Benjamin Weinthal


لو أراد الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات حقيقية على الأسد من خلال استهداف قطاع الطاقة، لكانت تداعيات تلك العقوبات على مستقبله السياسي هائلة، إذ تشير تقديرات صحيفة laquo;فايننشال تايمزraquo; إلى أن أوروبا تستهلك حوالي 95% من الصادرات النفطية السورية، وتبلغ عائدات النفط 25% من أموال الحكومة السورية تقريباً، وتعني هذه الأرقام أن أوروبا يمكنها أن تهزّ ذلك النظام المضطرب أصلاً في حال فرضت عقوبات جدية على قطاع الطاقة في سورية.
منذ أن بدأ الرئيس السوري بشار الأسد بقصف المحتجين الديمقراطيين في شهر مارس، أعلنت الأمم المتحدة أن حصيلة القتلى تجاوزت الألفين ومئتي شخص، والعدد في تزايد مستمرّ مع مرور الأيام.
هذا الأسبوع، حذا أعضاء الاتحاد الأوروبي حذو الولايات المتحدة، ففرضوا العقوبات على سورية وحظروا استيراد النفط الخام والمنتجات البترولية من سورية، في محاولةٍ للضغط على الأسد ودفعه إلى التنحي أو التوقف عن قتل الشعب.
لكن كتبت صحيفة ldquo;وول ستريت جورنالrdquo; (Wall Street Journal) أن الثغرات الموجودة في التشريع ستسمح لشركات الطاقة الأوروبية بمتابعة عمليات النفط في سورية. باختصار، سيمنع الاتحاد الأوروبي استيراد النفط السوري الخام مباشرةً، ولكنه سيسمح لشركات الطاقة الأوروبية بمتابعة إنتاج وتطوير الغاز والنفط السوري.
لو أراد الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات حقيقية على الأسد من خلال استهداف قطاع الطاقة، لكانت تداعيات تلك العقوبات على مستقبله السياسي هائلة.
تشير تقديرات صحيفة ldquo;فايننشال تايمزrdquo; (Financial Times) إلى أن أوروبا تستهلك حوالي 95% من الصادرات النفطية السورية، وتبلغ عائدات النفط 25% من أموال الحكومة السورية تقريباً، وتعني هذه الأرقام أن أوروبا يمكنها أن تهزّ ذلك النظام المضطرب أصلاً في حال فرضت عقوبات جدية على قطاع الطاقة في سورية.
تُعتبر شركة ldquo;شِلrdquo; الهولندية الملكية (Royal Dutch Shell) وشركة ldquo;توتالrdquo; الفرنسية العملاقة من أنشط الشركات الأوروبية في سورية. كذلك، تنتج شركة الطاقة الهنغارية ldquo;مولrdquo; (MOL) كميات كبيرة من النفط السوري.
يذكر تحليل حديث صدر عن بنك ldquo;باركليز كابيتالrdquo; (Barclays Capital) أن سورية حققت أول نمو لها في قطاع الصادرات النفطية في عام 2001، مضيفاً أن ldquo;احتمال خسارة التعامل مع شركات ldquo;شِلrdquo; وrdquo;توتالrdquo; وrdquo;مولrdquo; يبقى وارداً وسيشكل ضربة قاسية على قطاع إنتاج النفط السوريrdquo;.
تملك شركة ldquo;شِلrdquo; حصة نسبتها 32% في شركة الفرات السورية للنفط، ما يعني أنها تؤثر بشدة في الأسد، وإذا أرادت شركة ldquo;شِلrdquo; التراجع عن عقودها ثم حذت شركة ldquo;توتالrdquo; حذوهاndash; أي وقف التنقيب في حقول النفط في الفرات والمنطقة الوسطى من سورية- ستُحرم سورية عندئذٍ من رأسمال استثماري غربي مهمّ.
