وحرمانه من التمتع بالمنصب ولو بشكل شرفي لسبعة أشهر أخرى، ولذلك كان على الجيش أن يتحرك، بأن يختار جانب الشعب، وفي نفس الوقت لا يجرح كرامة قائده الأعلى، وهو ما تحقق في البيان الثالث.
ومرة أخرى، كل شيء سوف ينكشف عن التحركات والمحادثات المحمومة التي حدثت من ظهر يوم الجمعة إلى ليلها.

مشادة بالقصر الجمهوري بين نجلي الرئيس

وان كانت 'الأخبار' قد نشرت أمس - الأحد - ما اعتبرته سرا حصلت عليه، وكتبه زميلنا محمد علي خير، ونصه: 'علمت 'الأخبار' أن خلافا حادا قد نشب الخميس الماضي داخل القصر الرئاسي بين نجلي الرئيس عقب تسجيل مبارك لخطابه، حيث احتد علاء مبارك على شقيقه جمال واتهمه بأنه كان السبب الرئيسي لما جرى في مصر من أحداث أجبرت والدهما على أن يظهر في تلك الصورة والنهاية التي لا تليق به، واشتدت حدة الخلاف بينهما وسمعها كل من كان داخل قصر الرئاسة، وتدخلت بعض الشخصيات الكبرى في الدولة التي كانت حاضرة أثناء تسجيل الرئيس لخطابه.
وقال علاء لجمال: لقد أفسدت البلد عندما فتحت الطريق أمام أصحابك وهذه هي النتيجة بدلا من أن يتم تكريم أبيك في نهاية حياته ساعدت على تشويه صورته على هذا النحو.
وكاد أن يحدث اشتباك بينهما بالأيدي، وقد زاد انفعال علاء بعد ان استمع لكلمة والده الى الشعب 'أثناء تسجيلها' خاصة ان الرئيس مبارك كان قد أشار في تسجيله الأول 'الذي لم يذع' أنه سوف ينقل سلطاته المدنية الى نائبه اللواء عمر سليمان وسلطاته العسكرية الى القوات المسلحة، وهذا ما كانت تعلمه الإدارة الأمريكية، لكن جرى إعادة تسجيل كلمة الرئيس ثانية، وقد اتضح ذلك للمشاهدين حيث ظهرت عملية مونتاج لكلمة الرئيس وكان السبب في ذلك أن مبارك قد أجرى تسجيل كلمته الأولى لكن جرى تعديل عليها وتغيير في مضمونها فظهرت عملية المونتاج، وظهر الخطاب الثالث للرئيس يحمل معنى مغايرا لما عرفته العواصم العالمية والتي كانت قد نقلت لوسائل إعلامية كبرى خبرا عن تنحي الرئيس المصري الليلة، لكن فوجئت عواصم عالمية كبرى باختلاف ما جرى إذاعته على لسان الرئيس بما قد وصلها، ولعل ذلك قد جرى في إشارة الرئيس مبارك في كلمته الى رفضه للإملاءات الخارجية، في إشارة منه الى تسريبات بعض أركان الإدارة الأمريكية لوسائل الإعلام العالمية.

كواليس تغيير مبارك للحكومة

من جهة أخرى فقد علمت أن الرئيس ومنذ بداية الأزمة كان يجري بعض الاتصالات ببعض الشخصيات في مصر التي عملت معه في السابق ومن بينها شخصية مصرية تتولى منصبا عربيا رفيعا، وتلك الشخصية رفضت تولي وزير التجارة السابق رشيد محمد رشيد رئاسة الوزراء بعد ان عرفت نية الرئيس في مساء جمعة الغضب إقالة الحكومة وتعيين رشيد رئيسا للوزراء، وقد نقلت تلك الشخصية لمبارك عن ثورة الرأي العام على حكومة نظيف وتحديدا وزراء رجال الأعمال بها وأضافت: أن الظروف الحالية 'وقتها' تتطلب أن تتولى رئاسة الحكومة شخصية عسكرية بما تتسم به من حزم فجرى اختيار الفريق أحمد شفيق رئيسا للوزراء'.
وفي الحقيقة فانني نشرت الرواية كاملة، رغم ان هناك تحفظات عليها: اللهم إلا إذا كانت هناك عملية تسريب حقيقية تمت.

