سعد بن عبدالقادر القويعي


لم يكن مستغربا تصريح - مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران - علي خامنئي، حين قال: laquo;إن لبلاده اليد العليا في متغيّرات المنطقة، والعالمraquo;، مشيراً إلى أن طهران: laquo;تقترب من تحقيق أهدافها في الشرق الأوسطraquo;، إذ لا فرق - حينئذ - بين أن تكون تلك الأهداف قائمة على لعبة المصالح الإقليمية، أو معتقدات مذهبية، أو مستندة إلى جذور قومية ممتدة - منذ عهد الإمبراطورية الفارسية -. فكل ما سبق، يُعتبر امتدادا للسياسة الخارجية، وانعكاسا لطبيعة الدولة الإيرانية، والتي تستند على فكرة laquo;ولاية الفقيهraquo;.

إن المستقرئ للسياسة الإيرانية، لن يجد صعوبة في إدراك الأهداف الكبرى لإيران، - سواء - كانت تلك الأهداف تتصل بمشروعها؛ للسيطرة على المنطقة، وتقاسم النفوذ مع المشروع الصهيو أمريكي، الذي غرز من وضع إيران، وجعلها أقوى لاعب في المنطقة، أو بانفرادها بالهيمنة على بعض جيوب دول المنطقة، وتجزئتها إلى كيانات تابعة إيران، وهو ما يُعرف بـ laquo;سياسة الأذرعraquo;؛ للعمل على تمزيق النسيج الاجتماعي في الأوطان، والدفع باتجاه إحياء المذهبية في أشد صورها - تناقضا وشراسة -.

الأبعاد الجيوبوليتية، والإستراتيجية، - ومثلها - الأبعاد الثقافية، والدينية لدولة إيران، تنطلق من مصالحها الحيوية، وحماية أمنها القومي، والإقليمي. فهي ثابتة لا تتغير، بخلاف إستراتيجيتها في تحقيق سياستها الخارجية، فهي التي تتغير؛ من أجل بسط نفوذها، وهيمنتها على منطقة الشرق الأوسط؛ لتصبح - بالتالي - القوة الإقليمية العظمى، عن طريق ممارسة ضغطها على بعض الدول، بهدف التأثير على مواقفها، وعلى خياراتها السياسية.

ما لم يقله - مرشد الجمهورية الإسلامية - علي خامنئي، أن انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، والذي أقام علاقة تحالفية مع إيران - إبان الثورة الخمينية -، بعد أن سمح غياب الدور الدولي، والإقليمي لها بالتمدد في سوريا، وأدخل المنطقة في أزمة حادة، سيعيد تشكيل موازين القوى في المنطقة، ونفوذها في معادلة التوازن الإقليمي، الأمر الذي سيترتب عليه ضربة كبيرة للسياسة الخارجية الإيرانية، وفقدها لأحد أهم أوراقها الإستراتيجية في المنطقة، وذلك - من خلال - بتر ذراعها، بل وخنقها، عندما تدرك طهران: أن سوريا على أعتاب مرحلة جديدة.