علي إبراهيم


بالتأكيد كان ما حدث في تونس مصدر إلهام للشباب الذين خرجوا في ما أصبح laquo;ثورة 25 ينايرraquo; في مصر ليطاح بنظامين عربيين في مسافة زمنية صغيرة للغاية، برأسي نظامين كانا يبدوان شديدي الرسوخ، ولم يكن أحد يتصور قبل شهرين فقط السيناريو الذي أخذته الأحداث. وبعدها كثر الحديث أو السؤال عن من هو التالي، وكان الجميع ينظر إلى دول عربية أخرى؛ حتى جاءت مظاهرات ومصادمات قوى المعارضة التي نزلت الشوارع أمس لتظهر أن إيران مرشحة ليجرفها تأثير ما حدث، خاصة في مصر.

وكان من المفارقات الطريفة أن المرشد والرئيس الإيراني أشادا بالثورة في مصر وتنحي الرئيس مبارك، معتبرين أنها تمهد لنظام إسلامي في الشرق الأوسط، دون أن يتحدث الإعلام الرسمي هناك عن أن المطالب كانت تتعلق بالحريات والديمقراطية والقضاء على الفساد، وفي الوقت نفسه فإن المعارضة الإيرانية التي طلبت إذنا متسلحة بتصريحات المرشد والرئيس للنزول إلى الشارع في مسيرات مؤيدة لما حدث في مصر وتونس، رُفض طلبها، واعتبرت أنها مأجورة مدفوعة من قوى خارجية لإثارة الفوضى.. إلى آخر قائمة الاتهامات المعروفة.

لقد كثر الحديث والتحليلات عن نظرية laquo;الدومينوraquo;، وانتقال عدوى ما حدث في مصر وتونس إلى بلدان أخرى، والمؤكد أن ما حدث سيكون له تأثيراته؛ فهو زلزال سياسي، خاصة في مصر، لكن الظروف تختلف من بلد إلى آخر، فقد ألهمت تونس الشباب في مصر، لكن المسألة لم تكن مجرد تقليد، فقد كانت مظاهر الغليان تبدو واضحة في الأعوام الأخيرة، وهناك حركات تجمع قواها وإضرابات وحركات احتجاجية بالعشرات حتى وصلت إلى نقطة الغليان، لنرى السيناريو الذي حدث.

إيران كانت لديها ثورتها الخاصة التي حدثت في 2009 بعد انتخابات الرئاسة هناك التي سميت بـlaquo;الثورة الخضراءraquo;، نسبة إلى laquo;الحركة الخضراءraquo; هناك، والتي شهدت معارك شوارع وصدامات دامية على مدار أيام حتى قمعت، ووضعت قيود على رموز المعارضة وقياداتها هناك. وإذا كان الشباب في تونس ومصر استلهموا من إيران، كما قال مرشد الجمهورية في إيران، فإنهم على الأرجح استلهموا من laquo;الثورة الخضراءraquo; في 2009 التي استخدمت نفس الأساليب والوسائل مثل laquo;الفيس بوكraquo; وlaquo;تويترraquo; في التواصل، وكان قوامها أيضا الشباب التواقين إلى الحرية والديمقراطية، ولجأت السلطات وقتها إلى قطع وسائل الاتصال هذه على الإنترنت وحجب مواقع، تماما كما حدث في مصر على مدار أيام. لكن laquo;الثورة الخضراءraquo; لم تنجح هناك وقمعت بسبب السطوة الدينية والآيديولوجية وتركيبة الحرس الثوري.

من الصعب الآن معرفة قوة واستمرارية المظاهرات التي خرجت في إيران، أمس، وقدرتها على الصمود. لكن المؤكد أن هناك توقا إلى الحرية في ضوء ما حدث في 2009، وأن إيران ديمقراطية ستكون إضافة هامة إلى استقرار المنطقة، والمؤكد أن هناك شبابا يتابعون ما يحدث في العالم ويتطلعون إلى مستقبل أفضل، والمرجح أنهم يتساءلون: لماذا نجحت في مصر وتونس ولم تنجح لدينا، ولماذا انحاز الجيش هناك إلى الناس، وقدم الحماية لهم، بينما الحرس الثوري يتصرف بشكل مختلف؟