جعجع : اتفقتُ مع الحريري على ما بعد الأسد والحوار الجدي حول سلاح laquo;حزب اللهraquo; لن يبدأ قبل سقوطه


بيروت - وسام أبو حرفوش

كشف رئيس حزب laquo;القوات اللبنانيةraquo; سمير جعجع انه ناقش مع كبار المسؤولين السعوديين خلال زيارته للرياض laquo;شؤون المنطقة وشجونها ومن ضمنها الملف السوريraquo;، معلناً laquo;ان الاخوة في المملكة قلبهم يقطر دماً للضحايا التي تسقط كل يوم في سوريةraquo;.
جعجع، في حديث الى laquo;الرايraquo; هو الاول له منذ عودته من الرياض، لفت الى ان السعودية laquo;هي في الوقت الحاضر في صدد اعادة قراءة ودرس الكثير من القضايا، تراقب بعناية ما يجري في المنطقة، وقلْبها في شكل اساسي على الخليج وعلى أمنه وعلى التطورات والتحركات التي تجري هناكraquo;، موضحاً ان laquo;موقف المملكة من لبنان ثابت في الاساس، كان في الماضي البعيد والقريب على هذا النحو واستمرّ كذلك وسيبقى ولا يتغيّر في اتجاه او آخرraquo;، مذكراً بان laquo;السعودية كانت اول من دعم وصول الشيخ بشير الجميل الى رئاسة الجمهورية على سبيل المثالraquo;، ومستعيداً laquo;كم كانت علاقتها جيدة بالزعامات الوطنية من امثال كميل شمعون وصائب سلامraquo;.
واذ رفض ربْط توقُّعه بسقوط النظام السوري في الـ 2012 بما سمعه في الرياض، عزا موقفه الى لوحة معطيات laquo;تؤشر الى ان من الصعب بقاء النظام الى ما بعد الـ 2012raquo;.
واوضح ان اللقاء laquo;المطوّل جداًraquo; الذي عقده مع الرئيس السابق للحكومة زعيم laquo;تيار المستقبلraquo; سعد الحريري في الرياض تطرق الى laquo;مرحلة ما قبل وما بعد سقوط نظام الاسد واتفقنا على خطوط عريضة حيال مواجهة الاستحقاقات المقبلةraquo;.
ولفت الى laquo;ان الحوار الجدي في خصوص سلاح (حزب الله) لن يبدأ قبل سقوط النظام السوري، وساعتئذ ستكون هناك امكانية لحوار مجدٍ مع تغيُّر ميزان القوى في لبنان والمنطقةraquo;، مضيفاً: laquo;كان من الافضل لـ (حزب الله) لو بدأ بالكلام عن سلاحه قبل عام، فالأمر اليوم أقلّ قيمة مما كان يمكن ان يكون عليه قبل عام، وبعد ستة اشهر او سنة سيكون سلاحه اقل قيمة مما هو عليه في الوقت الحاضرraquo;.
وهل يخشى من ترجمة التهديدات التي تحدثت عن ان المضي في الضغوط على نظام الرئيس الاسد سيُحدث زلزالاً في المنطقة، ولبنان من بينها؟ اجاب: laquo;ولّت ايام الزلازل، ولا احد قادر على ان يُحدث زلزالاً. وفي اقصى الحالات يمكن للنظام السوري ان يفتعل بعض الاحداث الامنية هنا وهناكraquo;.
وعما اذا كان الهجوم الدفاعي للنائب سليمان فرنجية عن وزير الدفاع فايز غصن اقنعه، قال: laquo;قلة الحياء والفجور هما أسوأ شيء في الدنياraquo;، مضيفاً: laquo;ان يخرج وزير الدفاع ويطلق تصريحاً خدمةً للنظام السوري على حساب سمعة لبنان فهذا امر لا يمكن فهمه ولا قبوله. واذا كانوا اصدقاء للنظام السوري ويريدون خدمته، فليخدموه ولكن ليس على حساب مصلحة لبنان وتسويقه على انه اصبح مرتعاً للقاعدة فقط كرمى لعيون النظام في سوريةraquo;.
