أمجد عرار

على العرب انتظار ما هو أكثر وأبعد من مطالبة raquo;إسرائيلlaquo; باعتراف عربي ودولي باختراعها الجديد المسمى raquo;اللاجئون اليهودlaquo;، بعدما وضعت مصطلح raquo;الدولة اليهوديةlaquo; على ألسنة قادة العالم ومسؤوليه، وبات التكريس النهائي لهذا الهدف قاب صفقة أو أدنى، حيث إن المنطقة هيئت كدول دينية ليكتمل المشهد الملائم تماماً ل raquo;مشروعيةlaquo; المطالبة بدولة دينية .

من الواضح أن raquo;إسرائيلlaquo; تطبّق سياسة raquo;خير وسيلة للدفاع هي الهجومlaquo; . هي سياستها منذ زرعها الغرب في قلب المنطقة العربية، لكنها ترى في الظروف الراهنة أكثر مواءمة لتكريس هذه السياسة وتحقيق الحد الأقصى الممكن من المكاسب . فبعد قرار التقسيم العام ،1947 نجحت raquo;إسرائيلlaquo; في تحويل بحثها عن اعتراف دولي بها ك raquo;شعب ودولةlaquo;، إلى بحث فلسطيني وعربي ودولي عن اعتراف بالفلسطينيين كشعب، توطئة للاعتراف لهم بدولة عضو في الاتحاد الدولي لكرة القدم، عوضاً عن عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة الجاهزة للاعتراف بأية مزرعة تنشئها أمريكا، كميكرونيزيا مثلاً، وهي التي لا ترى بالعين المجردة حتى لو كان الجو السياسي صافياً وليس ملبّداً بغيوم الصفقات والمؤامرات .

raquo;إسرائيلlaquo; تشعر بأنها تأمر فتطاع، لذلك تخترع بين الفينة والأخرى مفهوماً جديداً يخدمها، أو تطرح مطالب جديدة على الجانب العربي . اعتراف الأمم المتحدة بها وضع قدميها على أول الطريق الدولي السريع الموصل إلى raquo;إسرائيلlaquo; الكبرى من النيل إلى الفرات، لذلك فإنها لم تتورّع عن تنفيذ الخطوة الثانية من مشروعها بأن احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسيناء بعد أقل من عشرين عاماً على قرار التقسيم الذي منحها قاعدة الارتكاز . الآن سيظهر مجادل عربي ليقول إن السبب هو رفض العرب لقرار التقسيم، وكأن توقيع النظام المصري الأسبق اتفاقية raquo;كامب ديفيدlaquo; منع raquo;إسرائيلlaquo; من مواصلة مشروعها الصهيوني الاستعماري، وكأن اتفاق أوسلو أوقف هذا المشروع الذي بات يتكئ على خيبة العرب أكثر مما يعامد على مقوماته الذاتية التي أثبتت بضع وقائع خواءها وعنكبوتيتها .

في هذه المرحلة، تخوض raquo;إسرائيلlaquo; حرب مضاربة لإجهاض قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال طرح قضية لاجئين بديلة ومخترعة منذ فترة لكن ليس على نطاق عملي كما هي الآن، حيث لم تكتف بنسج توافقات ودعم مبدئي من عديد دول العالم ودعم غربي مطلق بات تقليدياً، بل أرفقت تحركها الدبلوماسي بحملات إعلامية ومشاريع توثيقية وقانونية مموّلة ومدعومة بالتبرعات هدفها صناعة وثائق على ما تزعم أنها أملاك لليهود الذين تزعم أنه تم طردهم من البلاد العربية بعد النكبة، علماً أن العديد من المؤرخين، بمن فيهم مؤرخون يهود، يقرون بأن اليهود الذين غادروا الدول العربية إما غادروها نتاج عمل صهيوني بحت قام على الترغيب (ببلاد السمن والعسل)، وإما الترهيب بإلقاء قنابل ونسبها إلى العرب . وما يؤكد الخلفية السياسية لهذا الموضوع أن اختراع raquo;اللاجئين اليهودlaquo; هذا يستهدف يهود الدول العربية حصراً، في حين أن الرواية الصهيونية طوال عقود قامت على أساس اضهاد اليهود في أوروباً . الآن ينحّى التاريخ الأوروبي ويثار من بوابة عربية لتحقيق واحد من هدفين، فإما أن تنجح raquo;إسرائيلlaquo; في انتزاع هذا raquo;الحقlaquo; المخترع، وإما أن تفرض على العرب والعالم التنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى وطنهم وديارهم، وتعويض من لا يرغب منهم بالعودة، وفق قرار 194 الدولي .

بالمقابل لم نلحظ أي تحرّك عربي استباقي لهذا المخطط raquo;الإسرائيليlaquo; الذي يراهن على الظروف الجديدة بانتظار اكتمال المربعات الدينية في المنطقة، لتضع نفسها واحدة منها . وبالتالي ينبغي أن تكون المواجهة من الجانب العربي، أننا مع حق اللاجئين الفلسطينيين واليهود بالعودة، كل إلى وطنه الأصلي .