الوطن السعودية

أصاب البيان الختامي للقاء التشاوري الذي عقد بدعوة من النظام في سورية، المعارضة السورية بالإحباط، كونه لم يحدد مهلة زمنية لمباشرة العمل في إقرار التوصيات الـ18 التي أصدرها، ومن ثم تنفيذها.
وربما كان سبب مقاطعة المعارضة في الداخل أو في الخارج للقاء، هو التجارب السابقة مع النظام، منذ اندلاع الاحتجاجات منذ 15 مارس الماضي وحتى الآن، وإعطاءه الأذن الصماء لمطالباتهم في إيجاد مساحة أرحب للحريات العامة، وإطلاق سجناء الرأي العام والمعتقلين على خلفيات سياسية، فضلا عن المعتقلين خلال الأحداث الأخيرة الذين فاق عددهم العشرة آلاف.
وربما أن القضية بالنسبة للنظام السوري لا تنحصر في هذا الكم الكبير من التوصيات التي خرج بها لقاء مجمع الصحارى، بقدر ما يهمه كسب الوقت والمماطلة في قضيتين أساسيتين: تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة منه التي تنص على قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع.
هاتان التوصيتان تصيبان النظام في مقتل، فالتعديل في الدستور سيطال المادة الثامنة حكما، وتعديل هذه المادة سيجعل من حزب البعث، حزبا كبقية الأحزاب، بما يمكنها من قيادة البلاد في أية لحظة تاريخية، وهذا يعني للنظام القائم أنه يحفر قبره بيده، وهو ما لن يقدم عليه مطلقا.
والخلافات التي شهدها اللقاء في يومه الأخير حول هاتين التوصيتين، تشكل البرهان على أن ليس من السهل التخلي عن الامتيازات التي منحت للطبقة الحاكمة طيلة السنوات الماضية، والتي تعدت ما هو سياسي، إلى الاقتصادي والمالي وهي أمور لا يمكن تجاهلها عند مقاربة ما يجري من أحداث في سورية.
ربما البند الذي يتحدث عن quot;رفض أي تدخل خارجي بشؤون سورية الداخلية وعلى رأسها ما يدعى بمبدأ التدخل الإنساني المستخدم كذريعة للنيل من مبدأ السيادة وهو المبدأ المقدس غير المسموح بالمساس به إطلاقاquot;، هو ما تجمع عليه كافة شرائح المجتمع السوري في الداخل والخارج.
في كل الأحوال كان اللقاء التشاوري الأخير نقطة تحول في التاريخ السوري الحديث، وإذا صحت توقعات المراهنين على الإصلاح في سورية، ستكون فرصة للانطلاق بالبلاد إلى دولة عصرية، تسودها روح الديموقراطية والعدالة والمساواة. وهو ما يتمناه الحريصون على إنقاذ سورية من الوقوع في براثن الانقسام الوطني الذي سيكون الطريق السهل إلى الحرب الأهلية.