عبداللطيف الزبيدي
ماذا أقول لعقيلة زين العابثين عندما تفقد الحياء صارخة: ldquo;سأحرق تونس بمن فيها إذا لم تفرجوا عن شقيقيrdquo;؟ شقيقها ldquo;عماد الطرابلسيrdquo; لصّ مطلوب دولياً للأنتربول بتهمة سرقة يخت . قبل الهروب الكبير، قال الجنرال السرياطي، قائد الحرس الرئاسي: ldquo;يمكن أن نغادر، لكننا سنحرق تونسrdquo; .
بماذا توصف هذه النزعة النيرونية الوحشية؟ لقد صبر الشعب التونسي عقوداً على القمع . وحين أراد استرداد حقوقه، عاد إلى ديوان الشابي واقتطف من ldquo;أغاني الحياةrdquo; بيتين .
يبدو أن ليلى الطرابلسي ليست غريبة عن الشعر، فهي بحديثها عن إحراق تونس بمن فيها، تُدخل تعديلاً بسيطاً على عنوان قصيدة أبي القاسم، ليصبح: ldquo;إرادة إحراق الحياةrdquo; . كما أنها تنقلنا إلى أجواء أوبريت ldquo;مجنون ليلىrdquo;: ldquo;أجئت تطلب ناراًrdquo;؟ فقد أرادت أن تشعل تونس ناراً .
كم هم متسامحون أولئك الذين وصفوا النظام بأنه مافيوزي . فقط لا غير . آخرون يتفننون في التعريف، يتحدثون عن ldquo;عدم تكافؤ في العنفrdquo; . عنف بيتين من الشعر يعادل عنف الرصاص الحي . وإرادة الحياة مثل إرادة القضاء على الحياة .
طوال السنين الماضية كانت نيرونة تونس تسيّر البلد، من قصر قرطاج، بهذه العقلية . حلاّقة أنيقة في جمجمتها دراكولا . لهذا لا يبعث على الاطمئنان بقاء بقايا النظام في السلطة . هم من طينة فاسدة واحدة .
شاهدت عملاً كوميدياً تونسياً من الطراز الغرائبي الرفيع: جلسة علنية لمجلس الأمة، بثتها قناة الوطنية التي كانت قناة سبعة . بثتها ldquo;على الهوىrdquo; .
جلسة هوى فيها حلم التغيير . وجوه تناطح العقد الثامن، والأقل منهم ldquo;عواجيزيةrdquo; هم الأكثر خرفاً . لم يتغيّر التملق والنفاق والتعتيم وإطلاق أعلى الصفات على أهزل الأفكار والمقترحات . كان من بينهم الشاذلي القليبي، الذي بدا شاباً قياساً على بعضهم . وهو الذي تولى في العقد السادس وزارة الثقافة . ورأيناه سنوات أميناً عاماً للجامعة العربية .
في تلك الجلسة قال: ldquo;لقد فشل جيلنا في إحداث أي تغيير ونجح الشبابrdquo; . وجوه تجعل الوليد يصيح في مهده ldquo;سئمت تكاليف الحياةrdquo; .
أعضاء المجلس والحكومة كانوا طوال عقود تسيّرهم نيرونة قرطاج بالعصا . وليس لهم من وسام غير التواري عن الأنظار .
التعليقات