لندن

التطورات المتسارعة في ليبيا، وتداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية ومقترحات حلها، والتوتر الأخير بين مصر وإسرائيل... موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض أسبوعي للصحف البريطانية.


إنجاز كبير

في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي، وتحت عنوان ليبيا والطريق الصعب نحو المستقبل، ترى الصحيفة أن كل عملية تحرير لها شخصيتها الفريدة، ولها في الوقت نفسه صفاتها المشتركة مع غيرها من العمليات، وأن ذلك ينطبق على عملية تحرير ليبيا من قبضة القذافي التي ظلت ممسكة بخناقها لما يربو على أربعين عاماً. وبالرغم من تعثر تلك العملية في اليمن وسوريا حتى الآن، وعدم وصولها إلى نهايتها المبتغاة في كل من تونس ومصر، إلا أن المؤكد هو أن عملية تحرير ليبيا من الطغيان، قد حققت إنجازاً كبيراً بكافة المقاييس بفضل تصميم مقاتلي حركة المعارضة، وشجاعتهم، من ناحية وبفضل المساعدات القيمة التي تلقوها منquot;الناتوquot; ومن دول أخرى من ناحية ثانية. تتفق الصحيفة مع الآراء التي تقول إن بعض الأشياء لن تمضي على النحو المأمول في ليبيا بعد إطاحة القذافي، على أساس أن ذلك أمر مألوف حيث تخرج الكثير من الأمور عما هو مخطط لها في الحياة العادية، ناهيك عن انتفاضة دامية مثل الانتفاضة الليبية. بيد أنها تختلف مع من يقولون إن كل شيء في ليبيا سوف ينحرف عن مساره بعد سقوط النظام الحالي، وأن هناك مخاطر جمة تنتظر ليبيا، وترى أن المجلس الانتقالي الذي يتخذ من بنغازي مقراً له قادر بالتأكيد على تلافي تلك المخاطر وإيصال الأمور إلى النتيجة التي يطمح فيها كل ليبي، من خلال توحيد صفوفه، وإدماج المكونات الممثلة لغرب ليبيا وجنوبها، وإدماج البربر بحيث تكون تركيبته شاملة وإدماجية لا قاصرة وإقصائية، بحيث يضمن توحيد الجهود والعمل بروح الفريق، من أجل مستقبل ليبيا، كما تنصح المجلس الانتقالي والمقاتلين كذلك بالتسامي فوق مشاعر الانتقام والرغبة في الثأر، مع التركيز على البناء وعلى إصلاح ما انهدم، ورسم طريق المستقبل لليبيا أخرى مختلفة جد الاختلاف عما كانت عليه تحت حكم القذافي.

quot;ليبيا بعد القذافيquot;

كان هذا هو العنوان الذي اختارته quot;الديلي تلغرافquot; لافتتاحيتها يوم الاثنين الماضي والتي تناولت فيها تطورات الموقف في ليبيا، والتي تقول عنها إنها تحمل دلائل لا لبس فيها على أن نظام القذافي قد انتهى بالفعل، ولكنها تستدرك بالقول إن ذلك ليس نهاية الطريق بل بدايته. وتثني الصحيفة على الدور الكبير الذي قام به quot;الناتوquot; في تحقيق ذلك الإنجاز وذلك عندما تدخل في البداية من خلال فرض منطقة حظر الطيران لمنع قوات القذافي من ارتكاب مذبحة دموية ضد سكان بنغازي - كما كان قد وعد بنفسه في خطاب عام-ـ وعندما قامت طائراته بتدمير دبابات العقيد، ومدفعيته، ومراكز القيادة والسيطرة لقواته، مما ساعد قوات المعارضة في العديد من المواقع والمعارك ومكنها من التغلب على تلك القوات حتى وصولها الظافر إلى طرابلس. وحذرت الصحيفة المجلس الوطني الانتقالي، وكذلك الناتو من الوقوع في نفس الأخطاء التي حدثت في العراق، وعلى رأسها التفكيك الكامل لكافة المؤسسات القائمة، وخصوصاً المؤسسة الأمنية في إطار السياسة التي عرفت وقتها بسياسةquot;اجتثاث البعثquot;، لأن شيئاً مثل هذا لو حدث في ليبيا فسوف يخلق فراغاً يمكن أن يمهد لحالة من الفوضى، قد لا يمكن السيطرة عليها فيما بعد. كما أنه يتعين في رأيها على المجلس الوطني الانتقالي العمل من أجل التحول من الوضعية الانتقالية إلى وضعية الحكومة المسؤولة القادرة على ضم كافة مكونات المجتمع الليبي، وخصوصاً الشرق والغرب اللذين من المؤكد أن العداوة قد تفاقمت بينهما في الشهور الأخيرة، مع توفير الظروف الملائمة التي تساعد على عقد انتخابات في أقرب وقت ممكن، وكذلك العمل على التغلب على الحساسيات القبلية التي عمل القذافي على تأجيجها. ورأت الصحيفة أنه سوف يكون من المفيد للغاية في هذا السياق أن تتقدم الدول الغربية، وخصوصاً تلك التي ساهمت قواتها في حلف quot;الناتوquot; بتقديم النصح والمشورة للحكومة الليبية التي ستضطلع بالأمور في ليبيا عقب السيطرة النهائية على الأوضاع، مع قيام تلك الدول بإلغاء قرارها بتجميد الأرصدة الليبية في بنوكها وذلك من أجل توفير الإمكانيات المطلوبة بشدة للحكومة الليبية القادمة بما يمكنها بناء ما تهدم ووضع الأسس للمستقبل الجديد، فكل تلك عوامل سوف يؤدي توافرها إلى تحول ليبيا إلى دولة ديمقراطية نفطية غنية ويؤدي غيابها، إلى سقوطها في هاوية فوضى ما لها من قرار.

