داود البصري
تدور في الشرق الأوسط اليوم, وفي الخليج العربي تحديدا, إرهاصات خطيرة لخطط ستراتيجية دقيقة تستهدف في النهاية تبديل الخرائط وتغيير مسارات الأحداث والشروع في تنفيذ فوضى سياسية ليست خلاقة بطبيعة الحال, ولكنها ستخلق أوضاعا إقليمية ووطنية شاذة وبما من شأنه تحريف كل أسس ومقومات النهضة الوطنية والتنموية لشعوب المنطقة , واختيار مملكة البحرين لممارسة العبث الطائفي السياسي المغلف بواجهات براقة من الشعارات المخاتلة التي تجسد خير تجسيد العبارة التاريخية الشهيرة لسيدنا إمام المتقين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يتصدى لفتنة الخوارج quot;كلام حق أريد به باطلquot; هو خير من يعبر عما يدور في المنطقة عموما وفي الخليج العربي وفي البحرين تحديدا , فملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفه وولي عهده سلمان بن حمد لم يتوانيا أبدا عن رسم وتخطيط وتنفيذ معالم السياسة البحرينية المنفتحة على شعبها والمتسمة بخطوات واسعة جدا من الإصلاح والتصالح وتشييد أسس مملكة دستورية لخدمة شعب كان على الدوام يتصف بالحركية والذكاء والممارسة السياسية المتقدمة , وأن تكون البحرين اليوم بالذات وفي الوقت الذي بلغ فيه قطار الاصلاحات أقصى سرعته فإن في الأمر مخططات مريبة تستهدف في النهاية الأمن الوطني والسلام الأهلي ومحاولة خلق بؤرة توتر طائفية تشعل الضفة الغربية للخليج العربي وتدخله في متاهات شبيهة بالمتاهة العراقية التي تسببت بها ممارسات الاحتلال الأميركي والقوى الطائفية التي تحالفت معه ووصلت الى السلطة بحمايته ورعايته , والعمل على إشعال الوضع الطائفي في البحرين عن طريق استغلال الشعارات المعروفة والاستعانة بالعملاء المعروفين والمكشوفين في لندن وغيرها وتحرك بعض الأطراف الطائفية عبر التصريحات المتشنجة والعدوانية الرافضة لمبدأ الحوار الوطني والنافخة في أبواق الفتنة جميعها, عوامل تؤكد أن الأيام المقبلة ستكون صعبة وحبلى بالمفاجآت , فثعابين الطائفية من العملاء قد أعدوا للأمر عدته , كما أن تحالف الجماعات الطائفية وحزامها المفخخ بدءا من العراق وتوجيها من إيران واستغلالا لأجواء الحريات والتسامح هو اليوم في حالة حركية مستمرة وواضحة , فدعوات التهدئة والحوار التي أطلقها أهل الحل والعقد في البحرين باتت تواجه بإستخفاف من تلك الأطراف المريضة, وهو ليس مجرد حالة عرضية, بل خطة ستراتيجية مبرمجة من أجل تصعيد التوتر الطائفي وخلق أجواء فتنة دموية من شأن نتائجها أن تغير مسار الكثير من الملفات.
تحالف الطائفيين وأهل الفتنة بات يشكل اليوم الهاجس الأكبر على مستقبل الأمن والسلام في الخليج العربي , كما أن هذا التحالف بات يشكل ملاذا آمنا لأهل الفتنة ونقطة انطلاق قوية لتنفيذ تصدير المشروع الطائفي الأسود , ثم أن البحرين في النهاية ليست سوى مدخلا قريبا وواضحا للعب والعبث بأمن المملكة العربية السعودية التي تمثل قطب الرحى في صيغة الأمن الخليجية, وهي الصيغة المستهدفة بحدة اليوم مع انشغال مصر في أمورها الداخلية, وحالة الفلتان والتسيب التي تعيشها, والصراع من أجل تشكيل صورة جديدة قد يستغرق أعواما.
البحرين في خطر حقيقي وانهيار السد البحريني سيعني في النهاية طوفان طائفي أسود لن يبقي أويذر, وإفشال ذلك المشروع الجهنمي بات اليوم أمرا لا مناص منه إن كان العرب يريدون فعلا ألا يتحولوا من جديد لعرب بائدة! لأن المتربصين هم اليوم أقوى من أي وقت مضى , وعروبة واستقلال وسيادة وحرية الخليج العربي باتت مرتبطة جذريا اليوم بنتائج إدارة الصراع في البحرين, إنها أسخن اللحظات في تاريخ منطقة حافلة بالصراعات الساخنة.
التعليقات