موجات من الحقد على الرئيس المخلوع مبارك

وإلى أبرز ما تم نشره عن الرئيس السابق حسني مبارك، حيث واصلت موجات الحقد عليه ارتفاعها، مع توالي الأخبار والمعلومات عن أمواله وأسرته في الخارج، وخاصة بعد الإعلان في سويسرا أن قرارا صدر بتجميد أصول وأموال مبارك ومعاونيه المفترضة، أي إذا كانت موجودة، وكذلك ما يتم نشره من ثروات رجال نظامه، بالإضافة إلى توالي نشر صور شهداء الثورة، ذلك كله ملأ قلوب الجميع بالكراهية والحقد، فخاطبه يوم السبت زميلنا بـ'المصري اليوم' أحمد الصاوي قائلا: 'السيد الرئيس المخلوع، يحز في نفسي ما فعلته ببني وطني خلال ثلاثين عاما هي عمر حكمك، ومدة تصدرك المشهد، يحز في نفسي انك تدعي انك لم تكن يوما طالب سلطة، بينما أنت تقبض عليها منذ ثلاثين عاما، ولم تفكر أن تغادرها، قلت في البدء انك ستمضي دورتين وتمضي، لكنك واصلت البقاء، ولم تعلن نيتك مغادرة السلطة طواعية واختيارا، وانما انصياعا لإرادة شعب عظيم لم يعد يرضى بغير رحيلك بديلا، يحز في نفسي أن تظل تتحدث عن خدماتك للوطن وكأنك وحدك حاربت وناضلت وجلبت النصر، فيما كان وراء كل ذلك شعب عظيم وقوات مسلحة باسلة كنت أحد أفرادها'.

ألا تعلم يا ريس ماذا فعل رجالك بمصر؟

وفي أعقابه مباشرة، صرخت زميلتنا سحر الجعارة في الفجر قائلة: 'إن كان الرئيس 'مبارك' يعلم بما فعله رجاله بمصر فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم! أغلب الظن أنه كان يعلم لكنه أذعن لضرورات توريث نجله الحكم، فكانت النتيجة أن الشعب يحاسبه الآن على كل تجاوزات رجال حكمه، وثرواتهم الحرام وينادون برحيله عن الحكم حتى بعد إغلاق ملف التوريث، أنا لا أصدق أن تقارير المخابرات كانت تحجب عن الرئيس، حرصا على صحته وأعصابه، فذلك جرم لا يغتفر، كيف يحكمنا قائد معزول عن شعبه محاصر بأكاذيب الحاشية، تفرض عليه السيدة الأولى سوزان مبارك تصعيد نجله 'جمال' وتحول دون تعيين نائب له، من الذي كان يحكم مصر خلال السنوات العشر الأخيرة؟ 'الوريث' والسيدة الأولى' أم الرئيس 'مبارك'؟، وكيف نحاكم وزراء الحكومة السابقة على ثرواتهم الحرام دون أن ننظر لثروة عائلة 'مبارك'؟ هل يسمع الرئيس حسني مبارك' الآن هتاف الملايين: ارحل؟ ألا يزال يعتقد أن رجاله الذين يستجمعون قوتهم مجددا، ويتحايلون على مطالب الشارع قادرون على حماية نظامه ولو لستة أشهر؟ ألا يرى أنهم يدافعون عن أنفسهم، عن مصالحهم ولا يدافعون عنه؟!
هؤلاء الرجال لا يدافعون عن كرامة الرئيس أو تاريخه العسكري، إنهم يرون فرقا بين 'الرئيس السابق' والرئيس المخلوع إلا ملاحقتهم ومصادرة ثرواتهم الحرام، ولكن شرعية الثورة ستلاحقهم أياً ما كانت المسميات'.

