فرحان العقيل
ضمن مقررات الدراسة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كنت ملزماً بشرف حفظ جزء من كتاب الله الكريم في كل فصل دراسي ولم يكن من معين لي على الحفظ السليم تجويداً وتلاوة سوى الاستماع إلى تلاوة الشيخ عبدالمحسن العبيكان في أشرطة مسجلة كانت تلازمني في السيارة. كان ذلك قبل العام 1990م عندما كان الشيخ قاضياً وداعية وإماماً لأحد مساجد الرياض. وحيث صدر أمر ملكي يوم الجمعة الماضي بإعفاء الشيخ من منصبه كمستشار في الديوان الملكي السعودي بمرتبة وزير بعد الضجة الإعلامية التي أعقبت تصريحاته الإعلامية لإحدى الإذاعات والتي تعرض فيها لجوانب هامة في المجتمع السعودي حيث كان فضيلته يرى من وجهة نظره أن المجتمع السعودي مختطف في إعلامه ومراسه من التغريبيين الذين يحاولون الحيلولة بين الملك ومجريات الأحداث في البلاد بقلب الصور أمام الملك ونهب المشروعات وإبراز المجتمع في صورة مغايرة لموروثه وعقيدته مستشهدا بدور بعض الإعلاميين واصطحاب وزير العدل لبعض النساء في رحلته الأخيرة إلى أمريكا مما يضر بسمعة مؤسسة القضاء السعودية. وحيث حسب كلام الشيخ العبيكان عند بعض العامة نوع من المصارحة الجريئة التي يقول عنها إنه استخار في صلاته قبل الخوض فيها ولما انشرح صدره وجد من اللازم البوح بما يريد بعد أن عجز عن إيصال رأيه للملك وهو المستشار في مؤسسة الحكم. فيما في المقابل ظلت الصحف السعودية منذ يوم الأربعاء الماضي تكيل لتصريحات الشيخ الكثير من النقد المباشر مثلما ظهر في مقالة رؤساء تحرير الصحف السعودية وعدد من الكتاب وهو ما حسب تمهيداً لإقالته التي صدرت الجمعة الماضي. وحقيقة كانت تلك الضجة حول الشيخ العبيكان وتصريحاته مستغربة في المجتمع السعودي أعيد فيها الحديث حتى حول فتاوى الشيخ حول رضاعة الكبير والمعالجة عند السحرة كما هو مستغرب أيضاً أن تصدر مثل تلك التصريحات من رجل بتاريخ ومنصب الشيخ وعلمه فهو قريب من مؤسسة القرار كما أن المناصحة في المجتمع السعودي غالباً ما تتجنب المشاهرة والعلنية حرصاً على الشكل العام في المجتمع سوى أن الشيخ quot; شق الجربة quot; كما يقال وأظهر مالا يجب أن يظهر إن كان موجوداً في الأصل حسب رأي حزم النقد الصحفي اللاحق لتصريحاته. فخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز له مجلس أسبوعي يلتقي فيه بالعلماء وأهل الرأي كما أن قنوات التواصل متاحة بين الملك وأقصى من يكون من مواطنيه باللقاء المباشر والمكاتبة. أيضا لا ينفي أحد القصور في الأداء والممارسات وربما لذلك تشكلت هيئة مكافحة الفساد بصلاحياتها الواسعة التي مُنحت من الملك مباشرة. وكما امتدح الشيخ العبيكان خادم الحرمين في شخصه وعاطفته المحبة للخير والصلاح وذكر حسب اللقاء الإذاعي أنه يبادل الملك الحب ذاته وقد أسر له بأن يسلم ما يرغب فيه إليه شخصياً. ولكن لعل في الأمر ما أوصل الشيخ العبيكان إلى هذه المرحلة من البوح العلني فنحن في المملكة لا ننزه الجميع من مسؤولين وعلماء وأصحاب رأي بل وهناك أيضاً من يستغل الظروف ويوظفها لمصالح ذاتية وعلى ذلك يستشعر الجميع المرارة حين ظهور مثل تلك الملابسات في الرأي والتداول العلني حولها في ظروف تعد الأخطر تاريخياً في البلاد وعموم المنطقة لذلك لن يكون مجرد إعفاء الشيخ العبيكان خاتمة لمسلسل تداول الآراء وتناقضها فتلك من سنن الحياة عموماً ومجتمعاتها بيد أن الحكمة في العودة إلى الصواب من الجميع سواء مسؤولين ومستشارين ودعاة وعلماء حفاظاً على الوطن وقيادته بالتنزه عن الشبهات واحترام الأمانة والمسؤولية وبذل المناصحة في سبلها المعتادة محلياً
- آخر تحديث :
التعليقات