quot;في الوقت الذي يتبخر فيه حلم النمو الاقتصادي، هناك خطة جديدة تنتظر الاختبارquot; كان هذا هو العنوان الذي اختاره quot;دانيل باديلquot; لمقالته المنشورة في عدد quot;الجارديانquot; الصادر الاثنين الماضي، التي بدأها بالإشارة إلى ما قاله quot;نورييل روبينيquot; أحد خبراء quot;وول ستريتquot; من أن الحكومات لن تكون قادرة على تقديم المزيد من حزم الإنقاذ للبنوك، وأن الإجراءات الأخرى التي دأبت على اتباعها مثل سياسة التخفيف الكمي، وتخفيض قيمة العملات لن تجدي نفعاً، وأن دولاً مثل إسبانيا وإيطاليا سوف تضطر رغماً عنها لإعلان عدم قدرتها على سداد الديون المستحقة عليها في مواعيد استحقاقها، وأن ألمانيا سوف تضطر إلى تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية، على الرغم من أنها تفعل ذلك على مضض. يقول الكاتب إنه يختلف مع تلك التوقعات القاتمة، ويتفق إلى حد كبير مع تلك الاقتباسات التي استشهد بها quot;ديفيد ميليباندquot; زعيم حزب العمال من كتاب البروفيسورquot;تيم جاكسونزquot; المعنونquot; الرخاء بدون نموquot; والتي يرى الكاتب أنها تمثل نصاً ثورياً لا بد من الاسترشاد به في الأوضاع الاقتصادية المتأزمة الحالية. فمن ضمن الحلول التي يقدمها مؤلف الكتاب للازمات الحالية: رفع نسبة الاستثمار إلى الاستهلاك، وتغيير طبيعة وظروف الاستثمار، وتحويل كفة الميزان من الإنفاق الخاص إلى الإنفاق العام، وفرض قيود مشددة على استخدام الموارد بغرض ترشيدها لأقصى حد، وإعادة توزيع الدخل، وإعادة تنظيم الوظائف من خلال تقليص ساعات الدوام بحيث يعمل في المناوبة الواحدة (التي تقسم إلى نصفينquot; موظفان بدلاً من موظف واحد، بالإضافة إلى إعادة النظر في القيود التنظيمية للبنوك وفرض قيود على الإعلانات. يرى الكاتب في نهاية مقاله أنه في الوقت الذي تموت فيه الأحلام القديمة ولا يمضي شيء في طريقه المستقيم فإن ذلك النص الثوري يمكن أن يقدم لنا ما يمكن أن نعتبره بداية خطة للخروج من المأزق الراهنة التي طال أمدها.

احتكاك مباشر

في تحليله المنشور يوم الأحد الماضي في صحيفة الإندبندنت، وتحت عنوانquot;إسرائيل تحاول تهدئة التوتر مع مصرquot;، تطرق quot;دونالد ماكينتايرquot; إلى الأحداث الأخيرة على الحدود المصرية الإسرائيلية التي يقول إنها كانت تمثل أول احتكاك مباشر بين إسرائيل ومصر في فترة ما بعد مبارك، وإن الاعتذار السريع الذي قدمه وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بعد مشاورات مع رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية إفيجدور ليبرمان، والذي لم يكن كافياً لتخفيف غضب مصر بسبب مقتل ثلاثة من جنودها عبر الحدود الفاصلة بينهما أثناء ملاحقة القوات الإسرائيلية للمسلحين الذين نفذوا عملية إيلات داخل الأراضي المصرية، يكشف عن حرص إسرائيل البالغ على عدم توتير علاقاتها مع مصر بسبب الظروف المضطربة في المنطقة من ناحية، ولأن ذلك التوتر كان يعني أن إسرائيل قد باتت في صدام مباشر مع دولتين من الثلاث دول إسلامية التي تحتفظ بعلاقات معها في المنطقة ـ تركيا ومصر والأردن وهو ما لا تستطع تحمل تكلفته. من ناحية أخرى يرى الكاتب أن رد الفعل الغاضب من جانب الحكومة المصرية يهدف لإرسال رسالة للإسرائيليين مؤداها أنهم قد فقدوا صبرهم على ممارساتها، وأن الأمور في مصر قد تغيرت عما كانت عليه في عهد مبارك، وأن مثل هذه الممارسات سوف تفاقم من الضغوط الشعبية التي تتعرض لها الحكومة المصرية بعد سقوط النظام السابق والتي تدعوها لطرد السفير الإسرائيلي وسحب السفير المصري وإعادة النظر في بنود معاهدة كامب ديفيد.

إعداد: سعيد كامل