القاهرة - ماهر فرغلي

بوضوح.. قيادة الإخوان quot;اقصائيةquot; ولا ينفع التنسيق معها

مهما اختلفنا مع وكيل مؤسسي حزب الوسط ومهما انتقدنا بعض آرائه فكلنا سنتفق على أن تجربة حزب الوسط هي تجربة هامة وأنها تطور بالحسابات التقليدية والسياسية لدى المهتمين بشؤون الأحزاب والجماعات الإسلامية، والأخص بعد السماح للحزب والحكم له بالشرعية القانونية داخل مصر، ونظراً لأن المهنس أبو العلا ماضي هو أحد الإخوان القدامى وهو أحد الذين وجهوا لهم نقدا واعتراضات كان هذا الحوار الذي تطرقنا فيه لحزب الوسط ولجماعة الإخوان وما يجري على الساحة من آخر المستجدات السياسية.


وفي ما يلي نص الحوار:

أشعر أنك غير مقتنع بما حدث في جمعة النصر في ميدان التحرير من محاولة الإخوان الظهور في الصورة؟

- بلاشك أنا مندهش، وهذه هي أكبر المشكلات لدى الإخوان.. أنت إذا كنت في أي كيان أو جمعية أخرى غير الإخوان بغض النظر عن اسمها وكانت جمعية قانونية فهناك جهة رقابية يمكن أن تلجأ إليها أو يمكن أن تلجأ إلي القيادة المؤسسية فيها أو الجمعية العمومية وأصبح الخطر الأكبر أن جماعة الإخوان أصبحت تفتقد لقيادة عقلانية وقد استطاعت هذه أن تصل لقمة هرم الجماعة ودائما تحاول الإقصاء، وهذه هي المصيبة فالحركة الإسلامية أياً كانت المفترض أن تضيف لها حسابا آخر وهو القيم الإسلامية الذي يحاسبها الرأي العام عليها وهذه هي الصدمة.

كل هذا الكلام كنتم تقولونه في بداية تأسيسكم لحزب الوسط؟

- أنا صاحب مصلحة ولن أتكلم في ذلك ولكن الناس شاهدة على الصوت والصورة وكبار القادة الآن يقولون ما كنا نقوله نحن عن الإخوان من سنين ماضية وهذا هو الأثر الأول الهام وهو اهتزاز الصورة عند الرأي العام مثل صورة السيطرة لدى الجماعة والانفراد والأشياء غير المستقيمة.

هذا يخوفنا من السيطرة والعنف مع الخصوم بعد ذلك إن وصلت الجماعة للحكم؟

- مسألة ممارسة العنف مسألة أخرى.. هذه المجموعة التي تقود الإخوان لها تكوين نفسي غير قادر علي استيعاب الآخرين.. هذه المجموعة تشكل وعيها داخل السجون ولذا فهي تتعامل مع المجتمع على أنها الإسلام وبنظرة استعلائية، وإشكالية أخرى هي فكرة الوظيفة الدعوية والوظيفة السياسية وعدم الفصل بينهما.

هذا يجرني إلى الحديث حول الحريات ومفهومها عندكم في الحزب والفرق بينها وبين التدين فحقيقة هي غير مفهومة؟

- التدين الحقيقي هو الذي ينحاز للحرية الحقيقية.. التدين هو مجموعة القيم والأخلاق والعلاقة مع الله ولكن هذا التدين لايعطيني الحق في التدخل في حرية الآخرين واختياراتهم وكلما زاد التدين زاد الإيمان بالحرية والذين لايفهمون ذلك لايفهمون معنى قوله تعالي (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).

أنا سمعت من الشيخ سيد سابق أنه قال ونحن في إحدى اللقاءات بالمنيا أنه لو أن هناك طفلا لقيطا وادعت امرأة مسلمة أنه عبدها وقالت امرأة نصرانية إنه ابنها يحكم القاضي بأنه ابن النصرانية لأن الحرية مقدمة على التدين، ولا أنسى يوم تكلم الشيخ القرضاوي عن هذا المعنى في برنامج الشريعة والحياة وقام المستشار الهضيبي بعمل مداخلة معه، وقال بل الشريعة مقدمة على الحرية، وحدثت مداخلة مشهورة بينهما وهذا إجماع من العلماء كما قال الشيخ سيد سابق وما نقوله ليس أفكاراً بل أقوال علماء.

وبناء على ذلك فأنتم تسمحون للتي لا تلبس الحجاب بأن تكون في حزبكم؟

- الصلاة أهم من الحجاب وفي الشريعة لا يستطيع أحد أن يجبر أي أحد عليها.

ولكن يعاقبه عليها أو يحتسب عليه؟

- هذا كله كلام خطأ أنا لست معه.. الناس آمنوا بالإسلام بحرية فلماذا نخاف على الإسلام من الله، وكل الأيدولوجيات التي قامت علي الديكتاتورية سقطت.. انظر للشيوعية من الذي أسقطها؟!! إنه البابا، فالتدين يأتي إذا فرضت الكفر والكفر يأتي إذا فرضت التدين، وانظر للثورة الإيرانية حينما فرض الشاه العلمانية بقوة جاء الخميني، والآن حينما تراجعت الثورة وبدأت في القهر بدأوا يثورون عليها.. وفي مصر حين غابت الحرية لعقود جاءت الحرية، إنها مشكلة حرية والدين يؤمن بالحرية والذي يختار بحرية هو أقوى إنسان.

