علي حماده

احد عشر شهرا والنظام في سوريا يقتل المواطنين السوريين العزل. بدأ القمع الوحشي باقتلاع اظافر اطفال درعا، واليوم صار القتل خبز السوريين اليومي في انحاء عدة من البلاد. وما عاد يمر يوم من دون ان تصل اعداد الشهداء الى العشرات، فضلا عن مئات الجرحى وآلاف المعتقلين. ومع ان الثورة انطلقت سلمية، واصر القيمون عليها في التنسيقيات المحلية على سلوكيات سلمية في التحرك، فإن النظام اتجه فورا الى اعتماد القتل سلوكا في محاولة يائسة لمحاصرة الثورة في بداياتها ومنعها من ان تكبر وتتوسع. ومع الوقت تبين ان القمع المتمادي والايغال في القتل لم يمنعا جدار الخوف من الانهيار في نفوس الناس، بل ان مشاعر الخوف السابقة استبدلت بمشاعر الغضب والثورة المتأججة. هكذا تحولت الثورة في سوريا من كتابات أولاد على حائط مدرسة في درعا الى عشرات لا بل مئات النقط المتاججة اما تظاهرا او دفاعا بالسلاح عبر سوريا كلها.
أدت وحشية نظام بشار الاسد المستمدة من ارث والده حافظ الاسد الى ضخ الغضب والتصميم على الثورة في نفوس الناس. وكلما ارتفعت وتيرة القتل، كان السوريون يلقنون العالم باسره امثولات في الشجاعة بنزولهم بالآلاف وبمئات الآلاف الى ساحات التظاهر ليواجهوا رصاص النظام الحي، معلنين قبولهم بالموت ولا مذلة النظام الجاثم منذ اربعين عاما على صدور السوريين. لكن وحشية النظام المتمادية ايقظت في نفوس الناس غريزة الدفاع عن النفس بكل الوسائل. ومع الوقت تحول انشقاق الجنود الذي بدأ في شكل خجول بهربهم من الوحدات العسكرية والعودة الى قراهم للاختباء، انشقاقات دامية اعقبها عمل جدي للانتظام في كتائب مقاتلة بعدما ذهب النظام بعيدا في قتل الجنود الذين رفضوا بداية الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، ثم تعقبتهم كتائب الموت الأسدية في قراهم، وتعقبت اهاليهم.
لم يحمل السوريون السلاح ضد النظام وما تبقى من وحداته الصافية الولاء إلا بسبب اعتماد بشار وبطانته على الارض القتل لغة وحيدة لمخاطبة الشعب. من هذا المنطلق كان قيام الجيش السوري الحر، وانضمام مقاتلين من المدنيين الى وحداته في انحاء عدة من البلاد. من ادلب الى حمص وحماة وريف دمشق ودرعا. وقد اندرج حمل السلاح هنا تحت بند الدفاع المشروع عن النفس وفق المعايير القانونية الدولية. فالحكم لا يمنح صاحبه صلاحية القتل المتمادي مدى 11 شهرا. ان الزبداني التي تحررت قبل ايام تمثل حلقة من حلقات عسكرة الثورة دفاعا عن الناس. وهي الأفق الوحيد المتاح مع تخاذل العرب، وامعان روسيا في جريمتها السياسية والانسانية بالدفاع في مجلس الامن الدولي عن نظام يقتل الاطفال من ان يرف له جفن.
طبعا قد نسمع ان بشار استعاد الزبداني بعدما دمرها على رؤوس اهلها، ولكن الزبداني هي فاتحة مقاومة منظمة اوسع واشمل في قادم الايام. والنظام الذي عاش بالدم لن يسقط إلا بالدم.