أول موظف يترك منصبه بعد أن تجاوز الثمانين!

وكان زميلنا في 'الوفد' مصطفى شفيق ينتظر على أحر من الجمر أن تنتهي سحر من كلامها، حتى ينفس عن كبته بالقول 'شامتا' وساخرا: 'وانحنى النظام لإرادة الشعب، وقدم حسني مبارك رئيس الجمهورية السابق استقالته من وظيفته وهو أول موظف يترك منصبه بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، لم ننكر عليك انك شاركت في الحروب، ولطالما طربت أنت لكلمات وأغنيات اختصرت نصر أكتوبر الذي صنعته أمة فيما صنعته أنت، نعلم انك لم تكن طالب سلطة، فلم تحكمنا إلا ثلاثين عاما فقط، لم نمكنك خلالها من تحقيق الديمقراطية، ولم نمهلك من الوقت للوصول بالبلاد والعباد إلى الرخاء، تطالبنا بالذهاب الى المنتجعات والقصور، ونتمسك نحن بالحياة بين الأموات في القبور، وآثرت أن تخاطبنا من هناك، بينما نحن نعيش هنا تحت خط الفقر الذي لا تراه'.

البلد سابت ولابد من الخروج من المأزق

وانتقلت موجة الهجوم إلى 'الجمهورية' الحكومية في ذات اليوم، فقال زميلنا فهمي عنبة: 'البلد سابت ولابد من الخروج من المأزق الذي وضعنا فيه الرئيس مبارك، أولا بتأخيره طويلا في اتخاذ القرارات والمواقف كعادته، وثانيا بعناده المعروف عنه طوال سنوات حكمه، وأنه لا يحقق أبدا أمنية لشعبه، فجميع الوزراء الذي كرههم الشعب كان يبقي عليهم، ومن أحبهم الناس يبعدهم وكأنه يريد تعذيبنا'.
لكن أعنف هجوم ضد مبارك في 'الجمهورية' كان في كلمتها بالصفحة الأولى، بعنوان سبعون مليارا - قالت فيه: 'لم يكن أحد يصدق ان الرئيس مبارك يملك وعائلته سبعين مليارا ، لم يظهر اسمه أبدا في قوائم المليونيرات أو الأكثر ثراء في العالم، ربما يكون ما ذكرته الغارديان تشويها وافتراء على سمعته خصوصا أن الصحيفة البريطانية لم تكشف عن مصادرها، وسواء كان الرقم حقيقيا أو مبالغا فيه، أو كاذبا، فقد انتهت شعبية الرئيس التي قامت في الأساس على انه نصير محدودي الدخل والفقراء، وبطل العدالة الاجتماعية، تحطمت هذه الصورة، والآن يطالب الشعب بمعرفة من أين حصل هؤلاء على ثرواتهم وملياراتهم؟ وهل كنا نعيش في دولة مؤسسات أم في مغارة علي بابا؟ وهل هناك أموال أخرى في المغارة لم نعرفها بعد؟'.

'أخبار اليوم' تشيد
بثورة الشباب وبمبارك

ولكن زميلنا ممتاز القط رئيس تحرير 'أخبار اليوم' أخذ يشيد بثورة الشباب، لكنه أشاد ايضا بمبارك قائلا عنه: 'مبارك الذي ندعو له بالصحة وطول العمر بعد أن ترك منصبه، لا أعتقد انه اليوم في حاجة لأن نتحدث عنه، وعما قدمه لبلاده، سوف يصبح بما له، وما عليه جزءا من تاريخ بطولات مصر التي نفخر بها جميعا، حقه علينا كرمز كبير من رموز أكتوبر، ترك مبارك موقعه كرئيس لمصر بعد سنوات خدمة شاقة، من حقنا جميعا أن نفخر بها ضمن بطولات تاريخنا الذي يحاولون اليوم ليس الطعن فيه، ولكن اجتثاثه من جذوره'.

