دوري غولد: العامل الجوهريّ الذي يمنع سقوط نظام الاسد نابع من رغبة الغرب ببقائه لانّه الوحيد القادر على كبح جماح حزب الله اللبنانيّ
الاسلاميون لم يبادروا للثورات ولكنّ نتائجها تصب في مصلحتهم وتضع تل ابيب امام تحديّات امنيّة جديّة
الناصرة ـ زهير اندراوس
ما زال الجدل في الدولة العبريّة حول مصير الرئيس السوريّ، بشّار الاسد، يُسيطر على الدراسات والتحليلات التي تصدر تقريبا بشكل يوميّ، بحيث بات الانقسام سيّد الموقف، وربّما يدخل هذا الانقسام في اطار الحرب النفسيّة التي تخوضها تل ابيب ضدّ دمشق في محاولة لخلط الاوراق.
=بشأن ذلك ورأى المحلل للشؤون العسكريّة في صحيفة 'هآرتس' العبريّة انّ الاسد، يأخذ في فقدان سيطرته على الدولة، التي تغرق بالتدريج في الفوضى، الا انّ موعد نفاد مفعول النظام ليس معروفًا، ولكنّه اشار الى انّ وزير الامن الاسرائيليّ، ايهود باراك، قال انّ مصير الاسد بات محسوما متوقعا للاسد اشهرا قليلة، في ابعد الاحوال سنة في المنصب.
واكد باراك ان نظام بشار الاسد لن يصمد في وجه حركة الاحتجاجات الداخلية، ولا سيما بعدما فقد دعم الولايات المتحدة واوروبا وتركيا، لافتًا الى انّ سقوط نظام الاسد يمثّل ضربة قاسية لمحور ايران وحزب الله وحماس.
اما لجهة الهواجس المسوقة في اسرائيل حيال اليوم الذي يلي سقوط الاسد، فلفت باراك الى ان الوضع في سورية على خلاف الوضع المصري، اذ هناك امكانات ضئيلة في ان يسيطر الاخوان المسلمون على السلطة.
امّا رئيس الموساد السابق مائير دغان، فقد قال في محاضرة بكلية نتانيا ان الاسد نجح خلال الفترة القصيرة الماضية، من خلال بعض الاجراءات والعمليات العسكرية في تحسين الاوضاع الامنية، ومحاولة احكام السيطرة على زمام الامور في دولته، على حد تعبيره، لافتًا الى انّ سقوط الاسد يصب في مصلحة الدولة العبريّة، من ناحيته اشار المحلل العسكري في موقع صحيفة 'يديعوت احرونوت' على الانترنت، رون بن يشاي، الى انّه بعد عدّة اشهر على احداث سورية، الكفة بدأت تميل لمصلحة النظام، مشيرًا الى ان تدفق الاف اللاجئين السوريين الى تركيا، وصور التظاهرات الشعبية التي تعرضها مواقع اليوتيوب، والتنديد الدولي، والعقوبات الدولية، لا تدل على ان النظام في سورية على وشك السقوط، وانمّا تدل على عدم نجاح المعارضة والاخوان المسلمين في توحيد صفوفهما وتحويل التمرد المسلح في سورية الى انتفاضة شعبية شاملة، على حد تعبيره.
وساق قائلا انّ معظم التنظيمات والشخصيات في المعارضة السورية وزعماء الاخوان المسلمين هم خارج سورية، صحيح انهم يخوضون معركتهم الافتراضية بنجاح، ويحصلون على التعاطف مع حركة الاحتجاج، ويضعفون شرعية نظام عائلة الاسد على الصعيدين الوطني والدولي، لكنهم ضعفاء على الصعيد التنظيمي، وغير قادرين على تقديم زعامة وحكم بديل من الحكم القائم، ولهذا السبب لم تظهر في اي مكان في سورية كتلة حاسمة من الجماهير المندفعة القادرة على التغلب على عنف النظام مثلما حدث في مصر وفي تونس وفي جزء من ليبيا.
