حسين شبكشي
لا يزال السؤال المعلق بخصوص الثورة السورية التي انطلقت في كل المدن السورية ضد بشار الأسد ونظامه هو لماذا هذا الصمت العربي والدولي على المجازر التي يقوم بها بحق شعبه؟ الصمت العربي مفهوم وغير مستغرب، فلم تتحرك الأنظمة العربية من قبل ضد أي حاكم أباد شعبه سواء أكان صدام حسين مع حلبجة في العراق أو حافظ الأسد مع حماه في سوريا أو عمر البشير مع دارفور في السودان وغيرهم بطبيعة الحال وبالتالي الصمت العربي غير مستغرب ولكن الصمت الدولي مريب جدا.
في الحرب العالمية الثانية كان من ضمن حلفاء الغرب في مواجهة ألمانيا هتلر النازية، رئيس الاتحاد السوفياتي جوزيف ستالين وهو الذي كان يبيد شعبه ويدفنهم في معسكرات تحت الأرض بسيبريا بشكل إجرامي ومع ذلك كان روزفلت الرئيس الأميركي وونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني يتصوران معه مبتسمين ويقولان عنه إنه حليفنا وهو نفس المبدأ الذي جعلهم يتعاونون مع صدام حسين جزار حلبجة ضد إيران في حربه ضدها ويقبلون بحافظ الأسد جزار حماه في ما عرف لاحقا بالتحالف لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي لها.
وطبعا كان هناك من يحاول تفسير laquo;سرraquo; العلاقة الغريبة الموجودة بين الولايات المتحدة ونظام الأسد في سوريا واللقاءات الخاصة جدا للرؤساء الأميركيين في دمشق وجنيف مع الرئيس السوري، علما بأن النظام في حالة عداء كبير مع أميركا ظاهريا وعليه عقوبات سياسية واقتصادية شتى ومع ذلك لم يتوقف التنسيق قط بين الإدارتين. فالنظام السوري كان دوره المساهمة في إحقاق الأمر الواقع في الساحة السياسية العربية وزيادة التفتيت في laquo;الفرقraquo; المتحدثة باسم المقاومة وخصوصا الفلسطينية منها، فهو دوما كان يدعم كل معارضة لأي خط يصل لما يشبه التسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل لتزيد التنازلات المقدمة ويقل ما يمكن الحصول عليه وبالتالي تزداد وسائل التمكين لإسرائيل على أرض الواقع ولعل أبلغ دلالة هي ضم إسرائيل الفعلي للجولان وهو ما لم تفعله مع الضفة الغربية ولا مع قطاع غزة ناهيك طبعا عن ضمانة الهدوء التام لجبهة الجولان الكبرى دون أي مقاومة لمدة تزيد على الأربعين عاما.
التصريحات المتضاربة والغريبة بعد سقوط شرعية نظام الأسد (وهل كان لديه شرعية أصلا) الصادرة من البيت الأبيض ومن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تبدو ساذجة ومريبة لأن ما يحدث من إجرام من النظام السوري يفوق بمراحل ما حدث من النظام التونسي والنظام المصري بحق شعبيهما مشتركين ومع ذلك يبدو الموقف الأميركي خنوعا وضعيفا جدا. أوساط أوباما لا تريد الضغط على بشار الأسد للتنحي (وهو لن يفعل) فتصاب بالحرج السياسي كما هو الحال مع نظام معمر القذافي ولكنها أي الإدارة الأميركية تخطئ خطأ جسيما بأن تعتقد أن هذا النظام قادر على إصلاح نفسه أو مؤمن أساسا بفكرة الإصلاح، فمن دمر البلاد وأفسدها غير قادر على إصلاحها. في خضم أحداث الربيع العربي وهبات نسماته من غير الممكن الاعتقاد بأن نظاما يبيد شعبه قادر على الاستمرار في حكمه والتاريخ مليء بهذه بالشواهد، واليوم نحن نعيش في زمن مختلف عن الثمانينات الميلادية الماضية. الشرفاء والعقلاء لا بد أن يختاروا الشعب المسالم الذي خرج ثائرا لكرامته ولحريته هذا هو الاختيار السليم والجنوح لجانب الحق والأيام حبلى بما سيؤكد ذلك.
الغرب تحالف مع الشيطان في السابق وسكوته على مجازر النظام في سوريا هو تحالف من نفس النوع ولكن الثورة السورية ستكون بمثابة الرقية الشرعية التي ستخلص بلادها من هذا المس الشيطاني.
التعليقات