يتوقع معهد التمويل الدولي أن ينكمش الاقتصاد السوري بنسبة 3% هذه السنة، علماً أنه يرزح تحت ثقل العقوبات المفروضة أصلاً.
نقلت صحيفة ldquo;فايننشال تايمزrdquo;، في الأسبوع الماضي، أن الحكومة الهولندية هي التي ضغطت باتجاه فرض عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة التي تمنح الشركات وقتاً ldquo;محدوداًrdquo; لإنهاء عقودها مع سورية. لكن تنطبق هذه العقود حصراً على صادرات النفط السوري الخام، لا عمليات استخراجه، ما يمنح الشركات حرية تطوير وإنتاج النفط السوري الذي يموّل نظام الأسد.
وحدها إدارة أوباما تستطيع دفع شركتي ldquo;شِلrdquo; وrdquo;توتالrdquo; إلى مغادرة سورية عبر تهديدهما بمنع وصولهما إلى الأسواق الأميركية. سبق أن قامت وزارة الخزانة الأميركية بالمثل في هذا المجال، في عام 2010، فأجبرت شركتي ldquo;شِلrdquo; وrdquo;توتالrdquo; حينها على وقف عملياتهما النفطية سريعاً في إيران.
لضمان فاعلية العقوبات على قطاع الطاقة بهدف الضغط على الأسد، يجب أن يقنع الأميركيون وحلفاؤهم الأوروبيون الشركات الصينية والروسية والهندية بتعليق عملياتها في سورية، أقله حتى انتهاء أعمال العنف: إنه التزام ضمني، أو حتى صريح، بدعم النظام الجديد بعد سقوط الأسد.
لكن يبقى هذا الهدف صعب المنال حتماً، فالصينيون والروس والهنود لا يأبهون بالطموحات الديمقراطية للشعب السوري بقدر الأميركيين والأوروبيين. على صعيد آخر، لا أحد من هذه الأطراف معنيّ بشؤون سورية فعلاً، فيبلغ الناتج المحلي الإجمالي السنوي في سورية حوالي 107 مليارات دولار، أي ما يساوي عائدات شركة ldquo;وول مارتrdquo; (Wal-Mart) طوال ثلاثة أشهر.
امتنعت كلٌّ من الصين وروسيا والهند وألمانيا عن التصويت على قرار الأمم المتحدة الذي يفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين الليبيين من اعتداءات معمر القذافي، ولا شك أن هذه البلدان تخشى ألا تتمكن من الحصول على النفط الليبي في عهد النظام الذي سيلي حقبة القذافي. لكن تبدو قدرة إنتاج النفط في سورية ضئيلة مقارنةً بالقدرة الإنتاجية الليبية، لذا يمكن أن يهدّئ الأميركيون وحلفاؤهم من مخاوف تلك البلدان عبر المساهمة في عقد اتفاقات مقبولة دولياً تخصّ عقود الطاقة المستقبلية.
بغض النظر عما إذا كانت الصين وروسيا والهند ستجاري الولايات المتحدة وحلفاءها أم لا، ستحتاج شركاتها إلى الوقت لتستبدل ldquo;شلrdquo; وrdquo;توتالrdquo;، وهو وقت لا يملكه الأسد.
وإذا أضاف الاتحاد الأوروبي إلى تشريعاته المتعلقة بالعقوبات آلية هدفها تغريم شركات الطاقة الأجنبية العاملة في سورية، تماماً مثل الولايات المتحدة (وطبّق القوانين القائمة على الشركات الأجنبية التي تنتهك العقوبات)، فسيدفع بنظام الأسد نحو الهاوية.
بعد حملة عسكرية طويلة لا غايات واضحة لها في ليبيا، من المتوقع أن تفقد واشنطن ومعظم العواصم الأوروبية شهيتها لخوض صراع مع دمشق، لكن هذا لا يعني أننا لا نملك أي نفوذ هناك، فللأسد نقاط ضعف، ويكفي أن نستغلها لنضغط عليه.