وفي ما يأتي نص الحديث:

bull; لم يكن عادياً قيامك بزيارة للمملكة العربية السعودية في هذا التوقيت ومستوى اللقاءات التي عقدتَها مع قيادة المملكة... ما هي حصيلة هذه الزيارة وخلاصاتها السياسية بالنسبة الى رؤية المملكة للتطورات في المنطقة؟
- اخواننا في المملكة كانوا من اللطف بأن حددوا لنا هذه المواعيد رغم الوقت الضيّق بعدما كنتُ طلبتُ الذهاب لتهنئة وليّ العهد سمو الأمير نايف بن عبد العزيز على توليه هذه المسؤولية. اما في ما خص محتوى اللقاءات فأنتم تدرون ان المملكة هي في الوقت الحاضر في حال اعادة قراءة ودرس الكثير من القضايا، تراقب بعناية ما يجري في المنطقة، وقلْبها في شكل اساسي على الخليج وعلى أمنه وعلى التطورات والتحركات التي تجري هناك.
في ما يتعلق بلبنان، موقف المملكة هو عينه، وهو موقف ثابت في الاساس، كان في الماضي البعيد والقريب على هذا النحو واستمرّ كذلك وسيبقى ولا يتغير في اتجاه او آخر. ولمَن ذاكرتهم قصيرة،عليهم ان يتذكروا ان موقف المملكة غير جديد وهي كانت اول من دعم وصول الشيخ بشير الجميل الى رئاسة الجمهورية على سبيل المثال، وعليهم ان يتذكروا ايضاً كم كانت علاقتها جيدة بالزعامات الوطنية من امثال كميل شمعون وصائب سلام، وتالياً هذه هي اجواء المملكة.
وأحسستُ خلال وجودي في المملكة بوجود laquo;مشغلraquo; داخلي كبير ومجموعة سياسات للاهتمام على وجه الخصوص بالطبقات الاكثر عوزاً.
bull; بعيد عودتك قلتَ ان 2012 هي سنة سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد... هل لهذا التوقع صلة بما سمعته في المملكة؟
- ليس بالتحديد... طبعاً في المملكة ناقشنا شؤون المنطقة وشجونها ومن ضمنها الملف السوري، والاخوة في المملكة قلبهم يقطر دماً للضحايا التي تسقط كل يوم في سورية.
اما بالنسبة لما قلتُه عن ان الـ 2012 ستكون سنة سقوط النظام السوري، فهذا يعود اولاً لتقديري الشخصي النابع من مجموعة مشاهدات وقراءات وتقارير، اضافة الى ان هذا الاستنتاج يتطابق مع ما تقوله معظم مراكز الدراسات والحكومات الغربية وبعض الحكومات العربية، اذا لم نقل معظمها ايضاً.
لقد مضى على الثورة السورية اكثر من تسعة اشهر وهي تكبر وتكبر ومستمرة على تعاظمها رغم الأثمان الكبرى التي يدفعها الشعب السوري. فالزخم المتنامي في الشارع السوري وتغيُّر موازين القوى على نحو عملي رغم ان الثورة غير مسلحة، والواقع الاقتصادي المأزوم في ضوء اضطرار الحكومة السورية لدفع نحو مليار دولار مطلع كل شهر لـ laquo;الشبيحة رغم الدعم الايراني... كل معطيات هذه اللوحة تؤشر الى ان من الصعب بقاء النظام الى ما بعد الـ 2012raquo;.
bull; ثمة من يعتقد ان الرئيس سعد الحريري ذهب بعيداً في laquo;تغريداتهraquo; الى حد حرق المراكب مع النظام السوري، هل لمستَ في الرياض وجود مناخ اقليمي ـ دولي يتناغم مع ما يعبّر عنه الحريري؟
- في استطاعتي القول وبموضوعية ان ثمة اجماعاً كلياً في جميع العواصم الغربية باستثناء روسيا على ان هذا النظام (السوري) يجب ان يسقط ولا يمكنه ان يستمر في اي شكل من الاشكال. وحتى الدول الغربية التي كانت تُعتبر صديقة لهذا النظام لسبب او آخر، كالنمسا واسبانيا بدّلت موقفها.
