صبحي زعيتر

لو يصمت الأميركيون عما يجري في ليبيا لكانوا حققوا للثوار ما لم تحققه تصريحاتهم النارية ضد نظام العقيد الذي استفاد إلى أقصى الحدود مما نقلته الشاشات ووسائل الإعلام الأخرى على ألسنة المسؤولين الأميركيين، وخاصة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، حتى بات التندر بأن أية ثورة تريد أميركا إفشالها تكثر من تأييدها والتحدث عنها بمناسبة وغير مناسبة.
أساءت كلينتون إلى الانتفاضة الليبية بقدر أكبر مما أساء العقيد للشعب الليبي طوال سنوات القمع، ووجهت القيادات الليبية الوطنية عبر الإعلام رسائل كثيرة إلى كلينتون وغيرها من الإدارة الأميركية أن يخففوا هذا الدعم الكلامي للثورة، والاكتفاء بمراقبة ما يجري على اعتبار أن أبناء ليبيا أدرى بما يجري بداخلها، كما أنهم أعلم بطبيعة الشعب الليبي الذي يرفض التدخل في شؤونه الداخلية، نظرا لطبيعته القبلية، وهم كانوا محقين في ذلك، لأن بعض الرأي العام الداخلي وحتى العربي قد بدأ يشكك في النوايا الأميركية تجاه ليبيا وتجاه ثورتها.
حاولت الإدارة الأميركية أن تلعب في السابق على الثورتين التونسية والمصرية ولكن الشعبين هناك وقيادة الانتفاضتين كانوا من الوعي بمكان أحبطوا التدخل الأميركي، واستطاعوا وقف الجموح الأميركي باتجاه ساحات تونس والقاهرة لتخريب ما بناه شباب الثورتين.
يسعى القذافي بكل ما أوتي من قوة أن يستدرج أميركا والغرب إلى مواجهة مفتوحة، يعلم أنه سيخسرها، ولكنه مع ذلك يتمناها، لأنه سيستطيع عبرها تجييش الشعب من حوله وخوض quot;معركة الكرامةquot; بدمائه.