عبداللطيف الزبيدي

السؤال: الولايات المتحدة تريد دولة فلسطينية أم لا؟ جواب غير المنخدعين للمرة الألف، بالنفي القاطع حتماً . فلماذا يسمونها راعية السلام؟ لو كانت مواقف واشنطن غامضة أو مترددة، لقلنا إن أشقاءنا فلاسفة زمانهم، لا يحكمون على ما لم يبت فيه . ولكن البيت الأبيض لم يدع شكاً لشكّاك .

في ميزان العقل يبدو لي الموقف الأمريكي نزيهاً وعظيماً . فالإدارة تقول لنا ببلاغة واضحة: اغسلوا أيديكم من التعويل علي، وخذوا حقكم بأنفسكم إن استطعتم . وهذا على رأي المثل: ldquo;من يئس من حاجة فقد قضاهاrdquo; . المحير في الأمر هو أن يدرك العرب هذه الواضحات بعد ستين سنة .

مأساة الفلسطينيين في نظري هي أن لهم سلطة . ولم توجد سلطة في التاريخ لم يكن لأصحابها مصالح خاصة . بعبارة أخرى: المهزلة هي وجود سلطة من دون دولة . هي تتصرف كأنها دولة، تفاوض وتعقد اتفاقيات ولديها وزراء ووزارات وتشكيلات وأحزاب وسفراء إلخ، في حين أنها لا تملك من السيادة ومقوماتها ولا حتى سين السيادة . ولكنها في ميزان العلاقات الدولية، تخضع للضغوط والالتزامات . بينما من حق من اغتصبت أرضه وشرّد شعبه، أن يتحرر من كل الموازين الدولية، إلى أن يستردّ حقه، وشرعة الأمم حق مبين لا تأويل آخر لنصّه .

هل يستطيع أوباما أن يكون أكثر وضوحاً؟ لقد قال: ldquo;إن الذهاب إلى الأمم المتحدة للمطالبة بدولة فلسطينية، انحراف عن مسار السلامrdquo; . يعني أن مسار السلام لا يؤدي إلى إقامة دولة، فما لكم لا تفهمون؟ في تفسير هذه الخزعبلات يستفتى أمثال محمد عبدالكريم الخطابي وهو شي منه . كانت السلطة آخر ما يفكران فيه . الزعماء الحقيقيون لا يهتمون للحصيرة قبل تشييد الجامع .

يجب الاعتراف بأن صورة القضية ليست على ما يرام عندما يذهب الأشقاء إلى الأمم المتحدة . فالعرب غير متحدين ولا هم متّحدون . والعالم يحترم أهل التحدي والاتحاد عند طرح قضية مصيرية . والقوة الناعمة لا معنى لها إذا لم تسندها قوة صلبة ذات إصرار وصرامة . مثلاً: ما هو الرد على الفيتو الأمريكي؟ هل سيكون: سلّمنا الأمر إلى صاحب الأمر؟

الغريب هو أن صوت الولايات المتحدة الآن، في رفض قيام الدولة الفلسطينية، أعلى من صوت الكيان الغاصب . وأشك في أن النظام العربي سيلعب ورقة: مصالحك في خطر يا واشنطن . فهذه تحتاج إلى التحدي والاتحاد . وهذه البضاعة ليست صناعة عربية .