موسكو ـ rlm; سامي عمارةrlm;

تعكف الاوساط السياسية في العاصمة الروسية علي دراسة حصاد سنوات حكم الرئيس المنتهية ولايته ديمتري ميدفيديف انطلاقا من اعترافاته التي ادلي بها في خطابrlm;'rlm; الوداعrlm;'rlm;،

وفي مقدمتها العجز عن مواجهة الفساد والفشل في تحقيق التنمية المنشودة وتحديث روسيا, في الوقت الذي ثمة من يعزو فيه ما تحقق من انجازات اقتصادية واجتماعية الي' الشقيق الاكبر' فلاديمير بوتين الذي كان عهد اليه برئاسة الحكومة الروسية.
استهل الرئيس ميدفيديف فترة ولايته بالعديد من التصريحات المفعمة بالآمال في تحقيق التغيير, واحراز التقدم والانتقال بروسيا الي مصاف الدولة العصرية. ولذا يكون من الطبيعي اعتبار ما أعلنه ميدفيديف في اول خطاب رسمي تقدم به الي الامة في عام2008 برنامج عمل يمكن القياس عليه لدي حسابات الانجازات والاخفاقات. وكان ميدفيديف اعلن عن تحديث البلاد وتجاوز اعتمادها علي صادراتها من الطاقة المواد الخام, ومكافحة الفساد ضمن اولويات برنامجه, فيما عاد في ثاني اعوام ولايته واودع هاتين المهمتين مقاله الشهير روسيا الي الامام الذي انتقد فيه فترة حكم بوتين ولا سيما فيما يتعلق باعتماد اقتصاد روسيا علي صادراتها من الطاقة والمواد الخام مشيرا الي تخلفها التقني وحاجتها الي الكثير من الاستثمارات الغربية ولاسيما في مجال التكنولوجيا العصرية, الي جانب ادانة ظاهرة التسلط الاداري والامني وغياب الديمقراطية وانحسار الحريات وتجاوزات الاجهزة الرقابية. واذا كان بوتين سبق واعترف لدي رحيله عن الكرملين بان الفساد كان المشكلة الرئيسية التي استعصت علي الحل خلال فترتي ولايته, فان ميدفيديف لم ينكر بدوره عجزه عن تحقيق ذات المهمة فضلا عن اعترافه بالفشل في تحقيق الكثير من خطط البناء والتنمية واللحاق بركب الدول المتقدمة الي جانب ضمه للتخلف والفقر الي الفساد ضمن قائمة الكوارث التي تتهدد روسيا رغم كل الوعود التي سبق وامطر بها مواطنيه بالعمل علي تجاوزها.وثمة من يقول اليوم وفي اعقاب خطابه الوداعي في مجلس الدولة ان ميدفيديف يغادر الكرملين وهو في ادني مستوي من الشعبية ومع ذلك يضطر الي قبول تكليف سلفه بوتين حول زعامة الحزب الحاكم الي جانب رئاسة الحكومة وهو ما ينذر بالكثير من المخاوف لدي الشارع الروسي الذي سئم تجارب التوريث في وقت تبدو فيه المعارضة في اوج ضعفها وتشرذمها وإن تحاول العودة من جديد من خلال اصرارها علي الخروج الدوري الي الشارع تحت شعارات المطالبة بالتغيير.
اما عن ليبرالية ميدفيديف التي طالما روج لها انصاره ومؤيدوه في الداخل والخارج فقد بدت في واقع الامر خلال السنوات الاربع الماضية اشبه بـ'حلم ليلة صيف' سرعان ما تبدد تحت وطأة تسلط الحزب الحاكم, وإن استطاع تمرير العديد من القرارات الرامية الي اصلاح النظام السياسي ومنها ما يتعلق بحرية تشكيل الاحزاب والعودة الي نظام انتخاب المحافظين.وتلك كلها مؤشرات تقول باحتمالات رحيل مبكر لميدفيديف وعودة غريمه الكسي كودرين وزير المالية الذي اقاله ردا علي انتقاده لسياساته ورفضه لمواصلة العمل معه في حال تكليفه برئاسة الحكومة. وبغض النظر عن كل اوجه القصور التي اعترف بها ميدفيديف,فقد حققت روسيا الكثير من الانجازات التي سبق واوردها بوتين في تقريره الختامي امام مجلس الدوما فضلا عما استطاع ميدفيديف تحقيقه علي صعيد الخارج وهو كثير, وفي مقدمته قرار الحرب ضد جورجيا في اغسطس2008 ردا علي غزوها لاوسيتيا الجنوبية والذي ثمة من اعتبره اعلانا واضحا عن اصرار روسيا علي الدفاع عن مصالحها الجيوسياسية في المنطقة. وفي ذات الاطار يمكن ايضا تناول ما تحقق من تقدم علي صعيد توطيد روسيا لعلاقاتها مع بلدان الفضاء السوفييتي السابق علي صعيد التكامل واقامة الفضاء الاورواسيوي مع قزخستان وبيلاروس والمنتظر ان يضم ايضا عددا من بلدان اسيا الوسطي مع حلول عام.2015 وفي ذات الاتجاه يمكن الاشارة الي التقارب مع بلدان مجموعة بريكس( روسيا والبرازيل والصين والهند وجنوب افريقيا) التي طالما بدت ككتلة تصويت واحدة في مجلس الامن في الفترة الاخيرة, فضلا عن وزنها وقيمتها الاقتصادية والبشرية. علي ان ذلك لا يطمس ما اعتبروه ضمن اخطاء ميدفيديف لدي معالجة الازمة الليبية, وهو ما عاد ليتداركه تحت ضغط بوتين الذي طالما انتقد السير في ركاب الناتو والغرب لدي مواجهة الانظمة الحاكمة في بلدان الربيع العربي. ويذكر المراقبون استخدام روسيا لحق النقض لدي التصويت علي اثنين من مشروعات القرارات التي تقدمت بها الدول الغربية والعربية حول سوريا, دفاعا عن مواقفها ومصالحها في المنطقة, فضلا عما اتخذته لاحقا من مواقف علي صعيد معالجة سبل الخروج من الازمة السورية والبحث عن حلول سلمية لحل مشكلة ملف البرنامج النووي الايراني من خلال خطة لافروف للحلول المرحلية. اما عن العلاقات مع الولايات المتحدة يتوقف المراقبون عند اعتبار ميدفيديف لاتفاقية الحد من الاسلحة الاستراتيجية ستارت-3 التي وقعها مع نظيره الامريكي اوباما في عام2010 انجازا استراتيجيا, قال انه استطاع من خلاله التوصل الي حلول لتفادي تداعيات مخطط نشر الدرع الصاروخية في بلدان شرق اوروبا علي مقربة مباشرة من الحدود الروسية. غير انه سرعان ما أدرك سقوطه في شرك خداع سبق وحذر منه الكثيرون في الداخل الروسي, الامر الذي يؤكد بعد نظر سلفه بوتين الذي سبق واعلن عن سلسلة من الاجراءات ثمة من يقول انها ستعود الي صدارة اللقاء المرتقب بين بوتين ونظيره الامريكي اوباما في واشنطن في مايو المقبل.