الوطن البحرينية
لم يكن لأي مخطط متصل بولاية الفقيه أن ينجح بالظهور في البحرين لولا الدعم المادي الذي قدم له عبر عدة وسائل وفعاليات. ومثلما كان تأثير المرجعية الدينية (الولائية) التي مهّدت لولاية الفقيه في الظهور، فقد كان للدعم المالي تأثير كبير جعل من مجرد فكرة إقامة ولاية الفقيه في البحرين فكرة قابلة للتطبيق. وقد ظهر مخطط ولاية الفقيه في البحرين بصورته الحديثة منذ بدأ المشروع الإصلاحي، حيث استغلت شخصيات (ولائية) مؤمنة بولاية الفقيه وعلى رأسها الشيخ عيسى قاسم، منجزات العملية الإصلاحية التي شهدتها المملكة منذ تولي جلالة الملك الحكم وإقرار ميثاق العمل الوطني والبدء في عودة الحياة السياسية. فقد استغلت هذه الشخصيات الدرجة الواسعة من الحريات والحقوق والصلاحيات والتفويضات التي منحها المشروع الإصلاحي للمنظمات الأهلية والشخصيات القيادية في المجتمع. وجاء الدعم الذي موّل مخطط ولاية الفقيه في البحرين من خلال قنوات شرعية (دينية) تمثلت في أموال الزكوات والخمس والمساعدات التي قدمتها مؤسسات خاصة وشخصيات تجارية وأفراد عاديين، إلى جانب الأموال والتبرعات التي تم تحويلها من خارج البحرين إلى حسابات شخصيات دينية عملت على إدارة ملف ولاية الفقيه في البحرين. وتدخل في دائرة الاتهام عدد من التنظيمات بعضها مرخص كجمعية الوفاق الوطني الإسلامية وعدد من الجمعيات الخيرية (الدينية) وبعضها غير مرخص كالمجلس العلمائي الإسلامي، وعدد من التنظيمات السياسية والحقوقية وبعضها منحلة. إن مخطط ولاية الفقيه يمنح (الولي الفقيه) الحق في التصرف في الخمس والزكاة، فالإمام الفقيه هو العارف بأحوال ولايته وتصريفات الأموال المستحقة العاجلة والآجلة. وكما أشرنا في الجزء الأول من الملف، فإن للإمام الفقيه الحق في جمع الأموال الظاهرة والباطنة المتحصلة من الزكاة، كما أن أموال الخمس والفطر التي تدفع لهذا الغرض تكون للفقيه الحق في التصرف فيها في الشكل الذي يراه مناسباً. ويحق للولي الفقيه أن يطلب تحصيل أموال الخمس والزكاة، فيصبح لزاماً على المتزكين أن يدفعوا خمسهم وزكاتهم للفقيه دون رده، وذلك من منطلق أنه تحرم مخالفته وتجب طاعته. وللفقيه أن يعيّن ما يراه مناسباً من وكلاء له لتحصيل أموال الخمس والزكاة، كما يحق له أن ينشأ من المؤسسات التي تشرف على تحصيل هذه الأموال، وفي كل هذه الحالات يكون الفقيه صاحب الحق في تصريف هذه الأموال حسب ما يتفق مع ما يراه مناسباً في وقته وعصره. ونظراً إلى أن حكومة الفقيه غير متحققة على أرض الواقع فإن جميع الإجراءات التي يقوم بها (الولي الفقيه) تعتبر سرية وغير معلومة ومجهولة المصدر أحياناً، وهو ما يدفعه إلى فتح حسابات بنكية غير معلومة بأسماء غير معروفة يقوم فيها بتوزيع الأموال والتبرعات التي يحصل عليها، وكثيراً من هذه الحسابات تعود إلى مؤسسات تجارية ورجال أعمال وذلك تهرباً من المساءلة عن هذه الأموال بحجة أنها تأتي من التجارة.
التعليقات