راجح الخوري


مرة جديدة نستمع الى مسخرة حديث المسؤولين عن quot;رفع الغطاءquot; عن المسلحين الذين يحاولون احراق طرابلس، ربما تأكيداً لنظرية بشار الاسد التي تكرر القول ان اسقاط النظام السوري سيشعل الشرق الاوسط!
الواقع المؤسف ان ليس في المنطقة من هشيم إلا الهشيم الطرابلسي يمكن ان يوفر ترجمة لهذه النظرية، ليس لأن النار تنام في بعض احياء هذه المدينة المختطفة، بل لأن الهشيم الحقيقي يتمثل في عقول بعض المسؤولين اللبنانيين الذين يبدو من سياق الاحداث المتكررة في طرابلس، انهم مجرد تجّار للأغطية يوفرونها للمسلحين هنا الآن ويرفعونها عنهم غداً هناك، وهو ما يشكل اعلاناً وقحاً عن سقوط الدولة وقد سمعناه دائماً عبر شعار quot;الأمن بالتراضيquot;.
اشتباكات اليومين الماضيين لن تكون الاخيرة، لكن ما يدعو الى القلق هو تلك الوقائع البغيضة التي لا تصدّق وقد طرحت في سياق بحث المسؤولين في نشر القوى العسكرية لوقف الاشتباكات، وخصوصاً اذا صح ان البعض اقترح انزال الجيش في quot;المحور السنيquot; أي باب التبانة وإرسال قوى الامن الى quot;المحور العلويquot; [ومع اعتذاري فانني استعمل التوصيف المذهبي للمحورين من منطلق كشف خفة البعض في معالجة اللغم الطرابلسي].
مع انفجار الازمة السورية بدأت النار تعسّ تحت الرماد في طرابلس، التي يراد لها ان تكون لغماً يمكن تفجيره من بُعد. ومع تكرار الاشتباكات وسقوط الضحايا بدأت التحذيرات العربية والدولية من ان تشكل المدينة معبراً للنار السورية الى لبنان، لكن ما لا يصدق ان هذه الحكومة البائسة وفيها اربعة وزراء طرابلسيين اضافة الى رئيسها، تعاملت مع هذا اللغم على طريقة المياومة او الإكراء ولم تذهب الى اعتماد الحلول الجذرية التي تضع حداً للسلاح والمسلحين. وهكذا بدلاً من ان تجتمع في السرايا لتسهر على تطبيق خطة جاهزة لمشكلة معروفة اجتمعت في منزل رئيسها لتصدر بياناً يذكرنا بقصة اقرأ تفرح جرّب تحزن:
quot;على الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي اتخاذ كل الاجراءات الحازمة لوقف الاشتباكات... على جميع القيادات في المدينة سحب الغطاء السياسي عن كل العابثين بالأمن...quot;!
ولكن السؤال المؤلم يا طرابلس:
كيف يسوّل هؤلاء المسؤولون لأنفسهم استعمال كلمة quot;علىquot; الجيش وقوى الأمن اذا كانت مرتبطة بكلمة وquot;علىquot; قيادات المدينة سحب الغطاء؟ وزيادة في المرارة، كيف تقبل حكومة quot;طرابلسية المنشأquot; بأن تكون لديها قائمة بأسماء المسلحين الذين يفجرون الوضع فلا تعتقلهم بل تدعو الى سحب الأغطية عنهم؟ وهل كثير إذا استعرنا من الجنرال عون قوله: سحب الله ألسنتكم؟