اما الموقف الروسي، فلفتني قول احد المحللين ان تأييد موسكو للنظام في دمشق ليس مرده الى حسابات استراتيجية، بل لأنه لم يعد يروق لها السماع بالانتفاضات التي لا تريد ان تعبر قناة السويس تفادياً للوصول اليها، وهي وصلت اليها اخيراً.
وفي العواصم العربية التي تعيش استقراراً، وبعيداً عن التسميات، فالمناخ يشبه ما هو سائد في العواصم الغربية حيال ضرورة سقوط النظام في سورية، اضافة الى تركيا التي كانت حتى الامس القريب من اكبر اصدقاء النظام السوري وترتبط بمعاهدات تعاون استراتيجي بين الدولتين، فأصبحت الآن في مكان آخر. وتالياً انه مناخ عام لا ينفرد به سعد الحريري، وهو لا يغرّد خارج هذا المناخ العام، اذ لا يمكن لأحد ان يقف مكتوفاً من دون ان يتخذ موقفاً ازاء ما يجري في سورية.
bull; عقدتم مع الحريري اجتماعاً مطولاً... هل صحيح انكم ناقشتم مرحلة ما بعد الاسد وانعكاساتها على لبنان؟ وما الخطوط العريضة التي اتفقتم عليها؟
- في البدء التقينا مع الرئيس الحريري في عشاء عائلي، وفي مثل كل laquo;العشاواتraquo; يجري الحديث عن كل شيء ولا شيء. ثم عقدنا جلسة عمل طويلة جداً تناولت وبصراحة كل شيء. لم نتحدث فقط عن مرحلة ما بعد سقوط نظام الاسد في سورية، بل عن مرحلة ما قبل سقوطه، وناقشنا المرحلة الحالية وموقفنا في حال عدم صمود الحكومة الحالية، وحتى سقوط النظام السوري وما بعد... تحدثنا عن مجمل هذه القضايا وبكل تفاصيلها، اضافة الى مسائل اخرى تتصل بقانون الانتخاب وسواه، وقد أشبعنا كل هذه القضايا مناقشة ودرساً واتفقنا على خطوط عريضة حيال مواجهة تلك الاستحقاقات.
bull; هل من سمة عامة لما اتفقتم عليه؟
- كل شيء اسمه مبادئ عامة، نظرة الى لبنان، رؤية استراتيجية والمستقبل، كله كان محط اتفاق، والتفاصيل التي اظهرت آراء مختلفة هي محور نقاش، اضافة الى ان التفاصيل لم تفسد يوماً في الود قضية ابداً.
bull; رغم laquo;سوابقraquo; النقد الذاتي في laquo;14 آذارraquo; ثمة شعور بأن هذا التحالف غير جاهز على مستوى المشروع لملاقاة التحولات الكبرى والاستراتيجية، ألا تخشون فقدان القدرة على الامساك بزمام الامور مرة ثانية؟
- يمكنني القول اننا امام تصور اولي لكيفية ترتيب الاوضاع اللبنانية في ضوء الاحداث الجارية في المنطقة، لا سيما بعد سقوط النظام السوري. فما بعد سقوط هذا النظام لن يكون كما قبله. هذا لا يعني ان مشكلاتنا ستنتهي مع رحيل نظام الاسد، فبعضها لا علاقة له بالنظام السوري وهي ذات جذور لبنانية وتحتاج للبحث، لكن بالتأكيد فان ما بعد نظام الاسد ليس كما قبل سقوطه.
