دان مرغليت

تمر هذه الايام على أبو مازن بينما هو يشن حملة دعائية بين دبلوماسيين من العالم كله من الايرانيين واليابانيين وغيرهم يكرر فيها ادعاءه ان إسرائيل أغلقت كل باب لاستمرار المفاوضات. وهو دعائي مصمم مثابر، ويقع كلامه احيانا على آذان صاغية وقلوب راغبة.
ليس للفلسطينيين وحدهم من لديهم شكوك حول ما إذا كانت الحكومة في القدس معنية فعلا بمفاوضات ترمي الى انشاء دولتين للشعبين. فهناك دبلوماسيون اجانب وضيوف كثيرون يدعون ان إسرائيل لا تنوي بجدية متابعة المفاوضات. وفي كل محادثة كهذه لا أستطيع ان أقول لهم ان الأمر يتعلق بريبة لا اساس لها من الصحة. وباعتباري إسرائيليا فانني لست مقتنعا بصدق نية الحكومة. وأتلعثم ايضا عندما يُبدي المختصون بينهم ملاحظات تفيد ان بنيامين نتنياهو تحدث في الحقيقة مؤيدا حل دولتين للشعبين لكنه لم يعمل أبدا على دفع الحكومة للمصادقة على موقفه هذا.
لكن هذا الارتياب الصادق يتقزم في ضوء البراهين شبه القاطعة على ان الفلسطينيين يُفشلون السعي الى تسوية. وهم يفعلون ذلك ليس بتهربهم فقط من اقتراحي ايهود باراك وايهود اولمرت السخيين اللذين أصبح مجرد ذكرهما مبتذلا، بل من خلال مواقفهم الحالية ايضا.
ثمة بالطبع quot;شروط حافةquot; للمفاوضات. وقد طلبت إسرائيل بحق ان يعترف الفلسطينيون بها قبل ان تدخل معهم في مفاوضات أفضت الى اتفاق اوسلو في 1993. وكان عند أبو مازن شرط مسبق وهو ان تعلن إسرائيل بزعامة نتنياهو انها تؤيد حل الدولتين. وهذا منطقي ايضاً.
لكن حين تم الامر وعندما تم تجميد البناء في المستوطنات لمدة سنة ايضاً رفض الفلسطينيون اجراء مفاوضات واضافوا مطالب اخرى. أحد تلك المطالب تم الاستجابة لها جزئيا، فقد طلبوا ان يروا خريطة الحدود النهائية التي تطلبها إسرائيل وعرضها المحامي اسحق مولخو شفهيا لا على الورق، بصورة مبدئية لكن بتفصيل كاف لتمكين الطرف الثاني من رسم خط الحدود وسارع الفلسطينيون الى اعلان ان إسرائيل أفشلت المحادثات.
هذا الموقف يطرح اسئلة صعبة عن طرق اجراء المفاوضات. اذا كان يجب على إسرائيل ان تحضر المباحثات سلفا مع الخريطة التي يقبلها الفلسطينيون، فحول ماذا ستجري المفاوضات؟ انهم يحولون المباحثات إلى غير ذي جدوى، وكأن الأمر يتعلق بلعبة مباعة.
هذا الاسبوع سيجتمع قادتهم للتباحث في طلبات سيقت إليهم من العالم المستنير كله للوفاء بالتزاماتهم والتحادث مع إسرائيل حتى آذار. لكن رجال أبو مازن يستعملون لغة فيها عنصر ابتزاز، تقول انه اذا لم تُجر إسرائيل المفاوضات بحسب خطوط سلوكهم، فان الرئيس سيعزز التقارب مع حماس. ماذا يشبه هذا؟ ان يعرض نتنياهو على أبو مازن شروطا مسبقة لخريطة يكون فيها جدار الفصل هو حدود إسرائيل ويهدد بأنه اذا رفض الفلسطينيون فانه سيضم الى الائتلاف يعقوب كاتس وربما الدكتور ميخائيل بن آري. ماذا كانوا يقولون عنه في أنحاء العالم كله؟
لم يدع مولخو ان تصور الحدود الذي عرضه هو شرط لا رجوع عنه. بل عرض افكارا تُتيح الاستمرار في المحادثات اذا كان الفلسطينيون معنيين بها حقا. هل يريدون التهديد بتعزيز علاقاتهم بحماس؟ اذا كان الامر كذلك فربما لم يحن الوقت بعد لمفاوضات جدية.

(إسرائيل اليوم )