سلمان الدوسري
أما والمعارضة البحرينية، عفوا المعارضة الشيعية، تصر على هجومها الشرس على دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديدا السعودية، وتستنجد بالمنظمات الدولية ومجلس الأمن، لحمايتها من دخول قوات درع الجزيرة، فقد بدت الصورة تتشكل بصورة أدق من ذي قبل. فالمعارضة، ومن يدور في فلكها، سواء كان الرئيس الإيراني أو السيد مقتدى الصدر أو حتى حزب الله، مستمرون في التحريض على دول المجلس، وكأنها قامت بجرائم حرب، بل إنها، أي المعارضة البحرينية، وصفت دخول قوات درع الجزيرة بـlaquo;إعلان حربraquo; وlaquo;احتلالraquo;. تصوروا 1500 فرد من القوات الخليجية، التي دخلت وفقا للمعاهدات والقوانين الدولية، احتلت البحرين بأكملها، فقط لأنها أرادت حفظ النظام واستقرار البلد الذي ضاع واقتربت الأوضاع فيه من شفير الهاوية، بينما عندما كان الآلاف يحتلون شوارع البحرين، ويقطعون الطرق، ويروعون الآمنين، فإن ذلك لم يكن سوى وسيلة تعبير حضارية!
منذ احتلال المحتجين لميدان مجلس التعاون الخليجي، وتغيير اسمه إلى ميدان الشهداء، كان واضحا أن هناك من يريد أن يقطع علاقة هؤلاء المحتجين بأي رابط مع المحيط الخليجي. وعندما تطورت الأوضاع سلبا واستعانت البحرين بقوات خليجية، ظهرت لغة جديدة تنادي بتدخل دولي، بينما هي ترفض تدخلا رمزيا لدول الخليج، لكن كل هذا قد نتقبله على مضض، أما ما لا يقبل إطلاقا، هو أن هذه الهبّة العظيمة، والحرب الشرسة، ضد دول الخليج - العربي بالطبع وليس الفارسي - واتهامها بالتدخل في الشؤون البحرينية، لم نره إطلاقا، وإيران تطالب مرة تلو الأخرى، بالبحرين كمحافظة إيرانية. عندما تدخل قوات بناء على معاهدات واتفاقيات موثقة، تعتبرها laquo;احتلالاraquo;، بينما مطالبة دولة أخرى ببلدك، يكون بردا وسلاما، ويمر كنسمة هواء باردة في قيظ البحرين اللاهب. ألا يفقد هذا التناقض مصداقية من يزعمون أنهم بالفعل يبحثون عن مخرج حقيقي للأزمة السياسية في بلادهم؟ ألا يفقدهم البوصلة ويجعل المراقب لا يرى في ردود أفعالهم سوى تعزيز للطائفية المقيتة؟
المتتبع للنشاط الإعلامي المحموم للمعارضة البحرينية، وهي بالمناسبة أنشط كثيرا من الإعلام الرسمي الذي فشل فشلا ذريعا، يلحظ كمية الكذب الفاضح في نقل الأخبار المغلوطة عما يحدث في الشارع، سواء على laquo;تويترraquo; أو laquo;فيس بوكraquo; أو laquo;يوتيوبraquo;. فصور قوات الأمن البحرينية تبث على أنها للجيش السعودي، وشرطة البحرين يتحولون بقدرة قادر إلى أفراد الحرس الوطني، بل إن عمليات اقتحام الميدان التي شاهدها العالم بالتلفزيون، حولها المحرضون ضد السعودية، على أنها عملية سعودية 100 في المائة، فعن أي مصداقية يتحدثون؟ ولماذا هذا الغل الشديد ضد كل ما هو سعودي؟
لا جدال في أن الأزمة في البحرين سياسية وليست أمنية، لكن السيناريو الذي رسمه متطرفو المعارضة، وانسياق من كانوا يعتبرون عقلاءهم معهم، أذهبت أمنيات الحوار بالسقف الذي طرحته السلطات البحرينية، إلى درجات متأخرة، على الأقل في الوقت الحالي، وبينما عرضت الحكومة سقفا كانت تراه المعارضة أساسا مرتفعا، انساقت خلف الانتهازية السياسية ليصل سقفها لإسقاط الملكية وتأسيس جمهورية. وبعد كل هذا يأتي من يرمي بالمسؤولية على الآخرين، ويمضي بالتحريض ضد السعودية ودول الخليج، وكأن أساس المشكلة هو دخول القوات الخليجية، وليس رفض الدخول لطاولة الحوار.
من الواضح أن المعارضة في البحرين، خاصة بعد أن فقدت قرارها على الشارع الشيعي، أضحت جريحة تريد أن توجه سهامها في كل اتجاه من دون تمييز لخطورة ما تقدم عليه، غير أن أخطر ما تقوم به على أرض الواقع، هو كمية التحريض والتجييش ضد السعودية، خاصة أن المتتبع لمسار التحريض، يشم رائحة طائفية كريهة لا تتفق مع كون هؤلاء المحتجين الشيعة، هم أبناء الخليج، ولم يأتوا من الخارج. فلماذا هذه التفرقة وترسيخ فكرة أنهم شيعة فقط، وليسوا مواطنين ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي؟
المعارضة في البحرين تخسر تكرارا ومرارا منذ بدء هذه الأزمة. تخسر وهي تلعب بالنار ضد مكتسباتها السياسية، تخسر وهي تهمل إصلاحات سياسية قدمت لها على طبق من ذهب، وتخسر، كثيرا، وهي تحرض بهذه الطريقة المكشوفة على السعودية، ولن يفيدها استغلال أدواتها الإعلامية، الإيرانية، في هذا التحريض الطائفي، وسيعود كل هذا سلبا على من تمثلهم، ولكنها للأسف لا تستحق هذا التمثيل.
التعليقات