إياد الدليمي

كما المطلقة، التي تتربص ثلاثة أشهر أو ثلاثة قروء قبل أن يحل لها الزواج من آخر، اختار رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لوزرائه الأربعين ثلاثة أشهر وزادها عشراً لتحقيق مطالب الشعب العراقي الخدماتية، والتي انتهت مساء الثلاثاء، دون أن تظهر أية نتيجة أو يتحقق وعد، فلا الخدمات تحسنت ولا حكومة المالكي الناقصة لوزرائها الأمنيين اكتملت، ليكون بداية عهد لانفصال بلا رجعة بين حكومة المالكي والعراقيين، الذين لم يختاروها وإنما فرضت عليهم بحيل وألاعيب وأحزاب وطائفية ومحاصصة مقيتة.
انتهت laquo;عدةraquo; حكومة المالكي ولا جديد يذكر أو قديم يعاد، العراق المدمر هو ذات العراق الذي يعيش منذ الغزو الأميركي واقعا تكون مترفّقاً معه إذا ما وصفته بـ laquo;المأساويraquo; بل إن المالكي أبى إلا أن يكمل laquo;عدتهraquo; بفضيحة من النوع المدوّي، تمثلت بهروب مدير البنك التجاري العراقي حسين الأزري المقرب من حامي حمى متظاهري البحرين، أحمد الجلبي، والذي جاء إلى منصبه بـ laquo;واسطةraquo; من المالكي ذاته، قبل أن تتأزم الأمور بين الاثنين ويتهم المالكي البنك بارتكاب مخالفات مالية، فر على إثرها رئيس البنك إلى بيروت، دون أن يعرف أحد كيف فر وأي طريق سلك ولماذا لم يعتقل في المطار، علما أن لجنة النزاهة في برلمان العراق الموقر تمنع سفر أي مسؤول عراقي إلا بعد إذن منها.
تشير المعلومات التي تسربت إلى أن المالكي كان قد طلب من مجلس إدارة البنك إصدار أذونات مالية لشركة كورية جنوبية بملايين الدولارات، الأمر الذي رفضه مجلس الإدارة مما دفع بالمالكي إلى فتح ملف الفساد في البنك، وهو ملف موجود تحت الطلب لدى مكتب المالكي سواء لهذا البنك أو لغيره، يفتح كلما وجد رئيس الحكومة صدا ورفضا من قبل هذه المؤسسة أو تلك لقضايا مشكوك في نزاهتها.
laquo;عدةraquo; حكومة المالكي انقضت، والعراقيون يعيشون جحيم صيفهم الذي لا يرحم في ظل الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، المعضلة التي فشلت حكومات الاحتلال المتعاقبة في إيجاد ولو نصف حل لها، حتى لو كان بإيجاد بدائل وقتية حتى تنجز المشاريع العملاقة التي وعد بها المالكي، والتي خصص لها منذ حكومته الأولى ما يقارب الـ17 مليار دولار، كانت تكفي لو أنها وجدت طريقا حقيقيا للتنفيذ، لتنير ليس مدن وقرى العراق وإنما تصل إلى غابات إفريقيا الوسطى.. ولكن، وبدلا من أن يعترف السيد المالكي بفشل حكومة الأربعين حرامي في تحقيق ما وعدت للعراقيين، راح يُنظّر ويتفلسف ويحاور وزراءه على الهواء ليؤكد على مدى ديمقراطيته وشفافية حكومته، بل إنه تمادى وراح يطلب laquo;عدةraquo; أخرى، تتمثل بمئوية جديدة، ستكون محملة بالإنجازات والبشائر للعراقيين الصابرين على معاناتهم اليومية.
لن أصدق ولا أعتقد أن هناك عراقيا يمكن له أن يصدق أن المالكي وحكومته وبرلمانه يمكن أن يحققوا شيئا للعراقيين، فهم جاؤوا لخدمة مصالحهم ومصالح من أوصلهم إلى هذه المناصب، ولم يفكر أي أحد منهم بخدمة العراقيين، ولعل أرصدة أغلبهم التي تضخمت في بلدان لجوئهم وفنادقهم التي تحولت إلى أوكار لفسادهم المادي والأخلاقي خير دليل على ما نقول.
العراقيون مطالبون اليوم وأكثر من أي وقت مضى بخلع جلود أحزابهم وطوائفهم وعرقياتهم، والتشبث مرة أخرى بزيهم الوطني، عراقيتهم التي سعى المحتلون وأعوانهم لتدميرها، مطالبون اليوم أن يخرجوا في الساحات والشوارع ليسقطوا ليس حكومة المالكي وحسب وإنما كل أركان العملية السياسية التي سعى الاحتلال لترسيخها في العراق.
المالكي وحكومة الأربعين مرعوبون منذ أول تظاهرة انطلقت في الخامس والعشرين من فبراير الماضي، وصاروا يتملقون الشعب، كعادة الأنظمة الفاسدة والقمعية، وهم اليوم يخشون من ردة فعل العراقيين، يخشون من تظاهرات جديدة تهز عروشهم الورقية.
الأكيد أن القوات الأميركية المحتلة وإدارة أوباما لن تسمح الآن بسقوط حكومة المالكي، وستسعى للدفاع عنه، فهي ترتب أوراقها لبقاء وتمديد بعد انتهاء المدة المتفق عليها في معاهدة laquo;صوفاraquo; بين بغداد وواشنطن والتي تقضي بسحب آخر جندي أميركي من العراق نهاية عام 2011، ولكن إذا قرر العراقيون أن يخرجوا من قمقم الطائفة والحزب والعرق والقومية إلى فضاء الوطن الرحب، فلا راد لإرادتهم، ونهاية laquo;عدةraquo; المالكي ستحمل معها صرخات الطلاق البائن بلا رجعة بين الشعب وحكومة المنطقة الخضراء.