صفوق الشمري

إن كان هناك من اسم يُطلق على هذه الفترة الزمنية من التاريخ فأعتقد أن انسب مسمى لها هو حقبة النفاق السياسي. حقيقة أنا لا أستغرب تصرفات النظام الإيراني، ولا أريد أن أتحدث كثيرا عن انفصامه فالقمع الوحشي الذي قامت به السلطات الإيرانية للثورة الخضراء في إيران قبل فترة يصنف في أعلى درجات السلم لقمع شعب ما. وكان عذرها الرئيسي انه شأن داخلي بينما هي تتدخل حاليا في شؤون دول الخليج! وعلى العموم هذا معروف عن النظام الإيراني ولكن المؤسف حقا أن بعض العرب رضوا بأن يكونوا توابع لإيران !

ويالسخرية الزمن أن يتواجد هؤلاء في العراق الذي كان واحدا من أهم الأركان في الأمة العربية فهو الدولة التي كانت تقود ولا تقاد! كيف لهم أن يرحبوا بأن يكونوا رأس حربة لمهاجمة دول الخليج! المشكلة ان الواقع في العراق حساس للغاية ومنطقيا لايحتمل الوضع زيادة في الشحن الطائفي في بلد كان على شفا حرب أهليه طائفية.

أهذا كله من اجل الحصول على رضا الملالي ؟ ألا يعرفون أي تاريخ عظيم لبلادهم يحاولون تشويهه ؟! أو يريدون من دولتهم أن تتحول من دولة سيادية إلى مجرد تابع تأتيه الأوامر لينفذها دون أدنى مناقشة! هل يمكن أن تختصر دولة كبيرة كالعراق بأفق ضيق كأنها حزب! ماالفرق بينهم كدولة وبين الحزب الآخر بجنوب لبنان الذي يعتبر تابعا ثانويا لإيران؟

كان البعض يقترح أن يضم العراق لدول مجلس التعاون الخليجي مستقبلا ولكن هاهم بعض قادة العراق يضيعون الفرصة الأولى لاختبار مساندتهم لدول المجلس. كنا نأمل أن يكون العراق هو المرجعية الأولى للمذهبيين العرب خصوصا أن ذلك سيساعد المذهبيين العرب في التخلص من الانتقادات التي توجه إليهم وجعل المرجعية عربية كما كانت دوما لكن للأسف خاب ظننا.

قد ينظر البعض إلى دول الخليج بأن سياستها تعتمد كثيرا على الجزرة لكن المؤكد أن دول الخليج أيضا تجيد استخدام الطريقة الأخرى ولديها الكثير من الأوراق بالإضافة إلى ذاكرتهم القوية والاهم من ذلك أن دول مجلس التعاون تملك سياسة ثابتة وهذا شيء نادر في عالم متغير من يوم إلى آخر .

أقول لمن يهاجم دول الخليج: الخيار واضح دول الخليج لم تطلب من احد أن يكون تابعا لها ولكن تطلب منهم أن يكونوا تابعين لعقولهم ولعروبتهم ولم نفكر في يوم من الأيام أن نجعلهم توابع من الدرجة الثانية كما يفعل الآخرون.

** مما قيل هذا الأسبوع :

في هذا الأسبوع سأتكلم وبكل شفافية عن القيادات الشابة. للأسف الجيل الحالي من المسؤولين كنا نتوقع منهم الانفتاح والتواضع ولكن الصورة تبدو مختلفة ولا أبالغ إن قلت إن بعض كبار السن أكثر تفهماً وانفتاحا على الاقتراحات الجديدة وسأتطرق إلى مثال واضح وهو أبناء الزعماء العرب ولا أستثني احدا! عندما تشاهدهم في العواصم الأوروبية لم تر فيهم بُعد النظر والشمولية وذاكرتهم لدروس التاريخ ليست بالجيدة بينما تلاحظ أن الجيل القديم يمثل مدرسة في الواقعية السياسية وتطبيق النظريات فطرياً في مايدرَّس في العلوم السياسية.