يعقوب أحمد الشراح


في سياق الاحداث المتتالية والمتصاعدة والتوتر في الاقليم العربي اصطدمت الدول الخليجية بمؤامرة تستهدف أمنها من قبل ايران، الدولة المجاورة والتي لها روابط اجتماعية وسياسية وتجارية وتاريخية بالدول الخليجية. والسؤال لماذا التآمر على الدول الخليجية التي لم تقصر أو تتردد في الوقوف مع ايران في الكثير من مشكلاتها، خصوصا تهدئة الضغوطات الدولية عليها بسبب الملف النووي والتهديدات الدولية بالعمليات العسكرية؟
لقد اصدر القضاء الكويتي الحكم على الضالعين في شبكة التجسس الايرانية على الكويت، كما توصلت البحرين الى وجود دلائل وبراهين على تدخل ايران في أوضاعها الداخلية، وتنسيقها مع بعض المعارضين في البحرين. ومع ان الاضطرابات التي حدثت في عُمان مازالت غير معروفة المصدر الا ان الاصابع تشير الى تدخل ايراني او اطراف لها علاقة بإيران. كذلك المشكلة اليمنية التي كثر الحديث حولها وما اذا كان الحوثيون لهم صلة بإيران اتضح في ما بعد ان إمدادات عسكرية واقتصادية تصل هذه الفئة في اليمن. ناهيك عن الدور الايراني الطاغي في العراق، والسيطرة الكاملة على جنوبه.
الشواهد كثيرة عن الدور الايراني في خلق إشكالات في الخليج تدفع الى التفكير في البحث عن الدوافع الفعلية لإيران ومراميها في كل ما يحصل على الساحة الخليجية. فإيران لم تكن مهتمة بالشأن الخليجي الا في الجوانب التي تعتقد انها تشكل مصادر لمخاطر على أمنها مثل وجود القواعد العسكرية الاجنبية، لكن الاحداث الاخيرة المتمثلة بشبكات الجواسيس تقدم دلائل على ان ايران لها مرامٍ واسعة في الخليج، وان أجنداتها لا تتعلق بمجرد قلقها من الاميركيين وغيرهم في الخليج، وإنما تريد احتلال الاراضي الخليجية بهدف خلق قوة وسيطرة تستطيع إرباك الدول الغربية وأميركا باعتبار ان المنطقة الخليجية بعد أمني واستراتيجي لهذه الدول، خصوصا ان الخليج منتج رئيسي للطاقة في العالم.
ايران تريد تصدير الثورة الاسلامية كهدف استراتيجي طائفي مشحون بأجندات دينية سياسية. لذلك فالبعد الطائفي الديني وإشغال الاوضاع الداخلية في دول الخليج كما حدث في البحرين عوامل محفزّة ومساعدة على بسط السيطرة لإحداث تدخلات تعين على الإخلال بالامن الوطني للدول الخليجية، وبالتالي تقلل من مصادر الضغط الدولي على ايران عندما تنشغل الدول خصوصا أميركا وحلفاءها بالاضطرابات الداخلية الخليجية.
نتمنى ان تنأى ايران بنفسها عن التدخلات وخلق خلافات ومواجهات مع مجلس التعاون الخليجي، فهي بحاجة شديدة الى الدول الخليجية، خصوصا في ظروفها المرتبكة وغير المستقرة على المستويين الداخلي والخارجي، والتي مازالت تعيشها ايران وتحاول الخروج منها باتباع كل السبل الممكنة... المد الطائفي وشحنه في النسيج الاجتماعي والسياسي للدول الخليجية لن يكون مفيدا او مجديا، بل ان الطائفة الشيعية التي استوطنت الخليج لن تقبل بالتدخلات الايرانية، فهي تتصف بالمواطنة وتحمل الولاء على نحو لا تختلف عن مواطنة السني وولائه لأرضه التي يعيش عليها ويأكل من رزقها. نتمنى ان تتخذ الدول الخليجية موقفا موحدا من ايران، وألا تسمح لإيران ولا لغيرها بالعبث بأمنها الوطني. وهذا يستدعي تشديد الامن الداخلي، وإعادة النظر في العلاقات الايرانية - الخليجية، والاتفاق على استراتيجية أمنية وسياسية تمنع حدوث اختلالات او اختراقات للحاجز الامني الذي هو الشريان الرئيسي للحياة في دول الخليج.