حسين شبكشي

السعودية تتعرض اليوم لحرب قذرة، ولكنها حرب مختلفة من الممكن أن يتم تصنيفها بلغة العلوم السياسية الحديثة بأنها حرب ناعمة، وذلك لأنها تستخدم أدوات غير تقليدية، ولكنها حرب شديدة الدناءة.

فكميات المخدرات والمسكرات التي يجري الإعلان عن ضبطها عن طريق قوات حرس الحدود لا يمكن وصفها إلا بالمفزعة والمذهلة والمهولة، ولا يتهاون laquo;المهربونraquo; ولا الدول المؤيدة الداعمة والمساندة لهم، في اتباع كل الطرق والأساليب لإدخال كل أنواع المخدرات والمسكرات إلى بلد نسبة الشباب من عدد سكانه تقترب من الـ70 في المائة، محاولين ذلك بحرا وجوا وبرا، وبحسب المصادر الرسمية، فإن ما يتم ضبطه بلغ فقط 30 في المائة من الكمية التي تدخل البلاد، ويتعرض أيضا الكثير من المواقع الإلكترونية التجارية والخاصة المحسوبة على جهات وشخصيات سعودية، لحرب فضائية شعواء، سواء بالحجب أو بإدخال أخبار ومعلومات كاذبة عبر قرصنة كاملة للمواقع والحسابات، ناهيك عن التهديد الذي يتعرض له بعض المسؤولين الدبلوماسيين والمواطنين في بعض الدول ويتم ابتزازهم وإهانتهم، ولا يمكن إغفال ما يحدث في بعض المحطات الإخبارية الفضائية المحسوبة على تيارات معينة لم توفر السعودية وسياساتها بحملات من الأكاذيب والإهانات، التي فيها من laquo;المستوى الهابطraquo; وغير الأخلاقي ما يكفي، بحيث يجيب المتحدث عن نفسه، لأن كل إناء بهذا المستوى حقا ينضح بما فيه ولا ريب.

الدبلوماسية السعودية في الفترة الأخيرة تبنت جوانب أخلاقية في مواقف معينة، وخصوصا خلال الأزمة السورية التي شهدت انتفاضة وثورة الشعب السوري، طالبا فيها العيش بكرامة وحرية بعد سنوات طويلة وعهد مرير من الذل والمرارة والمهانة، وكان رد نظام الأسد القتل والقمع والتنكيل والتدمير بشكل وحشي وهمجي موتور لم يعرف مثله من قبل، من الممكن في يوم من الأيام أن يشبه بجزاري الأزمان؛ مثل هولاكو وهتلر وغيرهما من النماذج الدموية.

اليوم السعودية تتصدى بنفسها وتلقى ما تلقاه من سفالة وتهديد لحدودها ودبلوماسييها وشبابها لأنها اختارت أن تقف مع الحق والعدل والكرامة والحرية والأمل، وأن لا تكون سمسارا للدم وشاهد زور ومبرر جرائم لصالح نظام فقد النظر وفقد الضمير وفقد الإيمان ولم يخش النظم والقوانين والدول ولا رب العالمين.

هذه النوعية من الحروب التي تواجهها السعودية اليوم لم تعد سرا ولا مسألة خفية، وهي مرشحة لأن تتواصل وتزداد قذارة وتنخفض إلى مستويات دنيا غير مسبوقة، ولكن سوريا، بثورتها، laquo;فضحتraquo; المستور وكشفت خباياه، وأصبح كل أمر بمثابة المسألة القطعية، وبات الأبيض أبيض والأسود أسود، واختفت المساحة الرمادية التي كانت يقف عليها بعض الأطراف قديما خجلا ومجاملة لظروف معينة لم يعد لها قيمة وسط الالتزام الأدبي والأخلاقي وحق الموتى والجرحى ودمائهم بضرورة صونها والوقوف دفاعا عنها موقفا نبيلا أمام ثلة من المجرمين.

أنظمة تبيد شعوبها بدم بارد لن يكون لديها خوف ولا رادع أن تؤذي شعوب غيرها بأي أسلوب وبكل الوسائل، هكذا عاشت، وهي اللغة الوحيدة التي تعرفها.

إنها حرب جديدة تواجهها السعودية لا تقل أهمية عن الحرب التي دشنتها بكل قوة وجدية ذات يوم على الإرهاب والفئات الهمجية الضالة والباغية وكللت بالانتصار.

حذر من نوع جديد مطلوب أن تكون عليه السعودية على كل الأصعدة وعلى كل المستويات لأن نظام الأسد يحتضر، وحشرجة الأسد تعني أنه على استعداد لعمل أي شيء لقناعته أن ذلك سيطيل من عمره وهو بذلك موهوم وعلى ضلالة.