اننا في صدد اجتماعات متتالية لقيادات laquo;14 آذارraquo; لمناقشة ما يمكن وصفه بالتصور الاولي لمرحلة جديدة في لبنان، وهو التصور الذي سيتبلور تباعاً ليصبح مكتملاً قبل ان تسبقنا الاحداث.
bull; التحولات في المنطقة، ولا سيما في سورية ستفضي الى شعور بـ laquo;نشوة الانتصارraquo; لدى الطائفة السنية في لبنان. ما المطلوب لترسيخ الشراكة الاسلامية ـ المسيحية انطلاقاً من هذا المعطى الجديد، واي دور للمسيحيين على هذا المستوى؟
- من جهةٍ اؤيّد ما قلتَه، ومن جهة اخرى لا أشاطرك هذا الاستنتاج لأن ما يحدث في سورية سيؤدي الى نشوة سنية في لبنان لكن ليست عامة، اذ يصح الامر على سنّة laquo;تيار المستقبلraquo; وlaquo;الجماعة الاسلاميةraquo;، لكنه لا يصح مثلاً على سنّة laquo;8 آذارraquo;، كما ان هذه laquo;النشوةraquo; تصح على مسيحيي laquo;14 آذارraquo; من دون ان تصح على مسيحيي laquo;8 آذارraquo;. لذا فان المسألة لا ترتبط بمذاهب وطوائف معيّنة بقدر ما هي على صلة بنظرة معينة للأمور. فكل مَن كان يرى في وجود النظام السوري الحالي ضرراً كبيراً جداً للبنان وضرراً كبيراً لسورية وأنا واحد منهم، سيشعر بنشوة نصر، ان كان مسلماً او مسيحياً، سنياً كان او شيعياً او درزياً او مارونياً وسوى ذلك، وكل من كان يرى في هذا النظام نصيراً للبنان، وهو كان في الحقيقة نصيراً لأشخاص وليس للبنان، وكان يرى فيه افضل الانظمة الممكنة في سورية، فهؤلاء سيكونون في وضع لا يحسدون عليه، أكانوا سنّة ام شيعة ام مسيحيين، وتالياً فلا خوف لديّ على هذا المستوى، بغض النظر عما اذا كانت بعض المجموعات السنية من خارج الفكر السياسي تشعر ومن قبيل النسَب الطائفي بالفرح لاعتقادها ان السنّة ربحوا في سورية، فهذه المسألة هامشية لأن ليس هؤلاء مَن يحددون مسار الامور، بل مَن يقرر هي المجموعات السياسية الكبرى غير المنقسمة حيال سورية على اساس طائفي بقدر ما هو الامر على اساس سياسي.
bull; السؤال الجوهري والاساسي المطروح مع توقُّع سقوط نظام الاسد هو كيفية مقاربة الاشكالية التي يعبّر عنها laquo;حزب اللهraquo;، القوة الشيعية الابرز... كيف ستتم مقاربة هذا الملف الشائك من دون ان ينفجر في وجه الجميع وبعيداً عن الحساسية السنية - الشيعية؟
- بعيداً عن اي حساسية سنية - شيعية، ولا حاجة للتأكيد على اننا لسنا سنّة مع احترامي الكبير للسنّة، وموقفنا لا ينبع من كون laquo;حزب اللهraquo; شيعياً، فالشيعة هم في اساس وجود لبنان وتاريخياً كان الانسجام راسخاً بين المسيحيين والشيعة اكثر مما كان بين المسيحيين والسنّة، وهذا مردّه ربما للاختلاط المسيحي - الشيعي في الكثير من المناطق، وربما لاحساسهما بأنهما اقليتين في المنطقة ذات الاكثرية السنية.
