إياد الدليمي

بينما تدخل ثورة الشعب الليبي أسبوعها الرابع، وفي الوقت الذي تدور رحى معارك طاحنة بين الثوار ومرتزقة القذافي، تتوالى الاعترافات العربية والدولية بشرعية المجلس الانتقالي الليبي وسحب البساط من تحت أقدام العقيد القذافي, فماذا بقي عنده قبل معركة النهاية؟
لقد عُرف عن القذافي, وعبر تاريخه الطويل، أنه يشتري ولاءات الآخرين بأموال الشعب الليبي، خاصة في القارة الإفريقية السمراء التي كان يتجول في بلدانها وكأنها حدائق خلفية لطرابلس، كما عرف عنه أنه ومنذ اليوم الأول لثورة الشعب الليبي المباركة، عمد إلى الاستعانة بالمرتزقة ليقاتلوا إلى جنبه، فهو جُبل على عدم الثقة بأبناء شعبه، وكان كثيرا ما يسعى إلى إقصائهم حتى من الحياة الاجتماعية والعلمية داخل ليبيا.
ولم يترك القذافي سبيلا إلا سلكه في طريقه لتثبيت أركان كرسيه المتهالك، فكان أن بعث موفديه إلى أكثر من دولة وعبر أكثر من وسيط من أجل الاستعانة بمرتزقة وحتى قوات أمنية ضخمة ومسلحة تسليحا حديثا من أجل قمع شعبه الثائر، ورغم ما يقال عن فشل بعض تلك المساعي، فإن ذلك لا يجب أن يدعونا إلى التفاؤل, فالقتلة المأجورون موجودون وبكثرة في عالم اليوم.
صحيح أن هناك مواقف أوروبية وأميركية بدأت تخرج من قمقم الصمت وتنادي بأعلى صوتها مطالبة زعيم طرابلس بالخروج والتنحي، ولكن ذلك لا يبدو كافيا في هذه المرحلة, خاصة أن لدى القذافي وسائل يعتقد هو أنها ستكون قادرة على ردع الثوار.
أخطر سلاح لدى القذافي هو عمليات شراء الذمم، وهي العملية التي يبدو أنها بدأت مع انطلاق ثورة الشعب الليبي في السابع عشر من فبراير الماضي، واستخدمها أولا لشق صف الثوار، إلا أنه لم ينجح كثيرا، بالإضافة إلى استخدام أسلوبه المهترئ -شراء الذمم- لكسب ولاء أهالي طرابلس حيث يتواجد القذافي هناك.
وأيضا، فإن القذافي سعى ومنذ اللحظة الأولى لشراء ذمم حكومات عربية، ترتبط مع القذافي بمصالح واسعة، ونجح إلى حد ما، وصرنا نسمع بين وقت وآخر عن إمدادات قدمت إلى القذافي من هذه الحكومة أو تلك بطريقة سرية، ناهيك عن عمليات شراء ذمم حاول أن يمارسها القذافي مع بعض القوى الغربية, إلا أنه فوجئ بالرفض.
القذافي -ابن قرية جهنم- لا يبدو أنه سيكون على استعداد للتنحي من كرسيه بسهولة، فهو حتى الساعة أثبت أنه واحد من أكثر حكام العرب قمعية ووحشية، وبالتالي فإن ما يهدد به بين وقت وآخر من عمليات عسكرية واسعة ضد الثوار، ربما سيكون سلاحه الأخير قبل أن يغادر قائمة الزعماء العرب.
جهنم التي خرج منها القذافي، القرية الليبية الفقيرة، تركت كثيرا من لهيب سعيرها على روح هذا الإنسان، وبالتالي فإنه لن يتوانى عن تحويل ليبيا إلى جهنم، ليست اسما وإنما فعلا، فإنسان استخدم كل هذه النيران ضد شعبه وما زال يقول إنه لم يستخدم القوة بعد, ماذا يمكن أن ننتظر منه؟
الموقف الخليجي كان مميزا من أزمة ليبيا, فلقد سحبت الدول الخليجية اعترافها بهذا النظام الدموي، موقف يجب أن يترجم اليوم إلى إجماع عربي خلال اجتماع وزراء الخارجية، وأيضا أن ندعم الثوار الليبيين بالسلاح والمعونات اللازمة، وإلا فالقذافي لن يتوانى عن استخدام سلاح أفتك ضد أبناء شعبه لتدعيم أركان كرسيه المتهالك.