عقيل سوار
سموها ما شئتم؛ مملكة دستورية أو دولة مدنية أو دولة ديمقراطية أو دولة ولاية الفقيه، فإنها في نهاية الأمر ومبتداه ستنتهي إذا قدر لنا التسليم بنتائج ما يدور في دوار اللؤلؤة والقبول بنتائجه كأمر واقع كما قبلنا من قبل بالوفاق ومثيلاتها الدينيات عام ,2001 بخلاف القانون والأعراف الدولية فستكون دولتنا القادمة دولة (كوتا طائفية) ذات غالبية شيعية ساحقة بامتياز يحكمها لأسباب ثقافية وأخرى موضوعية متعددة ومفهومة، يحكمها فرد واحد وتشبه على الأقل الدولة اللبنانية التي رئيسها مسيحي ورئيس وزرائها سني ورئيس برلمانها شيعي، لكن قائدها الفعلي في السلم والحرب هو قائد من نوع السيد حسن نصر الله، يفرض بسنة الأمر الواقع رأيه ويعطل ميكانيزمات الدولة اللبنانية متى شاء ''واللي ما يعجبه يضرب برأسه الطوف''.
وأنا في ذروة ما أعتقد أنه تسيد لنزعة القطيع وثقافتها في مجتمعنا (وهذه ليست سبة، لكن ليفهمها الجهلة كيفما يشاؤون وليصمت على فهمهم الانتهازيون قدر ما يشاؤون!)، أنا أقرر أنه لا يعجبني هذا البتة، وليضرب برأسي الطوفة من يشاء الآن وليس غداً، لأني سأقاوم الوقوع في تيار هذه النزعة الجارف، وسأدعو كما فعلت دائماً لفهم هذه النزعة ومقاومتها، مع علمي أنه ما أعسر هذه المقاومة وما أيسر تجنبها على الصعيد الشخصي!
المسألة بكل بساطة هي أن لي حصيلة معارف متأتية من تجربة مهنية ومراقبة مديدة وحثيثة لوقائع البحرين عمرها أربعين سنة، ومنها خاصة السنوات العشرين الأخيرة؛ أي ذروة وقائع التسعينيات وذروة وقائع الألفية الثالثة، حيث هيأت لي معرفة بالأشخاص والكتل مما لن أنزل عنه لأحد، ولا يحركني فيه أو يملي علي عصبية طائفية ضد أحد أو عصبية طائفية مع أحد، وبدليل أن كل مقومات موقفي تغلبه أنني أقرب للتيار الغالب الآن بوصفي شيعياً، ويدعم هذا أيضاً أن ليس لي من حطام الدنيا سوى وظيفتي ككاتب عمود أتكسب منه قوت عيالي وشقائي!
ونهاية؛ أين أذهب بمعارفي الوثيقة لما أسست من قناعة عن براجماتية (انتهازية) الوفاق التي ميزت علاقتها ليس بالسلطة فقط؛ لكن بخصومها البينيين (حق والوفاء و..)، كما ميزت علاقتها بحلفائها (وعد وسواها..) كل الوقت، وصبغت مواقفها من كل الوقائع السياسية والأمنية بما فيها وقائع دوار اللؤلؤة الذي تتربع الآن على ركام نتائجها بما يشتمل عليه هذا الركام من دماء وبما يشتمل عليه من شعارات تتهدد مجتمعنا بمواجهات دامية تتطاول على كيان مجتمعنا البحريني؟!
من حيث انتهت الأمور أو تكاد؛ أدون أن الشيخ علي سلمان رئيس الوفاق قال في خطاب يختصر فيه موقف الوفاق أمس؛ أن مطلب الوفاق هو دولة مدنية لا دينية ولا قبلية، ووجدت أن عليّ حين أقبل هذا منه أن أتنكر لمعارفي عن حقيقة أن للوفاق مرجعية دينية نافذة، ليس ارتباطها بولاية الفقيه سراً نخفيه عند حاجة ونظهره عند حاجة أخرى، خصوصاً أن الشيخ علي سلمان قد رجح في كل مناسبة هذه المرجعية أي سماحة الشيخ عيسى قاسم على الجميع بمن فيهم الوفاق بكل آلياتها من شورى وغيرها من مزاعم عن استقلالية الوفاق ومدنيتها، فالشيخ علي سلمان في مناسبة سياسية بحتة مشهورة لا علاقة لها بالدين صخ آذان البحرينيين أو من يريد منهم أن يسمع بقول خلاصته؛ إنه إذا قال سماحة الشيخ عيسى قول وقالت الوفاق آخر، فإن الوفاق والناس يتبعون الشيخ!!.
ومن حيث انتهت الأمور وحتى هذه اللحظة؛ لا شك يخامرنا أن الشيخ عيسى قادر على سحب الوفاق ومعها حلفاؤها وعلماء البحرين بعون من سطوة ثقافة القطيع من آذانهم، وهذا ما سيحدث حين تحقق الوفاق أقصى ما يمكنها تحقيقه من ريع ما يدور بدوار اللؤلؤة وعلى هامشه من مظاهر استعراضات قوة في غياب الدولة الكامل، لكن المرحب به ما قدرت الدولة أن تصمد في وجه الضغوط الإقليمية؟
ماذا يدور في دوار اللؤلؤة حقيقة؟.. غدا أقول..
التعليقات