ومن هنا، فان موقفنا لا ينبع من كون laquo;حزب اللهraquo; شيعياً بل لارتباط هذا الموقف بنظرة معينة للبنان تقوم على الاقتناع بأنه لا يمكن ان تستقيم الامور في اي مجتمع من المجتمعات من دون قيام دولة بكل معنى الكلمة. وما دام لـ laquo;حزب اللهraquo; أجنحة عسكرية وأمنية وما دام هو ممسك بغير وجه حق بالجزء الاساسي من السلطة في لبنان من خلال ممارسته للفعل الاستراتيجي، بغض النظر عما اذا كان هذا الفعل الاستراتيجي خطف جنديين او اطلاق صاروخ او تخزين اسلحة بعيدة المدى او اطلاق تهديدات تجاه هذه الدولة او تلك... هذا جزء من القرار الاستراتيجي للبنان، بل عملياً القرار الاستراتيجي اللبناني هو بيد laquo;حزب اللهraquo;، وهذا الواقع غير مقبول، ونحن نقول ان الحكومة اللبنانية التي تمثل كل الاطراف او التي في امكان كل الاطراف ان تكون ممثَّلة فيها بحسب اللعبة السياسية وأحكام الدستور، هي الجهة الصالحة للامساك بالقرار الاستراتيجي. هذا ما نطالب به قبل سقوط النظام السوري، وبعد سقوطه سنبقى نطالب به، وبعيداً جداً عن اي حساسيات او تأثر باللعبة الشيعية - السنية، وبعيداً جداً عن اي نظرة، لا سمح الله، غير سليمة للطائفة الشيعية، لا بل وفي نظرناً ان ما ندعو اليه هو خدمة لكل اللبنانيين، وفي طليعتهم الطائفة الشيعية. فصحيح اننا جميعاً نتلقى التداعيات السلبية لما يقوم به laquo;حزب اللهraquo;، لكن الاكثر تأثراً بذلك هي الطائفة الشيعية.
في رأيي ان الحوار الجدي في خصوص سلاح laquo;حزب اللهraquo; لن يبدأ قبل سقوط النظام السوري، وساعتئذ ستكون هناك امكانية لحوار مجدٍ مع تغيُّر ميزان القوى في لبنان والمنطقة. ولابد لي من القول هنا وبشفافية كاملة انه كان من الافضل لـ laquo;حزب اللهraquo; لو بدأ بالكلام عن سلاحه قبل عام، فالآن الامر أقلّ قيمة مما كان يمكن ان يكون عليه قبل عام، وبعد ستة اشهر او سنة سيكون سلاحه اقل قيمة مما هو عليه في الوقت الحاضر. فبقدر ما يستعجل laquo;حزب اللهraquo; بالقبول في كلام جدي عن أجنحته العسكرية والامنية، بقدر ما يكون وضعه افضل، وبقدر ما يتأخر بقدر ما يضع نفسه في وضع أسوأ وأسوأ وأسوأ.
bull; ما رمزية استقبال القيادات الرفيعة في المملكة العربية السعودية لسمير جعجع laquo;المسيحيraquo;... هل من رسالة طمأنة لمسيحيي لبنان والشرق في غمرة المخاوف من تداعيات الربيع العربي على الاقليات؟
- منذ خمسة أعوام وحتى الآن، اي منذ بدء العلاقة مع الاخوان في المملكة العربية السعودية ما من مرة التقيتُ مسؤولاً سعودياً الا وتبيّن لي انه كان على معرفة بأحد القادة المسيحيين ككميل شمعون وبيار الجميل وبشير الجميل وسواهم... انطباعي ان الاخوان في المملكة، وأكثر من اي مكان آخر حتى من الغرب، من الواضح ان لبنان بالنسبة لهم هو مسلمون ومسيحيون. لا احد يشك في تديُّن الاخوان في المملكة، لكن هذا الامر لا علاقة به بنظرتهم الموضوعية للبنان المسلمين والمسيحيين. من هنا لا تستغربوا هذا الامر لأن لبنان في ذاكرة المملكة هو دائماً على هذه الصورة.
