القاهرة - عبدالغني عبدالرازق

حالة من الغضب تسيطر الآن على قطاعات من الشارع المصري متأثراً بالمؤسسات الدينية بسبب قيام قناة ميلودي المصرية بشراء مسلسل يوسف الصديق المدبلج والذي أنتجته إيران وقام ببطولته الممثل الإيراني مصطفى زماني الذي جسد دور نبي الله يوسف وإخراج فرج الله سلحشور.


وقد سبق أن عرض هذا المسلسل على بعض القنوات مثل قناة نسمة التونسية والكوثر وLBC وكان موقف الأزهر الشريف من هذا المسلسل عنيفاً حيث رفض المسلسل من البداية لأن ظهور الأنبياء على الشاشة مُحرَّم ولا يوجد أي استثناءات على هذا المبدأ حسب فتوى رسمية، فكيف يظهر شخص في دور نبي أو صحابي جليل! وبعد ذلك يظهر في دور مختلف وهو يغازل النساء ويشرب الخمر -حسب قول بعض الشيوخ.
وعند بدء القناة في عرض المسلسل قوبل ذلك بهجوم عنيف من الأزهر الشريف الذي يرفض ظهور الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة على الشاشة، فأصدر بياناً استنكر فيه عرض المسلسل لمخالفته قرار الأزهر حيث سبق أن أصدر مجمع البحوث الإسلامية قراراً بعدم تجسيد الأنبياء والعشرة المبشرين بالجنة بواسطة أي ممثل أو شخص؛ لأن الأنبياء معصومون من الخطأ أما العشرة المبشرين بالجنة فلا يجوز ظهورهم أيضاً وبما أن العمل التلفزيوني laquo;يوسف الصديقraquo; يتضمن تجسيد شخصية 3 من الأنبياء وهم سيدنا يوسف وسيدنا يعقوب وسيدنا إسحاق -عليهم جميعاً السلام- بالإضافة إلى تجسيد شخصية سيدنا جبريل -عليه السلام- وكذلك ملك الموت عزرائيل -عليه السلام- فإن الأزهر يرفض عرض هذا المسلسل، فالأنبياء والملائكة أنقى من تصورات وتخيلات البشر ولكن القناة تجاهلت هذا البيان واستمرت في عرض المسلسل في تحدٍ غريب للأزهر.

موقف قناة ميلودي

وقد أكد بعض المسؤولين في قناة ميلودي أن القناة لا تجد مشكلة أو أي أمر مثير للدهشة في عرض مسلسل laquo;يوسف الصديقraquo; فالمسلسل سبق عرضه قبل ذلك أكثر من مرة إضافةً إلى أن الأنبياء والرسل سبق تجسيد حياتهم على الشاشة قبل ذلك مرات عديدة إضافةً إلى أن القناة يوجد بها لجان تناقش الموضوع.. وترى هل هو مطابق لما ورد في القران أم لا! إضافةً إلى أن القناة قد وصل إليها الكثير من الخطابات والاتصالات الهاتفية والتي تعبر عن تقديرها لعرض المسلسل على الشاشة وهذا يدل على وجود ردود أفعال إيجابية من المشاهدين، فالقناة تسعى إلى أن تقدم مادة جيدة يتعلم منها الجيل الحالي قصص الأنبياء بطريقة مبسطة وممتعة وهذا موجود في هذا العمل فضلاً عن الأداء التمثيلي الرائع والذي أبهر جميع المشاهدين.

موقف نجوم الفن من المسلسل

يرى الفنان نورالشريف أن الأزهر محق في قرار منع ظهور الأنبياء على الشاشة لأن الأنبياء معصومون من الخطأ، ولذلك فلا يجوز ظهورهم على الشاشة كما أن من يجسد أدوارهم يمكن أن يشرب الخمر أو يتاجر في المخدرات أو يؤدى شخصية منحرفة في أدوار أخرى ولكن يجب على الأزهر أن يسمح بظهور آل بيت الرسول على الشاشة لأنهم ليسوا معصومين من الخطأ. وأضاف أنه تابع العديد من المسلسلات الإيرانية مثل laquo;مريم المقدسةraquo; و laquo;المسيحraquo; و laquo;يوسف الصديقraquo; ورغم إعجابه بمسلسل laquo;يوسف الصديقraquo; تحديداً إلا أنه يرى أنه لا يجوز ظهور الأنبياء على الشاشة لأنهم معصومون، إضافةً إلى أن لهم مكانة خاصة في قلب كل مسلم.
أما الناقد الفني طارق الشناوي فيؤكد أنه يجب على الأزهر أن يعيد موقفه في قرار منع ظهور الأنبياء والصحابة على الشاشة، فقد سألت علماء الدين فأجابوني أنه لا يوجد نص صريح يمنع ظهورهم على الشاشة، فمثلاً فيلم laquo;الرسالةraquo; الذي تناول حياة الصحابي الجليل حمزة بن عبدالمطلب ظل ممنوعاً من العرض لأكثر من 30 عاماً إلى أن تم عرضه منذ عدة سنوات ولم تحدث أي مشكلة، والأكثر من ذلك أن فيلم laquo;المسيحraquo; الذي يتناول حياة السيد المسيح عرض في مصر وحقق إيرادات كبيرة ولم يعترض أحد رغم أن ظهور الأنبياء على الشاشة ممنوع، كما أننا شاهدنا مؤخراً المسلسل السوري laquo;خالد بن الوليدraquo; الذي قام ببطولته الفنان السوري باسم ياخور ولم يعترض أحد، ولذلك فهذا المنع يجب أن يعاد النظر فيه من جديد حيث تمت مخالفة هذا القرار ولم تحدث أي مشكلات، ولذلك فأنا أرحب بعرض مسلسل laquo;يوسف الصديقraquo; على شاشة التلفزيون.
موقف علماء الدين

