راجح الخوري

كلام رئيس الوزراء المصري عصام شرف في الرياض بدا وكأنه بطاقة حمراء يرفعها في وجه امرين:
اولهما المحاولات المتكررة لدق اسفين في العلاقات المصرية ndash; السعودية بعد نجاح ثورة 25 كانون الثاني، وثانيهما إفهام طهران ان الانفتاح عليها بعد قطيعة طويلة، لا يعني اطلاقاً اي تغيير في السياسة المصرية، التي تعتبر quot;ان امن الخليج خط احمر وهو جزء من الامن القومي المصريquot;.
وفي الواقع، عندما بدأت مصر اعادة هيكلة علاقاتها الخارجية، صادف الحديث عن التقارب مع ايران قيام الاحداث في البحرين ليثير موجة من التساؤلات في دول مجلس التعاون الخليجي، وخصوصاً بعد ارتفاع منسوب التوتر مع طهران على خلفية تدخلاتها في البحرين والكويت ودولة الامارات ورفع انتقاداتها للسعودية.
واذا كانت مصر تريد اعادة بناء علاقاتها مع ايران، فإن ذلك لا يعني انها غيّرت ثوابتها العربية، وهذا ما اراد شرف تأكيده في جولته على السعودية والكويت وقطر ثم باقي دول مجلس التعاون. فليس سراً ان هناك من حاول تخريب العلاقة بين القاهرة والرياض منذ قيام الثورة المصرية. فقد اشيع اولاً ان حسني مبارك هرب الى السعودية، ثم قيل انه هبط في تبوك. وعندما اجتمع الامير سعود الفيصل مع المشير محمد طنطاوي أشاع quot;الغيارىquot; ان السعودية حذّرت مصر من مغبة محاكمة مبارك، وانها ستوقف الاستثمارات وتطرد العمال المصريين منها اذا حصل ذلك. لكن القاهرة نفت كل هذا بعدما بدا ان هناك اصراراً على تخريب العلاقة المصرية ndash; السعودية، تردد انه ايراني!
والذين يتولون القيادة الآن في مصر يعرفون تماماً المصالح الوطنية وسلّم اولوياتها، ولهذا بدأت جولة شرف الخليجية من الرياض، لان العلاقة المصرية ndash; السعودية هي جسر التعاون العربي ودعامة التضامن بين العرب وبما يمثّل محور الاعتدال والعقل. واذا كانت محادثاته مع الملك عبد الله قد تمت على quot;اعلى مستوى اخويquot; كما يقول، فإن الرسالة الاساسية التي وجهها الى ايران، لتسمعها ايضاً الدول الخليجية هي التي تقول: quot;ان امن الخليج خط احمر لا يمكن تجاوزه، وان مصر ترفض التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لدول الخليج، لان امن هذه الدول هو جزء من الامن القومي المصريquot;.
ربما زيادة في الحرص على توضيح الموقف حرص شرف على القول ان تنشيط العلاقات مع ايران لا يعني اطلاقاً طي صفحة ناصعة كصفحة العلاقات المصرية ndash; السعودية، وان من ابرز ثوابت السياسة المصرية امن دول الخليج وعروبتها، وهو الامر الذي لا تقبل مصر المس به quot;ومن الثوابت ان السعودية وخادم الحرمين الشريفين في قلب كل مصريquot;.
واضح ان الكلام لتسمع طهران جيداً بعدما افترضت ان الثورة المصرية خرجت من عندها!