bull; ثمة مَن يسأل ان جعجع الذي نجح في laquo;التمدُّدraquo; الى العمق العربي ـ الاسلامي قام بـ laquo;دعسة ناقصةraquo; عندما تصدّر داعمي مشروع laquo;اللقاء الارثوذكسيraquo; لانتخاب كل طائفة نوابها... ما سرّ هذه laquo;القوقعةraquo; في لحظة الربيع العربي الذي دعيت المسيحيين للانخراط فيه وقيادته بعيداً عن اي خوف اقلوي؟
- القوقعة تقاس عادة بناء على المشروع السياسي وليس انطلاقاً من آلية يتم طرحها لقانون الانتخاب ليكون اكثر تمثيلاً. وهنا سأعطي مثلاً، laquo;حزب اللهraquo; الذي يطرح لبنان دائرة واحدة ومن دون قيد طائفي ربما، فهل هذا معناه ان laquo;حزب اللهraquo; هو الاكثر انفتاحاً في لبنان ويريد مجتمعاً مدنياً؟ اكيد لا...
وهنا لابد من القول انني لن أدخل في نقاش موضوع قانون الانتخاب لاننا اتفقنا مع حلفائنا على البحث في هذا الملف في ما بيننا. ولكن يمكن الاشارة الى ان مشروع laquo;اللقاء الارثوذكسيraquo; وجهه بشع، ولكن اذا دخلنا الى المضمون تستوقفنا امور عدة مثلاً: في بعض الدوائر غير المختلطة ابداً، هل يمكن القول ان النائب احمد فتفت هو الاكثر تعصباً في البرلمان لانه انتُخب في دائرة ناخبوها من لون واحد تقريباً، او هل ان ستريدا جعجع وايلي كيروز هما من النواب الاكثر تعصباً لانهما اختيرا في دائرة ناخبوها ليسوا مسيحيين فقط بل موارنة بحت؟ اكيد لا، وتالياً القوقعة او عدمها لها علاقة بالقناعات وبالمشروع والطرح السياسي. ولنفترض انني طرحتُ اليوم اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وخارج القيد الطائفي وطالبتُ في الوقت نفسه بانسحاب لبنان من الجامعة العربية وبوجوب ان تقتصر العطل على ايام الاحاد دون الجمعة، عندها تكون القوقعة التي يكون معيارها مشروعك السياسي وليس الآليات الانتخابية.
bull; بعض الحكومة ينأى بنفسه عن الملف السوري وبعضها الآخر يبدو كأنه يزجّ لبنان في مجرياته، وهو ما عبّر عنه كلام وزير الدفاع فايز غصن عن عرسال... هل أقنعك الهجوم الدفاعي للنائب سليمان فرنجية عن وزير الدفاع؟
- قلة الحياء والفجور هما أسوأ شيء في الدنيا. ففي نهاية المطاف المطالعات التي نسمعها حول كلام وزير الدفاع والتي يحاولون اختصارها بسؤال laquo;أليس هناك اصوليون في لبنان؟raquo;، تنطوي على غشٍ وتلاعُب، فمَن قال انه ليس هناك اصوليون في لبنان، والا يوجد اصوليون في الولايات المتحدة واوروبا؟ وألم يتم قبل فترة توقيف خلية كانت تخطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن؟ هذا لا يعني ان تقف السلطات الاميركية وتقول كل يوم ان لدينا اصوليين، فهذا امر موجود، ولكنها تعمل على تعقُّبهم وعندما يتم توقيفهم يُعلن عن ذلك. اما عندنا فبالعكس، والواقع ان ما حصل عبارة عن فجور وقلة حياء، فالنظام السوري أراد ان يُظهر للغرب ان ما يحصل في سورية ليس ثورة شعبية، وفي اي حال هذه نظريتّه منذ بداية الثورة، وان laquo;القاعدةraquo; والاصوليين هم الذين يقفون وراء الاحداث التي تجري في ازقة حماة وحمص ودرعا وادلب وجسر الشغور والصنمين وريف دمشق والقامشلي ودير الزور وغيرها، وهو يحاول اقناع المجتمع الدولي والغرب بهذه النظرية، واكبر