معارك الإعلاميين والفنانين على الفضائيات

وإلى المعارك الأخرى التي اشتعلت في الوسط الإعلامي، كرد فعل للحملات الإعلامية التي شنها المرتبطون بالنظام والحزب الوطني الذي كان حاكما، سواء في الصحف أو التليفزيون الحكومي، أو في قناة المحور الخاصة المملوكة لرجل الأعمال وعضو أمانة السياسات حسن راتب، ونبدأ مع زميلنا وصديقنا بـ'الجمهورية' محمد العزبي، الذي سيطر عليه القرف والغضب وهو يقول يوم الثلاثاء: 'حكايات ولا جيمس بوند، لا يصدقها عقل، ومع ذلك ربما استكمالا للحلقات استشهد الإعلام الحكومي ومسؤولون كبار مثل الدكتور فتحي سرور بهذا الكلام غير المعقول!
تابعت 'هناء سمري' و'سيد علي' الحدوتة بشغف واهتمام وتصديق واستنكار ومصمصة شفاه، يفخران بأنهما يقدمان انفرادات متوالية في برنامجهما 48 ساعة الذي كان ليومين في الأسبوع فأصبح كل يوم خدمة للمشاهدين والأحداث، والهدف!
لم اصدق ما تعرضه شاشة قناة المحور خصوصا وأن برامج أخرى على نفس القناة تبدو مريبة في نواياها، شارك فيها الدكتور حسن راتب صاحب المحطة بشخصه، حتى ظهر بلال فضل الذي كشف لنا السر بما يملك من مواهب متعددة، قال في مداخلة مع برنامج 'العاشرة مساء' انه عرف صوت 'البنت الخفية' وهي صحافية تخصصت في 'فبركة' التحقيقات الصحافية واشتهرت بذلك بين زملائها، وهي تعمل في جريدة يصدرها صحافي حكومي كبير عمل سابقا رئيسا لمجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة قومية.
تساءل بلال فضل هل تواطأت 'المحور' أو وقعت ضحية خداع؟! آخر الحكاية أن الصحافي المقصود 'سمير رجب' رئيس تحرير جريدة '24 ساعة' خرج ببيان يعلن فيه وقف الصحافية التي أعلن اسمها عن العمل وأبلغ نقابة الصحافيين بذلك لأنها أساءت إلى الجريدة عندما ادعت انها تدربت على يد أمريكيين وإسرائيليين وقطريين حول كيفية قلب نظام الحكم في مصر.
اعترفت الفتاة بما فعلت بأنها كذبت وبأنها اتفقت مع معد البرنامج على ما قالته! من الذي يخون وطنه وشرف مهنته؟ لحساب من يعملون؟ أليسوا كتيبة مناصرة لأصحاب موقعة 'الجمل' الذين هاجموا ميدان التحرير بمختلف أنواع البعير حتى أن حمارا لم يشأ أن يتخلف عن الاشتراك في الحملة المسلحة بالكرابيج والعصي؟'.

