داود الشريان


مطالبة دول الخليج العربية مجلس الأمن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف التدخلات والاستفزازات والتهديدات الإيرانية التي تسعى الى إشعال الفتن والتخريب داخل دول مجلس التعاون، تحولت الى شكوى بعث بها سفراء دول المجلس إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الحالي لمجلس الأمن ممثل كولومبيا السفير نيستور اوسوريو، وتضمنت الشكوى رفض مضمون رسالة وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الى الأمين العام للأمم المتحدة حول الوضع في البحرين.

مشكلة دول الخليج مع إيران أن الأخيرة لا تعترف بمجلس التعاون، وتعتبره تجمعاً إقليمياً موجهاً ضدها، وهي سعت خلال العقود الثلاثة الماضية الى التعامل مع دول المجلس في شكل منفرد، فساهمت هذه السياسة في إضعاف دور مجلس التعاون وتغييب تأثيره في توحيد سياسة دوله تجاه إيران، فضلاً عن ان طهران استغلت خلافات بين دول خليجية لتمرير سياسات ومواقف تتعارض مع الموقف الجماعي لهذه الدول. لهذا يمكن القول ان موقف إيران من دول الخليج مجتمعة متوتر، لكنه على صعيد العلاقات المنفردة مع بعضها يسمح بالحد الأدنى من التفاهم. هذا القدر من التفاهم الثنائي يجب أن يسخّر لتفعيل مظلة مجلس التعاون وليس للتقليل من أهميتها التي باتت ضرورية للتعامل مع الأخطار الخارجية، والتدخلات الإيرانية المتزايدة على رأس هذه الأخطار.

لا شك في أن دول الخليج مدعوة الى وقف أي تحرك يكرس عدم اعتراف إيران بالمجلس، وهي قامت في السابق بخطوات كرست الموقف الإيراني الرافض للمجلس كمنظمة إقليمية، حين شكلت لجنة خارج قبة المجلس للحوار مع طهران حول قضية الجزر الإماراتية المحتلة. وثانياً، يجب إقناع إيران بأن ظروف تأسيس المجلس أصبحت شيئاً من الماضي، بل لا بد من التلويح لإيران بأنها يمكن أن تكون جزءاً من هذه المنظومة الإقليمية في المستقبل، إذا غيرت سياستها وأصبحت تتعامل مع دول الخليج بمنطق الجوار والمصالح والأخوة الإسلامية.

الأكيد أن نقل مشاكل دول الخليج مع إيران الى مجلس الأمن خطوة متعجلة، وهي ليست الحل الأمثل. ثمة فرصة للحوار والتفاهم، فضلاً عن أن دول مجلس التعاون لديها أوراق ضغط اقتصادية، وهي تستطيع أن تحد من تطرف السياسة الإيرانية، فالعلاقات الاقتصادية بين دول الخليج وإيران ضخمة ومتشعبة، وطهران ليست على استعداد للتفريط بها. في الإمكان إدارة الأزمة مع الإيرانيين بلغة المصالح، بعيداً من تدويل المشكلة.