جهاد الخازن


ثلث السوريين يؤيد الرئيس بشار الأسد حتى الموت، وثلثهم يعارضه حتى الموت، والثلث الثالث ينتظر من سيفوز لينضم اليه.

سمعت ما سبق من خبراء حقيقيين في الشأن السوري، سوريين وعرب آخرين عاشوا العمر في سورية أو يزورونها بانتظام. وعرضت ما سمعت على خبير آخر فقال إن 15 في المئة من السوريين يؤيدون الدكتور بشار حتى الموت، و15 في المئة يؤيدونه بقوة لأن مصالحهم كلها مرتبطة بنظامه، ثم هناك الثلثان الآخران كما وصفتهما في الفقرة السابقة.

سورية صوّتت على دستور جديد في ظل القتل المستمر، وهناك انتخابات برلمانية في السابع من أيار (مايو)، غير أن النظام أدخل نفسه في طريق مسدود يضيق باستمرار، ولعل هناك فرصة أخيرة باقية له، لمنع انحدار البلد في طريق نزاع أهلي.

المطلوب أولاً وأخيراً وقبل كل شيء وقف القتل، وسحب القوات المسلحة كلها، من الجيش والأمن والشبيحة من المدن والقرى والأرياف، ثم إطلاق سراح المعتقلين جميعاً، وبعد ذلك إجراء انتخابات حرة في كل أنحاء البلاد.

شرعية الحزب القائد سقطت في الدستور الجديد، ولم يبقَ سوى شرعية الانتخابات، لذلك يجب على مجلس النواب الجديد أن يعمل كجمعية وطنية تأسيسية تبني عقداً اجتماعياً جديداً يبن السوريين جميعاً، سلطة ومجتمعاً.

يستطيع مجلس نواب منتخب بحرية وبالوسائل الديموقراطية أن يكون نواة هذا العمل، وهو سيكسب ثقة الناس في الداخل والمجتمع الدولي إذا بسط السلام الأهلي وحارب الفساد في شكل جدي، خصوصاً رموزه الكبار.

أعتقد بأن ما سبق هو البوابة الأخيرة الباقية التي يستطيع النظام أن يدخل منها لإصلاح ما خرّب في السنة الماضية، غير أنني أخشى أن يذهب هذا النصح، وأكثره ليس مني بل مجمل آراء الخبراء الحقيقيين في الوضع السوري، أدراج الرياح، لأنني لم أرَ النظام يصغي الى أي نصح في الشهور الإثني عشر الماضية، ولا سبب عندي لأتوقع أن يغيّر موقفه.

أخشى أن يكون النظام يعاني من ثقة زائدة غير مبررة في النفس، فهو نجا من سياسة laquo;تغيير النظامraquo; التي أعلنتها إدارة جورج بوش في العقد الماضي، وهزم مع ايران الاميركيين في العراق بين 2004 و2006. والنظام خرج من لبنان بعد اغتيال رفيق الحريري، في ما بدا أنه خسارة مذلّة، إلا أنه عاد منتصراً خلال أشهر الى دوره كلاعب رئيسي أو أول في السياسة الداخلية اللبنانية. ولعله الآن يعتقد أنه يستطيع أن يخرج من أزمته الحالية بوسائل العنف نفسها التي حمته في السابق.

الوضع اختلف الآن عنه في العقد الأخير، ويبقى أن يقتنع الدكتور بشار الأسد بالحاجة الى حل غير العنف، لأن العنف هو الذي سدّ المنافذ على نظامه.

وأكمل برأي لي وحدي موضوعه الضجة التي ثارت بعد نشر laquo;ايميلاتraquo; الرئيس السوري والسيدة زوجته.

أترك النظام laquo;يقلّع شوكه بإيدهraquo; كما يقولون في سورية ولبنان، وأكتفي بحصة السيدة أسماء الأخرس الأسد من هذه laquo;الايميلاتraquo;، ففي الأخبار أن الاتحاد الاوروبي الذي لم يقدّم شيئاً للسوريين غير الكلام يريد ان يعاقب السيدة أسماء وكأنه يعتقد أن هذا يكفي ليضحك على السوريين في غياب أي إجراء جدي لمساعدتهم، فهم من دون بترول ليبيا. السيدة أسماء أنفقت ألوف الدولارات، كما قرأنا، على مشتريات خاصة، وlaquo;الديلي تلغرافraquo; قالت إن ثمن مفروشات اشترتها من فرنسا كان 35.118 يورو (و60 سنتاً على وجه الدقة)، ورأت أنها قد تواجه السجن بسبب laquo;موجةraquo; مشترياتها لأن هناك مقاطعة لزوجها وأركان نظامه. أما laquo;التايمزraquo; فقالت في عنوان خبر لها عن الموضوع إن الضغط لوقف laquo;الطابور الخامسraquo; للنظام السوري في لندن يزيد، وكررت عبارة laquo;الضغط يزيدraquo; في الخبر من دون أن تقول لنا المصدر.

أقول إن الأثاث لبيت وليس للسيدة أسماء، وما اشترت هي، أو ألوف الدولارات، كان على أفلام أو موسيقى، ومجوهرات من الدرجة الثانية أو ما يسمى بالانكليزية semi-precious stones، فليس بينها ألماس أو زمرد أو ياقوت. وكله يدخل ضمن نطاق قدرة أي سيدة من الطبقة المتوسطة العليا في لندن، وأسرتها حتماً من هذا النوع، فأبوها جرّاح قلب مشهور في لندن حيث ولدت إبنته وكبرت ودخلت الجامعة وعملت في مصارف عالمية. ثم هي زوجة رئيس دولة الآن.

laquo;التلغرافraquo; وlaquo;التايمزraquo; أيّدتا الحرب على العراق ولا تستطيعان إنكار دورهما في قتل مليون عربي ومسلم، ثم laquo;تتهمانraquo; السيدة أسماء الأسد بارتكاب laquo;جريمةraquo; مشتريات بألوف الدولارات. أقول laquo;اللي استحوا ماتواraquo;.