في البداية، أكد الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب أن الأنبياء لا يجوز ظهورهم على الشاشة مطلقاً، لأنهم معصومون من الخطأ ولهم مكانة مقدسة في قلوب جميع المسلمين ومنهم من كلمه الله مثل سيدنا محمد في ليلة الإسراء والمعراج وكذلك سيدنا موسى وسيدنا إبراهيم، أما الصحابة فنفرق بين العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم من الصحابة، فالعشرة المبشرون بالجنة ممنوع أيضاً ظهورهم على الشاشة فكل من بُشِّر بالجنة لا يجوز ظهوره على الشاشة مطلقاً، لأن بشارة الصحابي بالجنة تمنع ظهوره على الشاشة، لأنه قد ينتج عن تجسيد حياتهم على الشاشة الاستخفاف والاستهزاء بهم فقد يؤدى أدوارهم أشخاص بعيدون عن التدين والالتزام بأوامر الله أما الصحابة الذين لم يبشروا بالجنة فهؤلاء يجوز ظهورهم على الشاشة لإظهار دورهم في خدمة الإسلام وبالنسبة لمسلسل laquo;يوسف الصديقraquo; وظهور الأنبياء في المسلسل فهذا أمر غير جائز شرعاً حتى لو إجازة البعض ولو لم يتم تحريف أو إضافة شيء.
أما الدكتورة أمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فترى أن مسألة تجسيد حياة الأنبياء على الشاشة أمر مرفوض ولا يمكن المناقشة فيه لأن جميع الأنبياء يتمتعون بالعصمة فالله سبحانه وتعالى اختارهم لكي يبلغوا رسالته لأقوامهم، ولذلك فالأنبياء والرسل كان لهم اتصال وحضور مع الذات الإلهية سواء بطريق مباشر مثل سيدنا محمد وسيدنا موسى أو بطريق غير مباشر مثل سيدنا يوسف وهو الأمر الذي يعطى خصوصية لشخصية الأنبياء ويجعلهم في منزلة تختلف عن غيرهم من بقية البشر فهؤلاء كانوا أصفى الناس قلباً وأعظهم خشيةً لله -سبحانه وتعالى- وكانوا حريصين على تبليغ رسالة ربهم مهما كان الثمن، ولذلك لا يجوز ظهورهم على الشاشة أبداً.
أما الدكتور عبدالمعطي بيومي فيرى أن القرآن والسنة لا يوجد بهما نص صريح يمنع ظهور الأنبياء على الشاشة، لأن عندما ظهر الإسلام لم يكن هناك كهرباء أو تلفزيون ولكن الحياة تغيرت الآن، ولذلك فنحن نرفض ظهور الأنبياء على الشاشة لأن الأنبياء معصومون ولهم كمال مطلق، ولذلك فظهورهم على الشاشة يسيء لهم ولمكانتهم في قلوب المسلمين إضافةً إلى أنه يحول كمالهم إلى شيء محدود.
لكن المفكر الشيعي المصري أحمد راسم النفيس أكد أن العمل في مجمله جيد ويستند إلى القرآن وليس به نقد جوهري يمكن أن يوجه إليه ولا دخل للأزهر بمسألة عرض المسلسل فهذا المسلسل إيراني وقد استند إلى الهيئة الشرعية في إيران، كما أكد المخرج الإيراني فرج الله سلحشور أن الغرض من تقديم المسلسلات الدينية هو أن نثبت للجميع أننا نستطيع أن نقدم مسلسلات إسلامية هادفة بعيداً عن المسلسلات الهابطة، كما أن الثقافة الشيعية لا تمانع ظهور الأنبياء على الشاشة حتى لو كانوا معصومين فلا توجد مشكلة في تخيل صورهم وملامحهم فهوليوود قدمت أعمالاً كثيرة جداً عن الأنبياء وظهروا بشخصيتهم على الشاشة.