عبدالله إسكندر

بات جلياً ان مهمة المراقبين العرب في سورية تتعثر. ولم يتمكن المراقبون حتى الآن من تحقيق اي هدف لمهمتهم، في الوقت الذي ما تزال الازمة في مأزق قد يطول، ومعه تستمر حالات العنف ضد المتظاهرين والمحتجين، وتزداد أعداد الضحايا.

واذا كان البعض يحمّل المراقبين مسؤولية التعثر، لأنهم لم يتمكنوا من فرض مضمون المبادرة العربية التي جاؤوا بموجبها الى سورية، فلا يبدو ان السلطات في دمشق مهتمة بتسهيل مهمتهم. وقد يطول الجدل حول هذه المسائل، خصوصاً ان لا شيء يدل حتى الآن ان التقرير المفترض ان يقدمه رئيس بعثة المراقبين الى اللجنة الوزارية العربية اليوم يتضمن ما يحسم في شأن مصير مهمة البعثة. لا بل يُخشى ان يدخل هذا الموضوع في متاهات التجاذبات العربية، وبين رغبات هنا في دفع الامور الى التدويل والذهاب الى مجلس الامن، وبين رغبات في اظهار ان الفرص المتاحة امام المراقبين لم تستنفد بعد وفي اعطاء مهل جديدة، تحمل معها ارقاماً جديدة من الضحايا.

لكن كل ذلك لا يُخفي ان المسار الحالي لا يختلف عن ذلك الذي سبق ارسال المراقبين، أي أن الحل الأمني مازال الاولوية المطلقة، وان التصور الرسمي السوري لا يزال يدور في المعادلة التي وضعت منذ انفجار الحركة الاحتجاجية، والذي يقرب من الدخول في شهر الـ 11. وقوام هذه المعادلة، ان المزيد من البطش ينهي الحركة الاحتجاجية، ما دامت كل اعلانات الاصلاح لم تقنع احداً، خصوصا داخل سورية، بأن ثمة مساراً جديداً تنوي السلطات الدخول فيه.

وليس من دون معنى ان يعلن خالد مشعل أقرب الحلفاء الى سورية، والمفترض ان يكون الى جانبها في الممانعة القومية، أنه آن أوان الدخول في الحل السياسي، محذّراً من التبعات الكارثية للاستمرار في الحل الامني.

واذا كان مشعل، احد كبار العارفين بالوضع الداخلي السوري، يعبر عن قناعة شخصية، فإن ذلك يعني ان الأزمة دخلت مرحلة حرجة جداً، بما يفرض على الحكم السوري إعادة تقويم كل إستراتجيته في معالجتها. واذا كان مشعل يعبر عن موقفه كقائد لتنظيم في laquo;الإخوان المسلمينraquo;، فإن ذلك يعني ان على دمشق ان تعيد النظر في كل حساباتها الداخلية والاقليمية، في طريقة معالجة الأزمة. وذلك بعدما بات جلياً حجم الشرخ الاجتماعي والسياسي داخل سورية، وانسحابه على علاقاتها الاقليمية.

هكذا لم يعد مفيداً الترداد الببغائي لنظرية المؤامرة والعصابات المسلحة، وان السلطات ستحسم قريباً أمر المتآمرين. ولا يؤدي هذا الترداد إلا إلى إطالة الأزمة وما تحمله من كوارث على الشعب والحكم ايضاً، فهو بات حالياً بمثابة إعلان انتحار بطيء أكثر من كونه وسيلة لمعالجة حركة احتجاجية، اذ كلما ازداد حجم الدم المسفوح في الشوارع ازدادت صعوبات التوصل الى حل سياسي سلمي يضع البلاد على سكة الخلاص، إذا كان من الممكن بعدُ الحديث عن حل تصالحي، يعيد سورية الى مكانتها الاقليمية التي باتت حالياً عرضة لشتى أنواع التدخلات من القريب والبعيد على السواء.