راجح الخوري


لا شيء يوازي التصعيد العسكري في سوريا إلا العراقيل السياسية التي تواجه quot;المبادرة العربيةquot; والمشاريع المطروحة على مجلس الأمن. وهذا يعني المزيد من القتلى والدم الآن، مع بدء مرحلة quot;الحل الأمني مطلب جماهيريquot; كما أعلن وليد المعلم وquot;حق الدفاع عن النفسquot; كما ردت المعارضة.
تبدو حظوظ مشروع القرار الروسي في مجلس الأمن معدومة تقريباً لأن الدعوة إلى المفاوضات بين النظام والمعارضة وإبداء الاستعداد لاستضافتها في موسكو، لم تعد تتلاءم مع حجم الدماء وأعداد الضحايا وهو ما يدفع المعارضة إلى الإصرار نهائياً على إسقاط الأسد ونظامه. في المقابل تصطدم quot;المبادرة العربيةquot; في مجلس الأمن ايضاً بالفيتو الروسي. ولهذا صار مطلوبا الآن التأمل في التعديلات التي يجب إدخالها سواء على تلك المبادرة أو على المشروع الروسي.
وإذا كانت المعارضة تبحث عن ممرات آمنة لحماية المدنيين، فإن هذه الممرات الآمنة مطلوبة أيضاً من quot;المبادرة العربيةquot; كما من المشروع الروسي. في كلام أوضح quot;المبادرة اليمنيةquot; تركت ممراً آمناً لعلي عبد الله صالح وجماعته، ومثل هذا الممر لم يترك لبشار الأسد وجماعته بما كان سيساعد على إضعافه حتى عند جماعته. وفي كلام واضح أيضاً تقاتل روسيا بضراوة دفاعاً عن الأسد ونظامه ليس حباً به، بل لأنها لم تضمن بعد وجود ممرات آمنة لاستمرار مصالحها في سوريا وهي آخر مواقع نفوذها في المنطقة.
وموسكو تعاني أزمة حقيقية لأنها لا تملك أي فكرة عن صباح اليوم التالي إذا استيقظت لتجد ان سوريا من دون بشار الأسد وان عليها أن تبدأ تفكيك معداتها في طرطوس، وهو أمر لم يخطر لها في أسوأ كوابيسها. لقد حاولت استكشاف المستقبل عندما التقى سيرغي لافروف وفد المجلس الوطني السوري، بعدما كان دميتري ميدفيديف قد أعلن quot;إن على الأسد قبول الحوار مع المعارضة وتنفيذ الإصلاحات أو الرحيلquot;، وهو أمر لم يكن بعيداً عن تلميحات فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى باريس: quot;إن الفيتو الروسي ليس لتبرئة النظام السوريquot;!
موسكو لا تريد أن تكرر في سوريا خطأها الغبي في ليبيا، لكنها تستدرج العروض في بازار سياسي على الدم في سوريا. هي تعرف جيداً أن نظام الأسد لا يمكن أن يستمر، لكنها لن تترك آخر مواقعها الاستراتيجية في المنطقة من دون جائزة ترضية، تساعد بوتين على القول للناخبين غداً إننا لا نزال دولة كبرى.
أمام كل هذا لا ندري ما إذا كانت الديبلوماسية تستطيع ان تتوصل إلى خلطة من quot;المبادرة العربيةquot; والمشروع الروسي بهدف إيجاد ممر آمن لخروج الأسد، بما قد يمهد للتخلي الروسي عن quot;متراس الفيتوquot;!