صبحي زعيتر

أعتقد أن كل ما شهده ويشهده الربيع العربي يسجل في إطاره الإيجابي، من كسر حاجز الخوف في النزول إلى الشوارع والساحات، وصولا إلى إسقاط أنظمة، وتشكيل وعي عربي يؤمن بالحرية والديموقراطية.
ولكن الشيء الخطير في الربيع العربي ما بدأنا نشهده من دعوات ونزعات انفصالية بدأت بوادرها بشكل علني ومفضوح من اجتماع بروكسل لقادة اليمن الجنوبي الذين جاهروا بالانفصال عن الدولة الأم وإحياء دولتهم، وهو ما كان لمس بشكل خجول في مصر لناحية الدعوات إلى دويلة تقوم على أساس ديني، وهو ما كان أخمد في لبنان في فترات سابقة.
لم تكن الدولة اليمنية الموحدة التي خرجت من رحم الشمال والجنوب، هي النموذج الذي يحتذى به، ولكن قيام دولة جنوبية جديدة يشكل الخنجر في صدر مفهوم الدولة العربية، وخاصة أن الدعوات الانفصالية تلقى من يؤيدها على طول العالم العربي وعرضه، كما تلقى تشجيعا غربيا مشبوها.
ربما كان انفصال جنوب السودان عن شماله الخطوة الأولى، في مسيرة قيام الكيانات الاتنية والطائفية في العالم العربي، ولكن بالطبع لن تكون الأخيرة، وربما تمتد في بعض البلدان إلى كيانات قبلية، إذا لم يستشعر القادة العرب هذا الخطر، والسعي بشكل حثيث إلى تبديد المخاوف الداخلية عن طريق اعتماد رؤية إنمائية تقضي على الفقر والجهل وتعزز الروابط الوطنية.
ربما يكون لأبناء جنوب اليمن أسبابهم، وهي أسباب تتعلق بالإنماء وتوزيع الثروة، ولكن الترياق لن يأتي بالفرقة، بل بالوحدة.