مفهوم الحرية مفهوم كبير جداً فما أهم ما تعتقده فيه؟

- مفهوم الحرية وفق النظام العام الذي تعيش فيه، فمن حقك أن تسمع ما تشاء ولكن لا تؤذيني بما تسمع، وهكذا، والناس الذين يجبرون الناس على سماع القرآن لا يفهمون الإسلام، وهذا في الغرب حرية النقد وتجريم التجريح.

ولكن الغرب عنده أزمة في الحرية؟

- نعم وأنا قلت لهم ذلك في أكثر من مكان.. مثل الرسوم الدانماركية فحين قلنا لهم إن ذلك إيذاء لمشاعر المسلمين قالوا هذه حرية ولا نستطيع التدخل فيها فللحرية قيمة كبيرة ومآذن سويسرا أليست حرية؟!!

الحرية تراعي نظام الآخر والحرية أفضل من القمع، والتسامح أفضل من العقاب.

أنت تتكلم كثيراً وتعبر عن هذه الأفكار فما المخرج من حكاية اتهام الإخوان لكم أنكم تابعين للحكومة واتهام الحكومة بأنكم تابعين للإخوان؟

- كلا الاتهامين يثبت خطأ الآخر ويخرجنا من هذه المعضلة، والآن بعد السماح لحزبنا قانونيًا ستتضح كل الأمور.

هل سنشهد بعد الثورة المصرية والسماح لكم بحكم المحكمة عن تطوير في برنامج الحزب؟

- نحن في تطوير دائم لأن للحزب مشروعا والأحداث تتطور ولا تنتظر أحدًا.

والمشاركة بقوة في الحياة السياسية المصرية بمعني المشاركة في الانتخابات علي سبيل المثال هل سنشهد تطورًا في هذه المسألة؟

- بلا شك، وحتى لو لم يسمحوا لنا كنا نستعد لدخول الانتخابات القادمة، ونحن منذ زمن نشارك في كل الأحداث تقريباً مثل فلسطين والمسألة العراقية وحركة كفاية، وطريقنا مع الأحزاب الأخرى واحد من أجل الإصلاح السياسي، والوسط ينتظر مناخ الحرية أن يكتمل ليشارك مع قوى أخرى تؤمن بالتعدد في الإصلاح السياسي.

أنا فهمت أنك تشارك مع جميع القوى من أجل الإصلاح فماذا عن الإخوان والجماعات الجهادية التي تراجعت عن العنف؟

- الإخوان بوضوح لا ينفع التنسيق معهم لأن قواعد اللعبة الديمقراطية هم أبعد عنها، كما أن لهم وظيفتين سياسية ودعوية، ويستخدمون المساجد في معركة انتخابية غير متكافئة وحينما يحلون هذا الإشكالات يمكن أن ينفع التنسيق معهم، وأما من تراجعوا عن العنف فالخطوة الأولى وهي الإقلاع عن العنف قاموا بها وأظن الجماعة الإسلامية قامت بها بنجاح، وأنا قلت لهم ذلك، فإذا نضجوا في تفكيرهم، وأخذوا الخبرة في العمل السلمي، فيمكن ذلك، ولكن هذا يحتاج لسنين طويلة بمعنى أن يبقوا مثل الإخوان وبعد ذلك يكونون مثل الوسط.

هناك مشكلة أخيرة وهي مشكلة المد السلفي فما رأيك؟

- أنا قلق من هذه الظاهرة جداً وهؤلاء يحتاجون إلى حلقة نقاش واسعة من مفكرين وعلماء ويجب أن ننتبه لأفكارهم في حوار عميق، وأنا اتصلت بأكثر من شيخ وقائد لهم، بعد المؤتمر الذي قاموا بعمله في الإسماعيلية والإسكندرية حول المادة الثانية من الشريعة والتعديلات الدستورية، حيث قاموا بتوزيع بيان دعوا فيه لدولة إسلامية، وقلت إننا يجب أن نعطي للغرب وأمريكا تطمينات الآن بخصوص مصر ولا نخوفهم منا، وحتى الجماعة الإسلامية أنا اتصلت بالأخ ناجح وقلت له إن ما فعلتموه كان خطأ بخصوص المؤتمر الذي أقيم في المنيا وأسيوط ووافقني الرأي.

لم يعرف أحد شيئا عن دوركم في الاحتجاجات والثورة على نظام مبارك؟

- أنا وأفراد من الحزب شاركنا بقوة في هذه الثورة وبتنا ليالي في ميدان التحرير، ولكننا أردنا أن نجعلها ثورة شعب وليست ثورة حزب أو طائفة، وهذا هو سبب نجاحها.

هل ترى أن غياب الإسلاميين عن الصورة الأساسية ساهم في نجاح الثورة؟

- بالطبع ومنذ أيام كانت معي مراسلة الإذاعة الهولندية، وتكلمت عن صلاة المتظاهرين في الميدان فقلت لها إن الشعب المصري كله يصلي، فلابد أن نعطي تطمينات للغرب.

وهل هي تطمينات حقيقية؟

- بالطبع تطمينات حقيقية وعلى الغرب ألا يخاف من مصر، ولا من الإسلاميين طالما وجدت الحرية.

* بالتزامن مع مركز الدين والسياسة للدراسات