وحصر بن يشاي، الاسباب التي تدفعه للتأكيد على صلابة وقوة نظام الاسد في مواجهة الاضطرابات التي تشهدها سورية، في سببين، الاول: التصميم الكبير الذي تظهره عائلة الاسد وقيادة حزب البعث في مساعيهما للتمسك بالسلطة، وعدم تورعهما عن استخدام اية وسيلة للمحافظة عليها.
اما السبب الثاني: قدرة النظام السوري على الحفاظ على ولاء الجيش والاجهزة الامنية والطائفة العلوية وطبقة رجال الاعمال، والتي ساعدت النظام السوري على تحقيق اهدافه.
من جانبه اشار دوري غولد، احد ابرز الباحثين في تل ابيب والمقرب جدًا من رئيس الوزراء الاسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في مقال نشره بصحيفة (يسرائيل هيوم) اليمينيّة الى انّ هناك عاملا جوهريًا يحول دون سقوط نظام الاسد، هو عدم رغبة الغرب في ذلك، نظرًا لانّ نظام الاسد قادر على كبح جماح حزب الله، وتحديد قدر التدخل الايراني في لبنان ومساعدة الولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب في العراق، على حد تعبيره.
ومن وجهة غولد، الذي شغل منصب مندوب تل ابيب في الامم المتحدّة،، فانّ هذه اعتبارات ثقيلة الوزن تدفع الغرب الى الامل في ان يوافق الاسد على تطبيق اصلاحات ذات مغزى، من دون ان يضطر الى الرحيل عن منصبه. على صلة بما سلف، نشر مركز ابحاث الامن القوميّ الاسرائيليّ، التابع لجامعة تل ابيب دراسة مستفيضة حول تأثير الثورات العربيّة على امن الدولة العبريّة جاء فيها انّ معسكر المقاومة يستمد طاقة وقوة من ضعف الانظمة العربية المعتدلة، وسوف ترى عناصر المعارضة في ذلك بداية لمجال عمل مريح على جميع الصعد، وخاصة العسكري، وفرصة لتعميق تأثيرها على دول المنطقة.
وترى الدراسة ايضا انّ التطورات في الشرق الاوسط خاصة في مصر وسورية تضع امام اسرائيل تحديات امنيّة اكثر، وتقلل فرص دفع المسيرات السياسية بالنسبة لاسرائيل، كما ان السنوات الاخيرة شهدت تطورا اسرائيليا كبيرا في المجال التكنولوجي والاقتصادي، ولكن حاليا هناك تطور تعتبره سلبيا امام المنطقة، تمثل في زيادة التهديدات ضدها خاصة ووضع ايران في المنطقة، وامكانية امتلاكها قدرات نووية، وكذلك قوة معسكر المقاومة.
علاوة على ذلك، اشارت الدراسة الى انّ التطورات الاخيرة في العالم العربيّ تخدم معسكر المقاومة في الشرق الاوسط، والذي تقوده ايران، على حد وصفها. وخاصة ان الزلزال ضرب في الاساس دولا من المعسكر المعتدل وعلى رأسها مصر، وهذه الدول المعتدلة كانت تقف في وجه معسكر المقاومة، وهو امر يضعف من موقف الولايات المتحدة ايضا، وخاصة ان هناك دلائل على قوة وضع المعسكر الاسلاميّ وخاصة في مصر، في ظل انشغال العالم ايضا عن الملف النووي الايراني.
وتابعت الدراسة قائلةً انّه وعلى الرغم من انّ الثورات في العالم العربي لم تكن بمبادرة من المعسكر الاسلامي، لكنها تسهم في احداث زخم يصب في مصلحته، وتضعف في المقابل المعسكر المعتدل الذي ينهار تماما، على حد تعبيرها.
التعليقات