ليس هذا وقت السيد أنس الفقي

وفي نفس اليوم، الثلاثاء - ساهم زميلنا في 'المصري اليوم' محمد البرغوثي بنصيب في الحملة ضد إعلام الحكومة والحزب الوطني بقوله: 'ليس هذا وقت السيد أنس الفقي، وزير الإعلام الذي أثبت أنه يمتلك كفاءة مذهلة في التحريض على القتل وسفك الدماء وتلفيق التهم، وليس هذا وقت الأخ عبداللطيف المناوي، رئيس مركز أخبار مصر بشبكة قنوات التليفزيون المصري، الذي يتقاضى راتبا ضخما نظير تحويل التليفزيون المملوك للشعب إلى وسيلة غبية لبث الأكاذيب والجهالة والانحطاط المهني.
ليس هذا وقتهما، ولا وقت مذيعي ومذيعات تليفزيون الدولة الذين اقترفوا جرائم مهنية مروعة، وأذاعوا على المواطنين في بيوتهم، حكايات يعرفون أنها ملفقة وكاذبة، فهؤلاء جميعا أصبحوا قاب قوس واحد من المساءلة القانونية والملاحقة القضائية، ولن ننتظر كثيرا لنراهم وقد باع كل منهم صاحبه وصاحبته، وأنكر كبيرهم صغيرهمو وتنصلوا جميعا من المسؤولية، بل إني أنتظر اللحظة التي سيحاول فيها الأخ 'المناول' القفز من سفينة النظام الغارقة بالانقلاب على وزيره السيد أنس الفقي، وليس بعيدا أن تتنصل منه الأجهزة الأمنية التي أوكلت إليه مهمة تعذيبنا برسائل إعلامية مجهولة وإجرامية، حتى تعود من مخبئها الغامض لتواصل رسالتها الفاحشة في التلفيق والتعذيب ووأد الانتماء في قلوب المواطنين'.

'الأهرام المسائي': الوقت
حان كي يتطهر من ارتكبوا أخطاء

ويوم الخميس شن زميلنا وصديقنا في 'الجمهورية' رياض سيف النصر هجوما ضد زميلنا طارق حسن قائلا عنه: 'لم يتعاطف الشباب المشارك في برنامج 'مصر النهاردة' مساء الأحد الماضي، مع مطالبة الزميل طارق حسن رئيس التحرير بأن الوقت قد حان لكي يتطهر كل الذين ارتكبوا أخطاء جسيمة في حق الوطن، وهو واحد منهم.
كان طارق يحاول أن يتغلب على عباراته، وهو يتحدث عن خطايا حزبه، ويدعو إلى الاعتراف بها كمقدمة لأحداث التغيير، ولكن الدعوة لم تجد استجابة من الشباب الغاضب، واعتبروها محاولة للقفز على انجازاتهم.
الشباب الغاضب لا يرفض الاستجابة للزميل طارق وحده، انما لكل من تلوثت يداه بالإساءة إليهم، وتشويه ثورتهم، التي أريقت دماء الشهداء من أجل إنجاحها'.

لماذا انتقدت الثورة يا حسن يوسف؟

ومازال هناك الكثير من هذه النوعية من المعارك التي سنفرج عنها تدريجيا، حتى نجد اليوم مساحة لمعارك خاصة بالفنانين، إذ قام زميلنا وصديقنا بمجلة 'الإذاعة والتليفزيون' محمد الغيطي بمهاجمة الفنان حسن يوسف بقوله عنه في 'الوفد' يوم الاثنين الماضي: 'الأخ حسن يوسف الذي استشيخ على كبر فظهر في كل الفضائيات منتقدا ثورة الشباب ومطالبا بعودتهم لمنازلهم لأن ده عيب ولأن مبارك أبوهم ثم المستفز، أنه أخذ يمدح في اللواء حبيب العادلي قائلا انه من أكثر الضباط وطنية، وانه حمى مصر من الإرهاب قال هذا الأخ الفنان العجوز المسطح المستفز وهو يعلم ان اللواء الوطني امر بإطلاق الرصاص الحي في صدر شباب مصر.
يا أخي حرام عليك، هذه شهادة 'زور' ستحاسب عليها يا شيخ حسن أما بقية المشاهير من أعداء ثورة الشباب فمنهم غادة عبدالرازق وعفاف شعيب وزينة وسماح أنور وشمس البارودي وحسام حسن وشقيقه وحسن شحاتة وأبو تريكة وجميعهم أبدوا رفضهم للثورة وذهبوا في مواكب الحزب الوطني في مشاهد مثيرة للضحك'.
لا، لا، قد يغفر لحسن يوسف، أداؤه شخصية الشيخ الشعراوي في مسلسله الشهير، كما انه قد يكون اتخذ هذا الموقف تضامنا مع غادة عبدالرازق لأنه كان أحد أزواجها في مسلسل 'زهرة وأزواجها الخمسة'.

