عدنان حسين
لست ربيباً للحكومة العراقية، ولا أرتبط بأي علاقة تنظيمية أو سياسية بأيٍّ من القوى التي تتشكل منها، على كثرتها الفائقة، بل أنني أجد نفسي أقرب الى صف معارضي الحكومة الوطنيين وأبعد عن صف مؤيديها، ومع ذلك فإنني لا أتردد في تبرئة هذه الحكومة من إمكانية التورط في تهريب أسلحة الى سوريا.
أؤيد ما تقوم به الحكومة في إطار العملية السياسية الجارية منذ العام 2003 بما يحقق الوجهة الديمقراطية لهذه العملية، وأعارض بقوة كل عمل تقوم به الحكومة ينطوي على انحراف عن هذه الوجهة، ولا أتردد في انتقاد كل تقصير وتلكؤ وخطأ للحكومة في هذا الخصوص، ولأن أخطاء الحكومة والعيوب والتقصيرات في أدائها كثيرة غلب موقف الانتقاد واللوم والتقريع عندي على موقف التأييد، وأتمنى أن يتغيّر أداء الحكومة ليصبح موقف التأييد هو القاعدة، والموقف المعارض هو الاستثناء.
ورغم هذه المعارضة، فإنني لا أتردد في الدفاع عن موقف الحكومة بشأن ما أعلنته السلطات السورية منذ يومين، وقبل أسابيع كذلك، من انها ضبطت أسلحة مهرّبة من العراق الى سوريا بما يوحي ان لسلطات العراق دوراً ما في quot;مؤامرةquot; على الجارة الغربية. إذا صحت هذه المعلومات (بخصوص دخول أسلحة في شاحنات الى سوريا من العراق) فبوسعي تبرئة الحكومة من هذا العمل الإجرامي الذي لا أجد أي مصلحة فيه للعراق ولا أي مبرر للحكومة للإقدام عليه.
منذ أسابيع، عندما أعلنت السلطات السورية انها ضبطت أسلحة في شاحنة عراقية عبرت الحدود الى سوريا، كتبتُ في هذا العمود أيضاً أنه اذا كانت الرواية السورية صحيحة فان الحكومة العراقية بريئة ولا شك، ولكنها لا تستطيع التنصل عن مسؤوليتها في ضبط الحدود وعليها الاعتذار عن ذلك الى الحكومة السورية والعمل على عدم تكراره... حتى الآن لم نعرف حقيقة الأمر في ذلك الحادث.هل المعلومات السورية دقيقة؟ هل كانت الشحنة مرسلة من الجانب العراقي؟ هل لأي طرف حكومي أو سياسي عراقي صلة؟
لا مصلحة للعراق والدولة العراقية والحكومة العراقية أي مصلحة في توتير العلاقات مع سوريا أو غيرها من الجيران أو أي دولة أخرى في العالم.. وإذا كانت المعلومات السورية صحيحة هذه المرة وليس هناك محاولة للدس والوقيعة، فما من شك في أن جهة إرهابية أو إحدى عصابات تهريب الأسلحة هي التي قامت بالعمل. وهذا أمر لا بد من توقعه، فقد ظلت الحدود السورية باتجاه العراق مفتوحة لسنوات عدة أمام الإرهابيين منquot;القاعدةquot;وفلول نظام صدام، بل ان بعض الأجهزة السورية كانت متورطة في ذلك، ولقد حذّر العديد من السياسيين والكتاب العراقيين من أن منح الإرهابيين حرية الحركة عبر الحدود ستكون له عواقب وخيمة في الجانب السوري أيضاً، فالإرهاب ليس له وطن أو دين أو قومية أو جنسية.. وإذ لا يتردد الإرهابيون في سفك دماء العراقيين وإزهاق أرواحهم بالجملة فانهم لن يرتدعوا عن سفك الدم السوري وإزهاق الأرواح السورية أيضاً في الوقت المناسب.
شحنات الأسلحة التي تعبر الحدود من العراق الى سوريا ndash; إن صحت المعلومات السورية بشأنها ndash; هي تجارة إرهابية ولا شك، فقد وجد الإرهابيون ان سوقهم التي تراجع نشاطها في العراق يمكن أن تزدهر هذه المرة في الجانب الآخر من الحدود: سوريا.
التعليقات