علي سويدان

أخبِروني بالله عليكم حين وقَّع النبي صلى الله عليه وسلم صُلح الحديبية وكانت بُنود الصُّلح بظاهرها فيها مكاسب آنيَّة لقريش، هل كان في ذلك تصغيرٌ لمكانة الدولة أو مساس بمصالح المسلمين؟ أم أنَّ أداء الرسول الكريم يومها يصوِّر لنا أن مصلحة الوطن فوق كل المكاسب؟ أمّا نحن اليوم لم ننجح بعلمانيةِ فصلِ الدين عن السياسة ولا نحن صوَّرنا الإسلام على حقيقته حين وصلنا إلى الحكم! وما زلنا نخلط بين المصالح السياسية وبين عواطفنا الدينية.
كتبتُ في هذه الصفحة قبل عام من اليوم وبالتحديد في السادس من يناير عام 2011م في عدد laquo;الرايraquo; 11511 مقالاً بعنوان (مصالح.. لإيران وإسرائيل) وفي الشهر نفسه وبتاريخ السابع والعشرين من يناير في عدد laquo;الرايraquo; 23511 كتبتُ أيضاً مقالاً تحت عنوان (الأسطول الإيراني وثورة الياسمين) أي بعد قيام ثورة الياسمين في تونس وأثناء الاحتجاجات في مصر التي أفضت بعد ذلك إلى تنازل الرئيس حسني مبارك عن السلطة، وقلتُ يومها: (إن السياسة الإيرانية تُدرك أن دخول أميركا إلى المنطقة لا يعني خروجها بسهولة، لذا فإن كثيراً من المعطيات تُشير إلى شراكة سياسية مباشرة أو غير مباشرة بين إيران والغرب لإعادة تشكيل قُوى المنطقة، خلافاً لِلُغة العداء الإعلامية بينهما؛ فالمسألة أعمق منْ ابتسامة السياسيين وأخطر من نوويِّ إيران! وبعيدة كل البعد عن ثورة الياسمين!)، وبسبب المقاليْن تعرضتُ يومها إلى كثير من الانتقادات، وربما رأى البعض أنه نوع من التأجيج الكتابي لصرف الأنظار إلى الأسطول الإيراني بعيداً عن أحداث مصر، ولم يكن ذلك صحيحاً، أيْ أننا نحن العرب أخفقنا بتطوير وعينا السياسي، أرجو أن لا يُقنع أحدٌ نفسَه أن الحرب العراقية الإيرانية مثلاً في الثمانينيات كان الإيرانيون يومها والعراقيون سعداء باستنزاف جيشيْهما وهما جارتان مسلمتان لتستمر الحرب ثماني سنوات! ورغم عدم رضى الشعبيْن العراقيِّ والإيراني بذلك استمرت الحرب! هل هي الحكمة أم الشجاعة والبطولة؟! لا هذه ولا تلك؛ بل الغضب في غير محله والتهوُّر وإهدار الأرواح والأموال والأوقات، ثم نخرج نحن العرب من تلك المعارك المفرغة من المكاسب، إلى غزو العراق للكويت واستجلاب أميركا إلى المنطقة إلى ما شاء الله من السنين، ومن المؤسف أن نتجهَ نحو المهزلة نفسها مرة أخرى ونُكذِّبَ أنفسَنا ونصدِّقَ ألاعيب السياسة التي لا نعرف مداخلها ولا حتى مبادئها! أيها السادة الكرام ليس لإيران في الحرب على إسرائيل ناقة ولا جمل فيما سبق من الأيام حتى الآن، ولو كان لها مصلحة لما أضاعت الوقت في الحرب مع العراق من اللحظة الأولى، أيها العرب الأكارم ليس للعراق أيام صدّام مصلحة في الحرب على إسرائيل ولو كان له مصلحة لما غزى الكويتَ لِيُحرر فلسطين عن طريق بوابة الجهراء!! المشكلة أننا نُرجعُ أسباب ما يحدث دائماً نحو حاجاتنا الضيقة وننسى أن الآخَر يعمل لمصلحته، الجميع في العالَم يعمل لمصلحته إلاّ نحن!
أيها العرب الأبطال عليكم أن تُسقطوا النظامَ في سورية، وإذا كانت سورية هي التي لَجَمَتْ إيران عن السير في مطامعها تجاه العرب لسنوات، فيمكنكم يا عرب أنْ تحموا أنفسكم بشراء أسلحة جديدة ومنظومات متطورة من أميركا، الله أكبر.. حان موعد تحرير القدس.. ولكن هذه المرة: من مضيق هرمز.