فيفي عبده طالبت الشباب بالصبر

ونظل مع الفنانين المؤيدين للنظام والحزب الوطني، ومنهم فيفي عبده وتمورة، حيث قال عنهما يوم الجمعة زميلنا وصديقنا في 'الوفد' محمد أمين: '- فيفي عبده طالبت الشباب بالصبر على الحكومة الجديدة بعدما استجابت لمطالبهم، وقالت ان الجنين في بطن الأم يتكون في تسعة شهور، وربنا خلق الدنيا في ستة أيام وكانت تريد أن تقول:
اصبروا على الرئيس تسعة أشهر، خليكي في حالك يافيفي.
- تامر حسني الشهير بـ'تموره' حاول ان يلعب على الحبلين، شتم المتظاهرين في برنامج تليفزيوني وراح يمثل عليهم في ميدان التحرير، فاكر نفسه معبود الجماهير، شرق شرق، غرب غرب، طردوه، وطاردوه وضربوه، بكى تموره، فتدخل الجيش'.
أحسن، ونرجو أن يسرع تموره بالجزء الثالث من فيلم 'عمر وسلمى' وفيه مشهد عن هذه العلقة.

من الذي ارسل تامر حسني للميدان وغرر به؟

ونظل مع تموره الذي قال عنه في 'الوفد' في اليوم التالي - السبت - زميلنا أمجد مصطفى: 'الغريب في زيارة تامر لميدان التحرير انه اعترف بأن جهة ما طلبت منه الذهاب إلى الميدان لتهدئة الجماهير، وحثها على فض المظاهرة، والعودة الى الديار، هذا يعكس ان تامر حسني بلا هدف وكان وسيلة في يد البعض، وبالتالي اعترف بأنه مجرد أداة في يد البعض، ومن هم الذين استخدموه؟ لا نريد أن نعرف لكنه في النهاية هذه الزيارة أكدت أن تامر خاو من الداخل لم يدرس الموقف، ولم يدرك انه بالنسبة للناس مجرد مطرب يستمعون إليه فقط عندما يغني، وربما الكثير من الجماهير المستقرة في ميدان التحرير لا تسمع أغانيه أصلا لأنها لا تحب الغناء للمؤخرة، وغيرها من الألفاظ التي اعتاد تامر على استخدامها في أعماله الغنائية.
أحمد السقا الذي تقريبا تعرض لنفس الموقف، وظهر مع عمرو أديب بعض الضمانات للشباب وكأنه الحاكم بأمره، كلام السقا أعطى انطباعا للناس ان الخارج من ميدان التحرير مفقود، رغم أن الناس داخله، خارجة بلا أي قيود لكنه عندما يعلن للناس انه على استعداد للذهاب، واصطحاب أي شخص من شباب '25 يناير' للتحاور مع الجهات الرسمية، مما يعني انه غير متابع لما يحدث، وكانت انفعالاته زائدة عن اللزوم'.

الموقف المشين للفنان الكوميدي طلعت زكريا

وفي نفس عدد 'الوفد' هاجم زميلنا أمجد مصباح الفنان طلعت زكريا، بقوله عنه: 'لا أجد كلمة أعلق بها على الموقف المشين للفنان الكوميدي طلعت زكريا حينما أكد بمنتهى الثقة مساء الأربعاء الماضي على قناة مودرن كورة مع الكابتن أحمد شوبير أن داخل ميدان التحرير، هناك جنس ومخدرات وأصيب الكابتن أحمد شوبير بالذهول من هذا التصريح وقال له: اختلف معك تماما، أرجو منك الاعتذار، وما حدث مجرد زلة لسان، لكن أصر طلعت على موقفه في محاولة يائسة منه لضرب الثوار في التحرير، وتشويه صورتهم أملا في الحفاظ على النظام الذي يترنح'.
وفي الحقيقة فان موقف طلعت مفهوم، لأنه لعب دور البطولة في فيلم طباخ الرئيس.
ومنذ أشهر فقط، قابله الرئيس السابق مبارك لمدة ساعتين، ليتناقش معه، وبعدها قال طلعت انه سيقوم ببطولة الجزء الثاني عن طباخ الرئيس.