دليل على ذلك الأفلام التي أظهرها وزير الخارجية السوري (وليد المعلّم) في المؤتمر الصحافي الشهير الذي عقده والذي سرعان ما تبيّن انها مفبركة ومركّبة. وفي ظلّ هذه الارادة السورية، يخرج وزير الدفاع اللبناني من حيث لا ندري ويدلي بتصريح يعلن فيه ان تنظيم laquo;القاعدةraquo; موجود في لبنان وعناصره تتسلل الى سورية، وذلك قبل يومين فقط من وقوع انفجاريْ دمشق اللذين سارع النظام السوري الى توجيه اصابع الاتهام فيهما الى laquo;القاعدةraquo; ووجّه رسالة بذلك الى الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون مستنداً فيها الى تصريح وزير الدفاع اللبناني. هذه كلها وقائع ثابتة فيما هم يريدون اغراق الشعب اللبناني بنظريات لا طائل منها ومكشوفة للجميع. وأكرر ان ما من احد ينكر وجود أفراد اصوليين في لبنان ولدى كل الجهات، وهنا أسأل لماذا لم يتم التطرق الى موضوع صور والانفجار الذي وقع وكأنه ليس هناك اصوليون، وماذا عن وادي خالد حيث دخل الجيش السوري وقتل ثلاثة لبنانيين من دون ان تتمّ اثارة الموضوع وكأن شيئاً لم يكن؟ اما في بلدة لا نعرف ماذا فيها (عرسال)، فيخرج وزير الدفاع ليقول هناك laquo;قاعدةraquo;. واذا كان هذا صحيحاً، فهو وزير الدفاع وعليه القيام بواجبه والايعاز بارسال الجيش والمخابرات للتقصي وجمْع كل المعلومات المطلوبة واعتقال مَن يقولون عنهم انهم laquo;قاعدةraquo; بعد التأكد من ذلك ثم اعلان الامر. أما ان يخرج وزير الدفاع ويطلق تصريحاً خدمةً للنظام السوري على حساب سمعة لبنان فهذا امر لا يمكن فهمه ولا قبوله. ومن المؤسف جداً ما سمعناه في الايام الاخيرة والذي يدلّ على حجم الفجور وقلة حياء وعلى ضرب كل المعطيات الموضوعية بعرض الحائط.
اذا كانوا اصدقاء للنظام السوري ويريدون خدمته، فليخدموه ولكن ليس على حساب مصلحة لبنان وتسويقه على انه اصبح مرتعاً لـ laquo;القاعدةraquo; فقط كرمى لعيون النظام في سورية.
bull; دأبتم على دعوة الحكومة الى الاستقالة، الا تعتقد ان ميقاتي يقود مرحلة انتقالية تقلل من الخسائر على البلاد وتفيد منها laquo;14 آذارraquo; لامرار هذه المرحلة بلا أضرار مباشرة؟
- اريد ان اردّ بسؤال: لو بقيت حكومة الرئيس سعد الحريري التي كانت حكومة وحدة وطنية، ألم تكن هذه المرحلة مرّت بأضرار أقلّ ومن دون ان laquo;نتمتّعraquo; بمشاهدة بعض الوزراء كما هو الحال اليوم يطلّون علينا بمواقف ونظريات ابعد ما تكون عن الحرص على مصلحة لبنان ومكانته؟ الجواب: أكيد.
bull; هل تخشى من ترجمة التهديدات التي تحدثت عن ان المضي في الضغوط على نظام الرئيس الاسد سيُحدث زلزالاً في المنطقة، ولبنان من بينها؟
- ولّت ايام الزلازل، ولا احد قادر على ان يُحدث زلزالاً. وفي اقصى الحالات يمكن للنظام السوري ان يفتعل بعض الاحداث الامنية هنا وهناك. واذا كان laquo;قد حالهraquo; بامكانه ان يشتري لنفسه بعض الاشهر الاضافية وليس أكثر، وبالتالي كل هذه الاقوال لا تعبّر عن واقع معيّن بمقدار ما انها محاولة يائسة للتأثير على الرأي العام في اطار المسعى لمساعدة النظام الحالي على الاستمرار، ولكن هذه المحاولات لن توصل بالتأكيد الى اي مكان