داود الشريان


اليمن يتحين الفرصة لسرقة اهتمام الإعلام العربي والعالمي خلال الأيام المقبلة. وهو ربما تجاوز في عنف أحداثه ما جرى في العراق، ويجري في ليبيا. اليمن أفغانيّ الهوى والهيئة، استنسخ الصورة الأفغانية في سطوة الجماعات الإسلامية المتطرفة والطبيعة الجبلية الصعبة والمعقدة وضعف السلطة المركزية، فضلاً عن الفساد والقمع السياسي وانتهاك حقوق الإنسان، والفقر والبطالة. اليمن بيئة مثالية لحرب أهلية طويلة مروعة.

اليمن ليس العراق أو ليبيا، ونفطه الشحيح لا يستحق المغامرة. فهو بلد فقير لن يفكر الغرب في إنقاذه، على رغم المخاطر الإقليمية التي سيتسبب بها هذا البلد المنكوب. باختصار، اليمن سيربك المنطقة برمتها، فالشعب مسلح، وتحكمه الأعراف القبلية، وجنوبه يتحين الفرصة لاستعادة وضعه السابق، والتحرر من سلطة صنعاء. والحوثيون، فشلوا في ست حروب سابقة، وهم بانتظار فرصة جديدة وحاسمة، وفلول laquo;القاعدةraquo; تبحث عن ملاذ آمن وأرض تدير منها المعارك، وإيران جاهزة لصب الزيت على نار اليمن، ناهيك عن تجار القرصنة والمخدرات والسلاح وتهريب البشر.

الغرب بات مقتنعاً بأن الحل العسكري في اليمن مثل الشرب من الماء المالح، وهو ليس في حاجة الى تكرار فشله في أفغانستان، التي تستعد هذه الأيام لعودة laquo;طالبانraquo; الى السلطة، بعد سنوات من الحروب الدامية، والكذب السياسي.

حاول الغرب خلال السنوات الثلاث الماضية زيادة المساعدات التنموية، ولجم خطر الفقر والبطالة، باعتبار أن التنمية الاقتصادية وتحسين معيشة المواطن هما الوسيلة الوحيدة لإخراج اليمن من مأزق الفشل. لكن الدول الغربية لم تلتزم وعودها، فضلاً عن ان الأموال التي دفعت في مؤتمر لندن اختفت وصار الدعم وسيلة جديدة لنقمة الناس على الفساد، فزاد الوضع سوءاً.

لا شك في أن اليمن دولة فاشلة، وبقاء النظام كل هذا الوقت كان بسبب المسكنات الموقتة التي استخدمها لتكريس فساده. لكن الفشل اليمني استعصى على المسكنات، لهذا فإن الحل في بدء حوار مع النظام قبل ان يبدأ إطلاق الرصاص.

الأكيد أن تقاليد السياسة العربية لم تعتد الوقوف ضد النظام، وهي ترفض هذا المبدأ. حدث هذا في العراق وتونس ومصر، ويحدث في ليبيا الآن. لكن الرئيس علي صالح قضية مختلفة، لهذا لا بد من البدء في ترتيبات الخروج من السلطة قبل ان يخلط الأوراق في المنطقة