لندن
اذا اردت ان تعرف او تتعرف على احتمالات الحرب في منطقة الشرق الاوسط، فان عليك ان ترصد ردود الفعل في كل من موسكو وواشنطن، وتحرك سفنهما وحاملات طائراتهما، خاصة بعد ان افاقت روسيا من سباتها العميق، وبدأت تعود الى المنطقة بقوة لحماية مصالحها.
القيادة الروسية التي تعرضت الى خديعة كبرى في ليبيا خسرت على اثرها حليفا تقليديا قويا متمثلا في نظام العقيد معمر القذافي، عندما وافقت على قرار مجلس الامن الدولي بتدخل حلف الناتو في ليبيا لحماية المدنيين، تحول بعد ذلك الى تحرك عسكري لاسقاط النظام، بدأت تدرك فداحة خسارتها هذه، من خلال التصدي بقوة للمحاولات الامريكية لاسقاط النظامين السوري والايراني.
ارسال سفينة روسية محملة باسلحة على درجة كبيرة من الخطورة الى دمشق، تزامنا مع وصول حاملة طائرات روسية وسفن حربية اخرى الى ميناء طرطوس، حيث القاعدة البحرية الروسية اليتيمة في المياه الدافئة، يؤكد هذه الاستراتيجية الروسية الجديدة.
الادارة الامريكية اعربت عن قلقها بعد ان وصلتها اخبار من السلطات القبرصية التي اطلعت على حمولة هذه السفينة، ولم تستطع منع ابحارها نحو دمشق، ولكن طلبها للحصول على ايضاحات من نظيرتها الروسية لن تجد اذانا صاغية.
من الواضح ان موسكو تقف الى جانب النظام السوري في مواجهة ثورة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ تسعة اشهر وتطالب باسقاطه، ولا بد انها بارسال حاملة الطائرات وشحنات الاسلحة والمواد الخطرة هذه، تريد ايصال رسالة قوية وواضحة للحكومات العربية والولايات المتحدة بانها لن تتخلى عن حليفيها السوري والايراني، بعد ان خسرت حليفيها، في ليبيا (نظام القذافي) وفي العراق (نظام صدام حسين).
ديمتري روجيزين سفير روسيا لدى حلف شمال الاطلسي المنتهية ولايته صرح بالامس 'بان اي تدخل عسكري مرتبط بالبرنامج النووي الايراني يعتبر تهديدا لأمن روسيا الوطني'. وقال ما معناه ان ايران جارة لنا ولا يمكن ان نقبل بأي عدوان عليها. بينما ذهب نيكولاي باتروشيف رئيس مجلس الامن في الكرملين والمقرب من فلاديمير بوتين ان اسرائيل تدفع بالولايات المتحدة نحو الحرب مع ايران.
خطورة هذه التصريحات الواضحة والقوية تأتي في وقت تتزايد فيه احتمالات الحرب ضد ايران، وتتصاعد الضغوط العربية والداخلية لاسقاط النظام السوري. ويجب الاخذ في عين الاعتبار ان روجيزين الذي يعتبر الحرب على ايران تهديدا للامن الوطني الروسي صدر قرار بتعيينه نائبا لرئيس الوزراء، اي بوتين، لشؤون الدفاع، وسيباشر مهامه فورا.
زمن التفرد الامريكي في منطقة الشرق الاوسط وحروب تغيير الانظمة بالحصارات او التدخلات العسكرية بات في طريقه للانقراض.
فواشنطن غيرت النظامين الليبي والعراقي لانهما منحا عقودا نفطية وتجارية لشركات روسية وهندية وصينية، ولذلك فان الاستسلام الروسي لمشاريع الهيمنة والتفرد الامريكية سيؤدي الى انهيار المصالح والوجود الروسيين في منطقة هي الاغنى في العالم بأسره، وهذا ما يفسر استخدامها مع الصين الفيتو المزدوج في مجلس الامن ضد فرض عقوبات على سورية.
موسكو زودت سورية بصواريخ اس 300 المضادة للطائرات، تحسبا لاي تدخل لحلف الناتو في شؤونها، ومن غير المستبعد ان تتراجع عن قرارها بحجب الصواريخ نفسها عن ايران، لانه من الواضح انها تخلت عن مواقعها السابقة في ترك المنطقة برمتها للنفوذ والحروب الامريكية.
- آخر تحديث :
التعليقات