راجح الخوري

مرة جديدة طمأن البطريرك بشارة الراعي الى انه سيواصل الطريق التي سلكها من قبله الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير: quot;لا تخافوا، انا هوquot;، واقول له: quot;من المكان الذي وصلت اليه سأبدأ. إنك البطريرك الدائم وانت ذخيرة حية في بكركيquot;.
هذا الكلام يثلج صدور الكثيرين من المسيحيين خصوصا واللبنانيين عموما، الذين وجدوا دائما في صفير ضميراً ساهراً على لبنان الحرية والسيادة والاستقلال، وتحديدا في ايام الوصاية السورية الضاغطة على البلاد والعباد.
لكن هذا الكلام لن يسرّ اطلاقا اولئك الذين نصّبوا وينصّبون انفسهم اوصياء وممثلين حصريين لهذه الحرية والسيادة والاستقلال، مفترضين ان اجنحة الملائكة تنبت فوق اكتافهم وانهم انما جاؤوا ليدينوا الناس رغم ان في تاريخهم تاريخاً من العيوب!
كذلك إن كلام البطريرك الراعي لن يعجب الذين ارادوا ويريدون للبنان ألا يبلغ سن الرشد وان يظل في حاجة الى رعاية خارجية قريبة او اقليمية تعطيهم بالتالي وكالة حصرية تجعلهم يسهرون على مصالحها فيه اكثر من مصلحته.
وعندما قالها ثلاثاً: quot;لبنان اولا، لبنان اولا، لبنان اولاquot;، تذكّر الحاضرون والمستمعون في امكنة بعيدة كل الابطال الذين ضحوا بحياتهم ليكون لبنان اولا من ايام العثمانيين الى يومنا هذا: quot;اولئك الذين عرفوا كيف يقدمون ذواتهم من اجله وبهدف خلاصه في كل مرة كان يصل الى شفير الهاوية، هؤلاء الابطالquot;، كما سمّاهم الراعي الذي سمعه اللبنانيون وتذكروا شهداءهم الذين سقطوا على مذبح السيادة والحرية، ربما لكي تبقى السما زرقا كما يقول الرئيس سعد الحريري، ولأن بقاءها هكذا يعني عمليا ان لبنان باق مهما ازدادت من حوله التهديدات.
لم يكن هناك من ضرورة لكي يقول الراعي: quot;لبنان اولا والسما زرقاquot;، ففي الوطن اكثرية كبيرة تردد معه ضمنا ومع سعد الحريري علنا هذا الشعار الذي يقود الكثيرين الى استذكار كوكبة من الشهداء الذين ضحوا بحياتهم وسقطوا غيلة من اجل بقاء لبنان اولا، والذين فجروا quot;ثورة الارزquot;، فسارع quot;المحبونquot; ليقولوا إنها quot;ثورة القنبيط والزيتونquot; على سبيل الضيق والتهكم.
لكن لبنان لا يبنى بالكلام والضغائن والاحقاد، ولا بمحاولة ادخال الدولة ومشروعها من خرم اللون الواحد والحزب الواحد والرؤية الواحدة، كذلك لا يبنى من خلال الاوهام المتورمة جدا والشخصانية المرضية حتى الافتراض بامتلاك مفاتيح السماوات... وكل هذه المآثر هي التي تزدحم الآن وراء عقدة تشكيل الحكومة.