عبدالله العوضي
منذ احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، لم تتخل دولة الإمارات عن رقيها الدبلوماسي في مطالبتها بالحق الشرعي في استعادة الجزر المحتلة.
ولم تنسق يوماً لمجاراة التصعيد المستفز في الخطاب الإيراني، الذي يخالف الأعراف الدبلوماسية، في التعامل والتعاطي مع قضية الجزر المحتلة من قبل إيران منذ عقود.
إن نبرة التصعيد يلاحظها كل متابع، ولا تعكس سوى مزيد من استخدام التعسف، أما الحق في هذه القضية فلا تملك منه إيران شيئاً، ولو كان ذلك موجوداً من الأساس، فما الذي يمنع إيران من الموافقة على مبدأ الحوار الثنائي، أو اللجوء إلى الحل الدولي في الذهاب إلى محكمة العدل الدولية للخروج من هذه المشكلة التي من شأنها زعزعة الأمن والاستقرار في منطقة لا تحتمل المزيد من ذلك.
إن دول العالم المحبة للسلام قاطبة أثنت على طرح الإمارات المليء بالعقلانية، باتباع سياسة حضارية من أجل مواصلة جهودها السلمية حتى تعود الجزر إليها وفق خطوات دبلوماسية مدروسة في المرحلة المقبلة.
ومن يظن أن أحجام الدول وعدد أفراد الشعوب والقوة المدججة بالأسلحة هي التي تفصل وتحدد من له الحق، فذلك الزمن قد ولى، ولو صدق ذلك بمنطق القوة ذاتها، لكان صدام اليوم باحتلاله للكويت عنوة، نموذجاً لإيران فيما تريد الوصول إليه من هذا التصعيد الذي لم يأت في وقته، فلا يوجد واقع يسمح بذلك ولا طرف يمكن استغلاله، ولا سياسة تقبل بها أية دولة عاقلة. ولا حاجة للتذكير بنتائج الفلتان في منطقة يظل دوماً استتباب الأمن فيها شرطاً لازماً لحياة الدول، وإلا لكانت الفوضى الهدامة هي المنطق السائد -لدى البعض- وهو ما لا يمكن تقبله تحت أي مبرر كان.
ولو استبعدنا ابتداءً منطق المقارنات بين إسرائيل المحتلة لفلسطين المغتصبة، وبين منطق إيران في احتلالها لجزر دولة عربية مسلمة، فإن البصير بالسياسة يدرك أنه إذا كان المبرر الإسرائيلي لاحتلال فلسطين مرفوضاً وفق كل الأنظمة والتشريعات الدولية العادلة، فإن فعل الاحتلال الإيراني لجزر الإمارات أشد رفضاً، لاشتراكنا مع إيران في الدين الواحد، وحسن الجوار وتبادل المصالح المشتركة التي لم تنقطع يوماً، على رغم وجود هذه المشكلة السياسية التي يقوم نظام إيران في كل مرة بإثارتها وكأنها لا تعيش مشاكل غيرها ولا تجد ما تشغل به الرأي العام غير استمرارها في احتلال الجزر.
إن الإمارات دولة مسالمة ولم تعاد ولم تهدد يوماً نظام إيران في أدنى مصالحه، وإن كانت طهران تدير سياستها الخارجية وفقاً لأسلوب استعداء الآخرين، فهو منطق لا ينم عن القوة الذاتية، بقدر ما هو إعلان للداخل الإيراني المضغوط من كل جوانبه وكأن الجزر الإماراتية المحتلة هي الورقة الأخيرة التي تريد بها إيران كسب قلوب وعقول الشعب الذي يعاني من شدة العقوبات الدولية المتوالية على النظام، فهل يعي عقلاء ساسة إيران بأن التصعيد في أزمة جزر الإمارات في هذا الوقت بالذات، لن يفيد طهران في شيء، مهما تلاعبت بعض الأطراف بالعواطف القومية للشعب الإيراني الذي يدرك حقيقة ما يدور من حوله.
التعليقات