مكرم محمد أحمد

لا يخفي عدد من قادة جماعة الإخوان عزمهم تطبيق أحكام الشريعة, إن ظفروا بأغلبية معتبرة في البرلمان القادم, يساندهم في ذلك السلفيون بكل ألوانهم والقوي والجماعات الإسلامية من كل طيف, وغالبية علماء الدين بمن في ذلك شيوخ الأزهر وتلاميذه, ولا اعتراض من حيث المبدأ, لأن الشريعة الإسلامية تشكل المصدر الأساسي للتشريع بحكم نص دستوري يتوافق الجميع بمن فيهم أقباط مصر علي ضرورة استمراره في الدستور الجديد... لكن تطبيق الشريعة يجد مفاهيمه المتعددة بتعدد المرجعيات الإسلامية التي تستند إليها فرق ومذاهب يصعب أن تجتمع علي رأي واحد في كثير من القضايا المتعلقة بمتغيرات الحياة, يري عقلاء المسلمين أن اختلافهم رحمة لأنه يوسع دائرة الاختيار أمام الإنسان المسلم حتي لا يصبح أسير التنطع والتشدد, وأن التطبيق الصحيح يفرض الإبقاء علي تعدد المرجعيات لتوسيع دائرة الاختيار وعدم التدخل في العلاقة بين الإنسان وربه, والاكتفاء بعدم صدور قوانين مدنية تناقض ثوابت الشريعة التي تضع ضمن أول أهدافها تحقيق مصالح العباد.
ولا أظن أننا نستطيع أن نغفل تجارب دول إسلامية تشددت في تطبيق أحكام الشريعة دون اعتبار لمتغيرات الحياة ومتطلبات التنوع الثقافي والديني الذي يفرض علي الجميع تقديم حقوق المواطنة حفاظا علي وحدة الوطن حتي لا يتكرر ما حدث في السودان والجزائر والصومال.
ويثير تطبيق الشريعة أسئلة عديدة يصمت عنها غالبية دعاة الإسلام السياسي لعل أولها: هل نفهم تطبيق الشريعة علي أنه إعلاء لقيم الإسلام, وتقديم مصالح العباد والالتزام بأن الدين النصيحة وحسن المعاملة والموعظة الحسنة, أم نفهم تطبيق الشريعة علي أنه الالتزام بالنص الحرفي وتطبيق الحدود دون اعتبار لمتغيرات الأزمنة التي فرضت معايير عالمية لحقوق الإنسان يلتزم بها الجميع, وبعبارة أخري هل نأخذ بالنهج الوهابي الذي يطبق الحدود علانية, ويقر الوهابيون أنفسهم بحاجته إلي التطوير أم نأخذ بالنهج التركي العملي الذي يركز علي القيم بأكثر من تركيزه علي تطبيق حرفية النص, وماذا يكون حالنا إن أهدرنا تراث الأزهر أعظم مدارس الإسلام وأبقاها أثرا ؟! وللحديث بقية