حسين الامام وعازف الحديد احمد عز

وآخر ما لدينا عن أهل الفن والطبل والضرب على الدف والدرامز، سيكون خاصا برجل الأعمال ومحتكر انتاج الحديد، وأمين تنظيم الحزب الوطني السابق، والممنوع من السفر والخاضع للتحقيق الآن، فقد فوجىء الناس بعدد من المواقع تنشر مقاطع من ممارسته العزف على الدرامز في احدى الفرق الموسيقية دون معلومات واضحة حتى كشفتها امس 'الأخبار' في حديث أجراه زميلانا عادل دربالة وعمرو جلال مع الفنان حسين الإمام قال فيه: 'أؤكد أن الفيديو غير مفبرك وصحيح تماما، ولكني مندهش جدا من تسريب هذا الفيديو الى مواقع الانترنت والذي تم تصويره في الثمانينيات، حيث انني شخصيا لا أمتلك نسخة من هذا الشريط، وقد بحثت في منزلي عنه ولكني لم أجده، وقصة هذا الشريط بدأت عندما كنت أنا وأخي مودي الإمام ندرس في الجامعة، وقررنا ان نؤسس فرقة غنائية.
وكان ذلك في بداية الثمانينيات والفرقة أعضاؤها من الطلبة وأطلقنا عليها اسم طيبة، وكنا في بداية الطريق ونحلم بأن نقدم مواهبنا في الغناء والتأليف والعزف، وتكونت الفرقة فعلا في عمل حفلات بالجامعة وبعض الأندية وحققت نجاحا، صحيح أنه لم يصل الى حد تحقيق الشهرة لنا ولكنننا كنا سعداء للغاية.
وانضمام أحمد عز إلينا جاء عن طريق الصدفة ولم يكن مخططا له والذي حدث هو أن عازف الدرام الذي كان معنا في الفرقة فوجئنا انه سيسافر إلى الولايات المتحدة وتحديدا الى ولاية كاليفورنيا ليقوم بعمل رسالة دكتوراه في مجال تخصصه، وكنا في ذلك الوقت نخطط لتصوير أغان لنا كما نستعد لعمل حفلات في اماكن مختلفة بالقاهرة، ووقعنا في مأزق بسبب غياب عازف الدرامز الوحيد بالفرقة لكن أخي مودي أخبرني انه يعرف عازف درامز آخر، ماهر جدا كان قد التقى به في الكلية وهو طالب بالفرقة الثانية بكلية الهندسة وعضوة معنا في النادي، وعلى الفور اتصلنا به وكان ذلك الشخص هو أحمد عز الذي أبدى سعادته وقتها بالانضمام الى فرقتنا ليمارس هوايته المحببة له ولم يكن محترفا بقدر ما كان هاويا، أما المقطع الذي يتداول حاليا على مواقع الانترنت فهو لأغنية أخرى بعنوان 'سوا'وهي من كلماتي وألحاني وتوزيع شقيقي مودي وتقول كلماتها: أنا بحب الشمس والهوا، والورد بالنسبة لي أحسن دوا.. أنا سمعت صوت الحياة وقالت لي حب الدنيا كلها، تعالوا نعيش ونغني سوا.
الغريب اننا بعد أن قمنا بتسجيل وتصوير الأغنية وضعت في الأدراج ولم يتم إذاعتها ولم أعلم من الذي سربها الآن وشاهدتها على الانترنت'.