حسن مدن

ينتابني، كمواطن بحريني، وكناشط في الشأن السياسي، قلق كبير على وطني البحرين، شأني في ذلك شأن الكثيرين، من المآلات التي يمكن أن تسير فيها الأمور في البلد، إن لم يتداعَ العقلاء من القوم إلى مبادرة وطنية شاملة لإخراج البلد من حال الاحتقان السياسي الذي تعيشه، تتبنى مصالح الإصلاح السياسي والدستوري، وتُجنب البلد الفرقة ومخاطر الانزلاق نحو الفتنة الطائفية .

لدى البحرينيين تاريخ ممتد من النضال في سبيل الحقوق السياسية، ونجحت الحركة الوطنية في خمسينات القرن الماضي في أن تعبئ الشعب، في إطار وطني شامل من أجل الاستقلال والحرية وإطلاق الحريات العامة والمشاركة السياسية، وعلى هذا الدرب المشترك سارت التنظيمات التي قادت شعب البحرين في نضاله على مدار عقود .

لم يستمر الأمر على هذا المنوال في العقدين الماضيين، فأمام انفجار الهويات المذهبية في غير مكان من محيطنا العربي والإسلامي، اندفعت نحو صدارة المشهد السياسي قوى تنحصر صفتها التمثيلية في إطار هذا المذهب أو ذاك، وبهت الخطاب الموحد أمام سطوة الخطابات الناطقة باسم الطوائف .

لكن جوهر القضية في البحرين هو جوهر وطني بامتياز، فليس طلب الإصلاح والعدالة الاجتماعية أمراً خاصاً بأحد وحده . كل البحرينيين يتطلعون إلى أن يروا في بلادهم مقادير أكبر من المشاركة السياسية ومن الحريات الديمقراطية ومن العدالة في توزيع الثروات، وخطيئة لا تغتفر أن يجري تزييف مطالب الإصلاح بإضفاء الطابع المذهبي عليها، والهروب من خيار الإصلاح المستحق بدفع الأمور نحو الاصطفافات، وربما حتى الصدامات الطائفية، لا قدر الله .

ثمة طريق واحد ووحيد لإخراج البحرين من الأزمة الناشئة اليوم هو نفسه الذي دعا إليه ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، أي طريق الحوار الوطني الشامل الموجه نحو الدفع بعجلة الإصلاح قدماً إلى الأمام، وتمكين جميع البحرينيين من المشاركة في صنع مستقبلهم، الذي يريدونه ديمقراطياً حقاً، وضامناً لحقوقهم وحقوق الأجيال القادمة، وقد استمعنا إلى ولي العهد وهو يؤكد من على شاشة التلفزيون أمس الأول رغبته بالسير في هذا الاتجاه .

وهذا الحوار، بالنظر إلى أهميته الحيوية الفائقة التي تقتضي ألا يفشل أو يتعثر، لأن عواقب ذلك ستكون غير حميدة، بحاجة إلى تأمين متطلبات نجاحه، بتهيئة شروطه ومقدماته كي يفضي إلى ما أريد أن أسميه تسوية تاريخية قابلة للعيش طويلاً، تؤمن للبلد استقراره وأمنه والتنمية المتوازنة فيه .